عادي

رحالــة أوروبــا فــي خدمــة الاستعمــار

23:07 مساء
قراءة دقيقة واحدة
1

يكشف د.محمد مؤنس عوض في كتابه «الرحالة الأوروبيون في العصور الوسطى» أن مؤلفات هؤلاء الرحالة تعكس مأزق أوروبا العصور الوسطى بصفة عامة، حيال الاعتراف بالآخر المختلف عرقياً ودينياً ولغوياً، في عصر الحروب الصليبية، لاسيما خلال القرن الثاني عشر الميلادي، فيندر أن تجد إشارة إيجابية عن المسلمين، ولا تعليل لذلك إلا من خلال روح العداء والتعصب والكراهية التي غرست في العقل الجمعي الأوروبي حيال الإسلام وأهله.

أما القرن التالي له وهو الثالث عشر، فالملاحظ أن صورة المسلمين في كتابات الرحالة الأوروبيين أحياناً تحسنت من خلال معرفة أفضل بديانتهم، ونجد مثالاً واضحاً دالاً على ذلك لدى الرحالة بوركهارد، الذي قدم إشارات مهمة عن عقائد المسلمين وموقفهم من المسيحيين.

مثلت كتابات الرحالة الخط البياني للحركة الصليبية صعوداً وهبوطاً، فعندما كان الصليبيون يسيطرون على عدة إمارات في بلاد الشام تابعة لمملكة بيت المقدس، وصف الرحالة أوضاع تلك الممالك من زوايا عدة، سياسية واقتصادية ودينية، وعندما خرج الصليبيون مطرودين من المنطقة على إثر النجاحات التي حققها المسلمون، وجدنا تلك المصادر تؤرخ لسعي الصليبيين للعودة إلى المنطقة، لإعادة استعمارها مرة أخرى.

تعد كتابات الرحالة الأوروبيون في العصور الوسطى البدايات الحقيقية لظاهرة الاستشراق، واتصال أوروبا بالشرق، وتتبع أخباره وثرواته وشعوبه، وهي كتابات كان لها دورها في ما بعد في زيادة معرفة الغرب بجغرافية الشرق، وذلك قبل أن تتحول تلك المعرفة إلى خدمة الحركة الاستعمارية الأوروبية لأقطار الشرق.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"