علا الفارس: البساطة والجرأة أسلحتي على الشاشة

محامية وصحفية ومذيعة منذ كانت في الـ 16 عاماً
03:18 صباحا
قراءة 5 دقائق
حوار: أمل سرور
عندما تقف أمامها وتنظر إلى عينيها مباشرة، لا تصدق أنها تلك الشخصية التي تخفي وراءها كل هذا الثراء والزخم الثقافي والفكري، بل إنها مجرد طفلة صغيرة شقية لا تحمل بين ملامح وجهها سوى براءة ونقاء وبكارة الصغار . ما أن تقترب منها إلا وتضبط نفسك متلبساً بالوقوف انتباهاً أمام حديثها الواثق والمعبر عن نفسه بجدارة، البساطة والتلقائية والصدق والمباشرة والصراحة والجرأة أدوات تسلحت بها من أجل الوصول بسرعة البرق إلى قلوب مشاهديها .
هي تلك الفتاة التي أنهت دراستها المدرسية مبكراً فكانت من أصغر خريجي الجامعات بعمر ستة عشر عاماً . تخصصت في القانون إلا أن شغفها بصاحبة الجلالة وإتقانها للشعر والكتابة دفعاها دفعاً إلى أن تتألق وتدخل إلى عالم الشهرة، وتدق أبواب النجومية من خلال العديد من البرامج التلفزيونية لتحصل على لقب اصغر مراسلة عربية في الشرق الأوسط . هي صاحبة نشرة المساء، ونجمة دنيا المال، بحنكتها وبذكائها رصدت "الهاربون من الموت عبر الطريق إلى أمريكا" . حاصدة الجوائز من درع الشباب المبدع في الكويت إلى أجمل مذيعة عربية مروراً بأبرز شخصية إعلامية أردنية وحتى أكثر مذيعات قناتها المفضلة تأثيراً وأناقة .
هي كما تلقب نفسها "ابنة إم .بي .سي" المتألقة علا الفارس التي أنقل حواري معها عبر السطور الآتية:
* محامية وصحفية وكاتبة وشاعرة ومذيعة، هل لي أن أقترب من تلك التركيبة أو الحالة الإنسانية التي نجحت في أن تكون كل ما سبق في مثل هذا العمر الصغير؟
- بابتسامة هادئة أجابتني: بداية أحمد الله سبحانه وتعالى على ما وصلت إليه، وأفصح لك أن تلك الحالة كما لقبتِها، سرها المباشر والصريح أنني بدأت مبكراً عندما انتهيت من دراستي الجامعية في عمر ال 17 عاماً، ولكنني كنت أحلم بأن أكون إعلامية وتحديداً صحفية، والحقيقة أنني واجهت العديد من الصعوبات مع أسرتي خاصة أنني تربيت في بيت سياسي من الدرجة الأولى، وكنت الابنة الوحيدة وسط 7 شباب، وفعلياً أنا لم أبحث عن الشهرة بل هي التي جاءتني، خاصة أن بنات جيلي اللاتي كن في مثل عمري كانت أقصى أمانيهن أن يكن مطربات أو عارضات أزياء، في الوقت الذي كنت أحلم فيه أن أكون صحفية ناجحة أخدم الآخرين لأشعر بأنني أحمل رسالة هادفة تدعم المجتمع الذي أعيش فيه، هكذا علمني والدي، رحمة الله عليه، حيث كان يقول لي دائماً كلما أحسست بالنجاح وحققت خطوات في سلم المجد، ذهبت إلى الناس وعشت وذُبتِ معهم، فلقد وصلت إلى قمة النجاح، ولا أنكر أنني في بعض الأحيان أشعر بأنني في خطر عندما أحس بنجوميتي أكثر من اللازم، ولكنني سرعان ما أقوم "بتهذيب ذاتي" وهو أكبر سلاح لدي، وأجدني أسافر للبسطاء وأقف مع المظلومين وأنقل معاناة المشردين، لذا لا أستغرب نفسي عندما أذهب إلى الحدود السورية أو لبنان أو أي منطقة ساخنة في وطننا العربي، لأن تلك هي ليست رسالتي فحسب بل هي هدف لكل من قرر أن يعمل في مجال الإعلام، ولا يسعني سوى أن أقول إنني ابنة الميدان، لا أجد نفسي ولا أحققها سوى وسط الناس وفي قلب هموم ومشاكل الجمهور .
