مفصل الفك، المنطقة التي يلتقي فيها الفك السفلي «الصدغي» بعظمة الجمجمة، ويتميز بالمرونة التي تسهل حركة الفك للأسفل والأعلى أي فتح وغلق الفم، ولليمين واليسار، ليتمكن الإنسان من الكلام والمضغ والتثاؤب، ويتكون المفصل من عضلات وأوتار وعظام، وتتحكم العضلات المتصلة والمحيطة بالمفصل في موضع وحركة الفك.
يعاني الكثيرون التهاب مفصل الفك من خلال حركة لا إرادية بالضغط على الفك؛ أي الضغط على المفصل المحمل عليه الأسنان نتيجة للتوتر العصبي
إلا أن هناك أسباباً مرضية أخرى منها وجود تشوهات خلقية، وعدم تناسق الفك العلوي مع السفلي، وتبدأ المعاناة من مشكلات مفصل الفك بصداع قوي في أعلى الأذن ويمتد إلى الفك، وبسبب الضغط على الأسنان الذي يمكن أن يحدث من دون وعي أثناء النوم، وبالتالي يلتهب المفصل وتصبح حركته صعبة، ويلجأ المريض إلى علاج الصداع وليس المسبب الحقيقي بالمسكنات التي لا تجدي، ويصيب التهاب المفصل الفئات العمرية من 40/20، والنساء بنسبة أعلى من الرجال.
أعراض التهاب مفصل الفك مختلفة، تبدأ بالألم الشديد في منطقة الفك، ويمتد إلى الرقبة والكتف، ومع تحريك الفك قد تصدر أصوات تقلق المريض وتستلزم العرض على الطبيب، ويعاني المريض مجموعة من الآلام الصعبة، في الوجه وتشتد عند الأذن التي يسمع بداخلها صوت «طرقعة»، وآلاماً في عضلات المضغ وتكون في جهة واحدة من الوجه، وشداً في عضلات الوجه مع تصلب في منطقة الفك، واصطكاك الأسنان أثناء النوم نتيجة الضغط
اللا إرادي عليها، ومن الأعراض أيضاً التهاب في المفاصل أو العظام، ومضغ الطعام بطريقة مبالغ فيها، وتآكل القرص المسؤول عن امتصاص الصدمات في مفصل الفك، وأسباب نفسية تعود إلى التوتر والعصبية والقلق.
التشخيص والعلاج
يلجأ الطبيب لتشخيص حالة فك المريض من خلال التحقق من نطاق حركة الفك والإنصات الدقيق عند غلق الفم وفتحه؛ لمراقبة صدور أصوات منه، والضغط حوله؛ للتحقق من مناطق الألم، ومع تشكك الطبيب في الحالة؛ يطلب أشعة سينية لفحص الأسنان والفك، أو اللجوء إلى أشعة مقطعية للتدقيق في نوعية المشكلة هل هي بسبب الأنسجة الرخوة المحيطة بالفك أم بسبب مشاكل في غضروف المفصل، وقد يلجأ إلى المنظار؛ ليحدد المشكلة، كما يمكن الاستعانة بالعلاج الطبيعي؛ حيث يساعد على تقليل الألم وزيادة نطاق حركة الفك وتقوية المفصل من خلال فتح وإغلاق الفم، والاستعانة أيضاً بالتدليك والتحفيز الكهربي، وقد ينصح باستخدام واقي الفم؛ للسيطرة على الضغط على الأسنان وطحنها خصوصاً أثناء النوم، وهو مصنوع من البلاستيك يتم ارتداؤه على الأسنان العلوية والسفلية بما يتناسب مع فم المريض، وفي حالات أخرى يوصي الطبيب بمرخيات العضلات؛ لتخفيف توتر الفك في حالة فشل الواقي.
يلجأ أطباء إلى الحقن بحقنة «بوتوكس» فالمادة الطبية الموجودة بها تمنع عضلات الفك من التجمد، وبالتالي تساعد على تخفيف الألم، ولكن قد يتطلب الأمر الحقن أكثر من مرة، وفي حالات نادرة يوصي الطبيب بإجراء جراحة لتصحيح الوضع للأشخاص الذين يعانون آلاماً شديدة ولم تنجح الوسائل الأخرى في تخفيف هذه الآلام بسبب مشاكل هيكلية في مفصل الفك.
تساعد الجراحة على تحريك الفك بشكل أفضل، والهدف الرئيسي منها تحسين وظيفة المفصل بإعادة القرص إلى وضعه الطبيعي، وإزالة التليف الذي يمنع المفصل من الحركة الطبيعية، وتخفيض الألم ولكن لا يضمن إزالته.
للمحافظة على صحة مفاصل الفك هناك أمور بسيطة يجب اتباعها، مثل: تجنب الإطباق بقوة على الأسنان في حالة التوتر النفسي، وضرورة مضغ الطعام على الجانبين من الفم وعدم الاستئثار بجانب واحد فقط حتى لا يتسبب في مشاكل للمفصل، وكذلك تجنب مضغ العلكة باستمرار، وعدم إرهاق العنق باستخدام الهاتف، والمحافظة على وضعية الجسم جيدة؛ من خلال رأس مرفوع واستقامة الكتفين والظهر، ويكون الوجه في حالة استرخاء.
