عادي

سكان الجزيرة العربية عرفوا الفنون والعمارة قبل الإسلام

20:05 مساء
قراءة دقيقتين
الفنون العربية الإسلامية في مصر
الفنون العربية الإسلامية في مصر

يؤكد د.عاصم محمد رزق في كتابه «الفنون العربية الإسلامية في مصر» أنه لم يعد غريباً أن يطلق البعض على فنون هذه الأمة الفنون العربية، بعد أن كان مؤرخو الفنون من المستشرقين يفضلون تسميتها الفنون الإسلامية، للدلالة على الفنون التي ظهرت وانتشرت بعد ظهور الإسلام، وانتشاره، وحجة هؤلاء أن الصفة العربية لا بد أن تستعمل للدلالة على الفن الذي لاتزال آثاره قائمة في البلاد العربية منذ ظهور الإسلام حتى اليوم، لأن الثقافة العربية سابقة على الإسلام، رغم فضل الإسلام على انتشار اللغة العربية والفن العربي عبر العالم الإسلامي، حاملاً معه مفهوماً خاصاً وشخصية متميزة.
الحقيقة أن تحديد هوية الفن العربي الذي ظهر على الأرض العربية لا تزال محاطة بكثير من الجدل والنقاش، ويرجع ذلك إلى اعتقاد البعض بأن هذا الفن ارتبط أساساً بمفاهيم الإسلام وأغراضه، واعتمد هؤلاء على أن الفن العربي هو وريث الفنون والعمارة الساسانية التي كانت سائدة في العراق وإيران، ووريث العمارة البيزنطية التي كانت سائدة في مصر والشام، يؤيد ذلك جورج مارسيه في كتابه «الفن الإسلامي» حين قال إن شخصية الفن الإسلامي ليست موضع جدل، إلا أنه، وهو آخر وليد في فنون العالم القديم، لابد أن يكون مديناً للفنون التي سبقته بالكثير، ولما كانت آسيا الصغرى هي مهد الفنون التي شهدت ازدهار أكثر الحضارات البشرية أهمية في التاريخ، فقد جنى الفن الإسلامي كثيراً من تراثها، لكنه اختار من هذا التراث ما شاء له أن يختار، وتمثل منه ما احتفظ به من عناصر، ثم أعطى لهذه العناصر المقتبسة طابعه الخاص، الذي منحها وجهاً جديداً لا يمكن به التعرف الى أصولها القديمة.
يفند الكتاب ما ذهب إليه بعض المستشرقين من أن سكان الجزيرة العربية لم يعرفوا قبيل الإسلام ما نسميه اليوم بالعمارة والفنون، فهو رأي لا يستند إلى دليل لأنه من الثابت تاريخياً أن نسبة كبيرة من هؤلاء العرب كانت تسكن المدن المختلفة مثل مكة ويثرب والطائف والحديبية وغيرها، وكانت مكة أكبر وأهم مدينة عربية في شبه الجزيرة، بسبب مكانتها الدينية، ومن المعروف أن العرب قد أولوا النحت الحجري والرخامي والخشبي اهتماماً بالغاً، لأنهم كانوا يصنعون بواسطته الكثير من التماثيل والأصنام، ليس هذا فقط، بل إن بيوت العرب أيضا كانت تضم العديد من تلك التماثيل، التي كان يصنعها المثالون المحليون في مكة ويثرب والطائف.
أما بالنسبة لفن التصوير فمن المعروف أن جدران الكعبة كانت قبل الإسلام مزينة برسوم جدارية، والحديث عن بداية تكوين الفنون العربية الإسلامية – كما يقول المؤلف – يقتضي منا أن نعود إلى الوراء، لنرى كيف كانت بداية التكوين لهذا الفن، حتى نصل إلى العصر الذي كمل فيه ونضج، فلم تتسم شخصيته بهذا النضوج فقط، بل تركت في المحيط الذي قدر لها أن تعيش فيه الأثر الواضح والملموس، فالعرب الذين ظهر الإسلام بين ظهرانيهم عرف معظمهم منذ النشأة – كما يقول ابن خلدون – بالبساطة التي انعكست فيما أقاموه في فجر حياتهم بعد الإسلام من مساجد، وما أخرجته أيديهم حينذاك من مصنوعات.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"