* لا أعرف لماذا انتابني إحساس بأن أسرتك وتحديداً والدك له نصيب الأسد كما يقولون في التأثير في حياتك؟
- أبي كان حياتي . قالتها وانتابها الصمت لثوان معدودة، ولكنها سرعان ما استردت عافية صوتها، واستطاعت أن تسيطر على تلك الدمعة التي كادت أن تنهمر على خدها لتكمل حديثها قائلة: والدي هو معلمي الأول والأخير، لقد نشأت وتربيت في أجواء سياسية من الطراز الأول، كان جدي "عبد الرؤوف محمد الفارس" أحد صناع القرار في عام ،1958 حيث عمل نائباً في الاتحاد الهاشمي العربي حين دخل العراق مع الأردن في كيان غير اندماجي أطلق عليه "الاتحاد الهاشمي العربي" إضافة إلى عمله كنائب في مجلس الأمة الأردني، هذا عن جدي، أما والدي "تحسين عبد الرؤوف الفارس" فتاريخه السياسي يحتاج إلى مساحة من الوقت لكي أسرده لك، ولكنني ألخصه عندما أقول إنه انتخب نائباً في البرلمان الأردني عام 1985 وعند تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية عام 1993 عمل كمستشار خاص للرئيس الراحل ياسر عرفات كسياسي مستقل لا ينتمي لأي حركة، وتعرض لمحاولة اغتيال فاشلة ثم توفي عام 1999 في الأردن، وكانت لحظة عصيبة لن أنساها طوال حياتي ورغم مرور سنوات طويلة إلا أنني لم ولن أنسى الجنازة العسكرية التي أقيمت له والتي شارك فيها الأمير حسن بن طلال، تلك هي تفاصيل البيت الذي تربيت فيه ورأيت العالم من خلاله، وهذا بالطبع أسهم كثيراً في رفع وعيي وفي نمو إدراكي ومعرفتي بما يحدث من حولي في مختلف بلدان العالم مبكراً، ورغم أنني بدأت حياتي مراسلة ثم مذيعة إلا أنني أحببت السياسة رغماً عني، فلقد كانت بالنسبة لي مثل الماء والهواء خاصة أنني كنت أرى الوزراء والمسؤولين والقادة في منزلنا، وكثيراً ما كنت أستمع إلى المناقشات الساخنة التي كانت تدور وأستفيد منها إلى الآن، لذا دائماً ما أقول إنني أحب السياسة بالفطرة .
* أسألك عن لحظة وفاة الأب:
- من أصعب ما يمكن، هي لحظة انكساري، فقدت ضلعاً من ظهري، وتلك هي اللحظة الفارقة والحاسمة التي غيرت مسار حياتي تماماً، فأنا أعلم جيداً بأنه لو كان على قيد الحياة الآن لكان أشد فخراً وتألقاً بي، ولولا وفاته لما كنت حققت نجوميتي لأنه كان دائماً هدفي وضالتي المنشودة، عدم وجوده هو أكثر ما حفزني للعمل والجهد والمثابرة من أجل تحقيق ذاتي فقط لأرفع اسمه عالياً، وهذا ما لم يحققه الشباب من إخوتي الذين عملوا طيارين ومهندسين، لكن اسم تحسين الفارس أنا الذي رفعته وحافظت عليه .
* ماذا لو غيرنا مجرى الحديث وانتقلنا إلى صميم عملك ألا وهو الإعلام الذي تشير إليه غالباً الأيدي بأنه المحرض والمدمر والمنحاز، خاصة في الأحداث التي تمر بها المنطقة العربية، ما تعليقك؟
- مع الأسف الشديد إن عالمنا العربي غالباً ما يردد ويقتنع بنظرية المؤامرة، وبالأجندات، ومع الأسف أيضاً إن الإعلام العربي سقط وكان لديه الكثير من الكبوات في الثورات العربية، والكثير من الوجوه الإعلامية انكشفت على حقيقتها خاصة عندما تحولت في مواقفها تحولاً سريعاً، وكأن إعلامنا قد أصابه الانفصام، تلك الحالة هزت ثقة المتلقي به، ولكن في النهاية تبقى هناك نماذج جيدة وصادقة، وبوادر أمل مازالت تدق على الطريق من أجل الأوطان وليس من أجل المصالح والتربح السريع .
* قبل أن نختم حوارنا هل لي أن أسالك عن تلك العلاقة التي أشبهها بالحبل السري ما بينك وبين "إم .بي .سي"؟
- ابتسمت قائلة: ثلاثة حروف قلبت حياتي، عرفتها منذ أن كان عمري 16 عاماً، وإلى اليوم مهما خرجت وابتعدت فإنني أقولها دائماً إن من يغرد خارج "إم .بي .سي" فهو يغرد خارج السرب، هي صانعة النجوم، أعطتني انتشاراً وأنا أعطيتها عمري وشبابي، وبكل الفخر سعيدة أنني استطعت أن أترك علامة في قلوب الجمهور من خلالها .
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"