عادي
تدعم إقبالهم على التعلم والتحصيل الجيد

البيئة التربوية الجاذبة تكبح سلوك الطلبة السلبي

01:26 صباحا
قراءة 4 دقائق

أكد مختصون في القطاع التربوي والتعليم العالي أن تحقيق البيئة المدرسية الجاذبة ضرورة حتمية للوصول إلى بيئة تربوية تعليمية عصرية ملائمة لكل مرحلة عمرية للطلبة، تلبي احتياجاتهم وتنمي مهاراتهم، وفق متطلبات العصر مع الحفاظ على قيم وأخلاقيات مجتمعهم، ضمن بيئة يكون التلميذ محورها والمعلم قائداً لها .

ويرى عدد من التربويين أن إحلال التنويع والتجديد والبحث عن عوامل الجذب للطلبة وتكريسها وتطويرها ينبغى ان تكون الشغل الشاغل لإدارات المدارس، وأن تقدم لها الجهات المعنية الدعم المادي والمعنوي، بما في ذلك مؤسسات المجتمع المدني المدعوة أكثر من أي وقت مضى إلى شراكة حقيقية مع التربية والتعليم في إعداد جيل المستقبل وتحسين مستوى مخرجات التعليم .

قال الدكتور نصر عارف رئيس قسم الدراسات الإسلامية بجامعة زايد إنه ينبغي أن تتوافر للمدرسة مبان مدرسية مصممة تصميماً عصرياً توفر عوامل الجذب كافة، من ملاعب ومكتبات تمكن إدارتها من تنفيذ أنشطة تربوية جاذبة كالمسابقات الرياضية والثقافية، إلى جانب الرحلات العلمية التى ينبغى أن تنظم طوال العام . وألا ينحصر نشاط المدرسة داخل جدران الفصول فحسب، بل يجب أن يمتد إلى خارج أسوارها وألا يتم التركيز على المواد الدراسية العلمية فقط، وإهمال الأنشطة الأخرى مثل التربية الفنية والموسيقية والرياضية، حيث ينبغي أن تأخذ هذه الأنشطة حقها، مؤكداً ضرورة وجود المعلم القادر على خلق علاقات ودية مع طلابه، تتجاوز حدود التلقين وإعطاء المادة فقط .

وأشار إلى أن مدارسنا الحالية خليط، فبعضها لايترجم معنى البيئة المدرسية الجاذبة، وتنحصر وظيفتها في المجال التعليمي، ولا تترك مساحة للترفيه والمتعة والترويح عن النفس، لافتقارها للملاعب، وهذا ينطبق على معظم المدارس الخاصة، فيما توجد مدارس حكومية كثيرة تتوافر فيها الإمكانات ولكنها بحاجة ماسة لإعادة تأهيل كوادرها التعليمية وفي الوقت نفسه عليها أن تسعى لراحة المعلمين واستقرارهم، وألا يشعر شاغل مهنة التدريس بأنه أقل مستوى من أقرانه في مهن أخرى، ووضعه الوظيفي غير آمن، وعلاقته مع إدارته غير مستقرة، في الوقت الذي يطالب فيه من قبل إدارة مدرسته ومنطقته التعليمية ببذل الجهود والعطاء وهو يشعر بالغبن وعدم الرضا عن وضعه .

أوضاع المعلمين

وأضاف الدكتور نصر أن على الجهات المعنية السعي لتحسين أوضاع المعلمين سواء كانوا مواطنين أم وافدين، حيث إن أفضل المعلمين من أبناء الوطن هجروا المهنة بعد أن أبلوا بلاء حسناً وطيباً وكانت لهم بصمات متميزة في مجال التدريس، إلا أنهم تركوا المهنة واتجهوا إلى أعمال أخرى حكومية وخاصة، مشيراً إلى أنه ينبغي أن تكون بيئة التربية والتعليم بيئة جاذبة وذات نظرة شمولية، وليست مجرد ترقيع جزئي .

وأوضح ان مدارسنا في الدول العربية وليس الإمارات فقط، لاتأخذ بالمفهوم العلمي للإدارة المدرسية، حيث إن مدير المدرسة يختار من بين أوساط المعلمين أو الموجهين أو الاختصاصيين الذين يتم ترقيتهم وفق سنوات العمل، مشيراً إلى أن العالم تغير فهناك معاهد وكليات تخرج مديري مدارس وإداريين بعد التحاقهم بمساقات وتخصصات إدارة مدرسية لأن إدارة المدرسة لا تتم بالسليقة، بل تتطلب قيادة وتخطيط استراتيجي وقدرة على التعامل والإقناع والتفكير والرؤية المستقبلية الشاملة، لافتاً إلى أنه ليس كل معلم أو موجه بإمكانه أن يصبح مديراً لمدرسة .

