نصارى القدس تمتعوا بالحرية في ظل الدولة العثمانية

“الروم الأرثوذكس” كانت أكثر الطوائف نفوذاً
13:35 مساء
قراءة 3 دقائق

يدور كتاب نصارى القدس دراسة في ضوء الوثائق العثمانية حول الأحوال العامة للنصارى في القرن التاسع عشر في ضوء معطيات سجلات محكمة القدس الشرعية في القدس العثمانية. وتطرق الكتاب إلى طوائف النصارى التي عاشت في مدينة القدس كطائفة الروم الأرثوذكس، وطائفة الروم الكاثوليك، وطائفة الأرمن، واللاتين، والأقباط، والأحباش، والسريان، والبروتستانت، والموارنة. وجال الكتاب في الأحوال الشخصية للنصارى، فتعمق في زواجهم وخطوبتهم وطلاقهم، وحجم الأسرة، ومكانة المرأة والملابس(ملابس الرجال والنساء، وزينة المرأة).

كما تطرق المؤلف د. أحمد حامد إبراهيم القضاة إلى محلات النصارى ودورهم في الإدارة والتعليم وحياتهم الاقتصادية و مقابرهم ومآتمهم وأعيادهم. وتحدث الكتاب الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية في بيروت عن اهتمام النصارى بزيارة الأماكن التي ولد وعاش فيها السيد المسيح، وعما حفز النصارى على الحج كالرغبة في القيام بواجب ديني والتكفير عن خطاياهم وغفران ذنوبهم، وبيع السلع التي يحملونها، وكانوا في أثناء أدائهم مراسم الحج وطقوسه يرتدون الملابس البيضاء، إظهاراً للرغبة في التطهر من الذنوب والتخلص من الخطايا، وشكل الحج مورداً مهماً من موارد الكنيسة والأديرة.

وتناول الفصل السادس من الكتاب موقف الدولة العثمانية من النصارى خلال القرن التاسع عشر وعلاقة طوائف النصارى ببعضها والعلاقات بين النصارى والمسلمين وتوصلت الدراسة إلى مجموعة من النتائج منها:

انقسم النصارى إلى مجموعة من الطوائف، ولكل طائفة اعتقاداتها وآراؤها الدينية وطقوسها ورجال دينها وكنائسها ومدارسها.

كانت طائفة الروم الأرثوذكس أكثر الطوائف نفوذاً في المجالات الاقتصادية بحكم الأراضي التي امتلكوها، ومشاركتهم في أغلب الصناعات والمهن مقارنة مع أبناء الطوائف الأخرى، والإدارية بتوليهم الوظائف المالية والقضائية، والدينية بسيطرتها على أغلب الأماكن المقدسة، وتقدّمها على الطوائف الأخرى بإجراء الطقوس الدينية في الحج والأعياد، باعتبارها أقدم الطوائف وجوداً في القدس ولكثرة أتباعها، ودعم الدولة العثمانية والروسية لها.

لم تضع الدولة العثمانية عقبات أمام رعاياها من النصارى؛ بل أتاحت لهم قدراً كبيراً من الحرية، حتى إن تعليمات فرض القيود على النصارى في مجال الملبس وركوب المطايا كانت لهجتها أقوى من تطبيقاتها، فكانت القيود الاجتماعية التي فرضت عليهم شكلية في الغالب.

حقق الحكم المصري لبلاد الشام (1831 1840م) قسطاً من المساواة الاجتماعية، وأتاح للكنائس فرصة للنمو والتطور، ولم يعد بوسع الدولة العثمانية التراجع عما تمّ في عهد محمد علي باشا، بالإضافة إلى تدخل الدول الأجنبية والقناصل لحماية الطوائف النصرانية، فأصدر السلطان خط شريف كولخانة عام 1839م، وخط التنظيمات الخيرية عام 1856م ، فأكد الخطان المساواة بين رعايا الدولة العثمانية بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية.

ساهم النصارى في الحياة الاقتصادية، فكان لهم دور واضح في المجال الزراعي من خلال امتلاكهم مساحات واسعة من الأراضي الزراعية إلى جانب تخصصاتهم التي أبدعوا فيها، فأنتجوا كثيراً من الصناعات المقدسية التي لها شهرة بالغة في الأسواق الداخلية والخارجية، بخاصة صناعة التحف الدينية والصدفيات، والشموع وغيرها.

ساهم النصارى في أجهزة الحكم والإدارة من خلال عملهم في الجهاز المالي، وفي الجهاز الإداري، كبلدية القدس، ومجلس الشورى، ومجلس إدارة لواء القدس، وفي الجهاز القضائي من خلال عملهم في محكمة البداية والتجارة.

تمتع النصارى بالحرية الدينية من خلال إنشاء الكنائس والأديرة وترميمها، ووقف الأوقاف الذرية والخيرية على أفرادها وكنائسها. وحج عدد كبير من النصارى للقدس، واحتفلوا بأعيادهم مع حرص الدولة العثمانية على توفير الأمن للزائرين النصارى في أثناء الاحتفالات الدينية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"