ضغوط وتحديات

وقالت سميرة النعيمي رئيسة الشؤون الطلابية والتطوير في كلية الإمارات للتطوير التربوي إن مدارسنا اليوم تواجه ضغوطاً وتحدياً في التنافس مع عالم أضخم كثيراً عن إمكاناتها، وعليها خوض هذه المنافسة، مشيرة إلى أن جذب الطلاب من خلال الترفيه وتوفير أساليب المتعة يجب ألا يكون على حساب التعليم، لافتة إلى أن التحدي الحقيقي يتمثل في كيفية تحويل التعليم إلى متعة (متعة التعليم) وليس تحويل التعليم إلى (تعذيب)، مشيرة إلى أن متعة التعليم تتم من خلال تنويع أساليبه وطرق التدريس واختيار المعلم المؤهل القادر على شد انتباه طلابه من دون ملل، وخلق التفاعل مع المادة داخل الفصول، وتوفير المناهج المبتكرة والأنشطة المتنوعة والتعليم من خلال المناهج . وأضافت أنه يجب ان تكون مدارسنا جاذبة في أبنيتها الشاملة المختبرات والمكتبات الإلكترونية والملاعب الرياضية الواسعة التي تغني الطالب عن الذهاب إلى مراكز التسوق التجارية، والغرض من ذلك ليس المنافسة في اللهو واللعب والعبث وإنما كيف نحول التعليم إلى متعة في مدارسنا، مشيرة إلى أن مدارس المستقبل يجب أن تتحول إلى أندية اجتماعية مسائية وملتقى اجتماعي يستفيد من مكتباتها وصالاتها الداخلية وملاعبها الرياضية الطالب وولي الأمر لكسر حاجز العزلة بين البيت والمدرسة .

وقالت الدكتورة نبيلة أحمد علي آغا معلمة التربية الرياضية بمدرسة الظبيانية إن دراسة علمية حول حالة البيئة المدرسية وأثرها في صحة الطلبة توصلت إلى وجود علاقة طردية واضحة بين حالة البيئة المدرسية غير السوية والصحة النفسية، تتمثل في تزايد السلوك السلبي والنزوع للأعمال غير المقبولة اجتماعياً وتدني المستوى الدراسي، مؤكدة أن البيئة المدرسية بعناصرها المختلفة محدد مهم في جذب وإقبال الطلبة على التعلم والتحصيل الدراسي الجيد .

انتماء الطالب

قال محمد مرسي عبدالكريم معلم الرياضيات في مدرسة الغزالي النموذجية إنه يجب أن تكون البيئة الصفية باعثاً مهماً على انتماء الطالب للوطن، فهي التي تنمي عنده روح الانتماء لها، والدافع للانتماء لوطنه، فالطالب إذا جلس في بيئة صفية غير مهيأة له ستكون عامل هدم لأنها ستدفع به إلى المزيد من التخريب وعدم الانضباط .

وأشارت أمل المهيري، اختصاصية اجتماعية، إلى أن البيئة الصفية هي البوتقة التي يتم فيها التفاعل بين المعلم والمتعلم بواسطة مادة التعلم التي يكون النتاج الأخير فيها زيادة حصيلة الطالب من العلم، ولكي نصل إلى هذا الهدف يجب أن تتسم البيئة الصفية بالديمقراطية وتعكس احترامنا للطالب وتكون عامل جذب له .

التسرب والتأخير

فيما قال طالب عمر العطاس مدير ثانوية صير بني ياس، إن المدارس التي تجذب طلابها وتوفر لهم حياة دراسية متجددة ومتنوعة وإدارة مدرسية مستوعبة لنفسياتهم ومتطلباتهم لا تعاني ظاهرة التسرب والتأخير، لأن المشكلة تكمن في انعدام البيئة المدرسية الجاذبة في بعض المدارس، مشيراً إلى أن الاهتمام بالأنشطة المتنوعة يوفر للطالب متنفساً ويجد نفسه في أجواء متجددة وأنشطة يعبر من خلالها عن هواياته وملكاته وتكسبه خبرات جديدة ضرورية لبناء طالب واثق من نفسه يحمل شخصية مستقلة وطموحة .

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"