منظار المفصل
يستعين الطبيب بإجراءات تساعد في التشخيص مثل منظار مفصل الفك الصدغى، ويقوم الجراح بإدخال المنظار- أنبوب رفيع مضاء- في مفصل الفك من خلال شق صغير في الجلد، ويتصل المنظار بكاميرا صغيرة خارج الجسم تنقل صورة عن قرب للمفصل إلى شاشة تلفزيون، ويدخل الجراح الأدوات التي يحتاج إليها من خلال المنظار
تستخدم هذه التقنية؛ لتشخيص وعلاج اضطرابات الفك الصدغي، وأثناء الجراحة التي تتم تحت التخدير يقوم الطبيب بإعادة تشكيل أجزاء من عظام الفك، وإعادة وضع الغضروف وإزالة الندبات التي فيه، وتشديد المفصل؛ للحد من الحركة وغسله، ويقوم الطبيب أيضاً بإدخال مواد مضادة للالتهابات، وبعد إتمام الجراحة يبدأ بالعلاج الطبيعي؛ للمحافظة على حركة الفك ومنع وجود ندبات.
يلجأ بعض الأطباء إلى استخدام جهاز لتحريك المفصل بلطف، كما يتم اتباع نظام غذائي للمريض من الأطعمة الناعمة والسائلة؛ بسبب محدودية حركة الفك لفترة قد تصل إلى شهر، وعلى الرغم من أهمية جراحة المنظار فإنه يحظر استخدامه عندما يعاني المريض ورماً بالقرب من المفصل، فقد يؤدي المنظار إلى انتشار هذا المرض في الفك، ولا يستخدم لوجود عدوى، أو لقرب المفصل المصاب من الأذن الوحيدة التي يمكنه السماع بواسطتها، ولو حدث خطأ في الجراحة قد تتلف الأذن، ومن ناحية أخرى تقف السمنة عائقا أمام الجراحة بالمنظار؛ حيث يصعب الوصول إلى مفصل الفك تحت الجلد والدهون.
الرد اليدوي
يسبب خلع مفصل الفك الصدغي ألماً شديداً يتعذر معه على المصاب إغلاق الفم، وقد ينجم الخلع عن صدمات مباشرة على الوجه؛ نتيجة حادث أو شجار، ويحدث أيضاً؛ بسبب فتح الفم بشكل مفرط أثناء التثاؤب أو في حالة القيئ، ويعالج خلع الفك من قبل الطبيب برده إلى مكانه بشكل يدوي؛ حيث يلف أصابع يده بقطع من الشاش الطبي، ثم يضع إصبعي الإبهام على الضروس الخلفية السفلية، ويلتف ببقية الأصابع حول جسم الفك السفلي من الخارج، ثم يضغط على الأسنان الخلفية ويدفع الذقن نحو الأعلى، إلى أن يعود الفك إلى موضعه االطبيعي، وبمجرد عودة الفك إلى مكانه، يمكن أن يطبق «ضمادة بارتون» وهي تستخدم لتثبيت الفك بشكل مؤقت بعد الكسر أو الخلع، وللحد من حركة الفك والوقاية من حدوث خلع آخر، ويحذر الطبيب المريض من فتح الفم بدرجة كبيرة لمدة 6 أسابيع على الأقل، وعند إحساس المريض بأنه على وشك التثاؤب ينبغي عليه وضع قبضة يده أسفل ذقنه لمنع الفم من الانفتاح كثيراً، كما ينبغي تقطيع لقيمات طعامه إلى قطع صغيرة، أما بالنسبة للمرضى الذين أصيبوا بأكثر من حالة خلع واحدة في الفك، يتطلب الأمر إجراء عملية للتقليل من خطر الخلع مرة جديدة مستقبلاً.
تشنج العضلات
يصاب البعض بتشنجات وآلام حادة في عضلات الفك، ويعود ذلك إلى إصابة مفصل الفك أو العضلات المرتبطة به بمشاكل صحية، مثل: صدمات الفك، وتمزق أو جرح عضلات الفك، وانزلاق قرص الفك، وطحن الأسنان، والتهاب مفصل الفك، إلى جانب الضغوط النفسية، ويوجد أكثر من أسلوب لعلاج هذه التشنجات، منها الأدوية المرخية للعضلات.
لكي تحقق هذه الأدوية النتيجة المرجوة يجب ألا تقل مدة استخدامها عن أسبوعين، ولا تزيد على ثلاثة أسابيع وتستخدم بصورة يومية.
كذلك توصف الأدوية المضادة للالتهابات، للحد من التهابات المفاصل، كما تساعد أيضاً في التخفيف من الآلام المرافقة لهذه الالتهابات، كما ينصح بوضع جهاز من مادة بلاستيكية شفافة تغلف الأسنان، ويتحرك الجهاز على الفك ويعمل على فتح العضلة السفلية لها، ويلتزم المريض بتثبيته في فمه خلال النوم؛ لمنع صك عضلات الفكين والأسنان العلوية والسفلية على بعضها.
يعد التدخل الجراحي حلاً في الحالات المزمنة لتشنج الفك، وحالات تآكل المفصل السفلي، ويشتمل التدخل الجراحي على غسل المفصل أو الجراحة الميكروسكوبية أو علاج الفك الجذري، ويعتمد اختيار أي من ذلك على طبيعة الحالة المرضية والمضاعفات المرافقة لها.
آلام الأذن
يسبب اضطراب المفصل الذي يربط بين الفكين في الشعور بضغط في الأذن؛ حيث يقع في منطقة قريبة جداً من الأذن، ويشعر المريض بآلام في الأذن وما حولها وطنين ودوار، وتزداد الآلام عند القيام بمضغ الطعام أو التحدث أو التثاؤب، وتساعد كمادات الفك الدافئة في تخفيف الأعراض والآلام لهذه المشكلة.
يفضل تناول الأطعمة اللينة التي لا تتطلب الضغط على الأسنان، وللتخلص من ألم الأذن بسبب الفك السفلي يجب مراجعة الطبيب لإجراء التحاليل اللازمة والكشف عن وجود التهاب سواء كان في الأذن نفسها أو في الفك السفلي ومفصله، ويمكن أن تساعد العديد من الممارسات في تجنب أسباب ألم الفك، يمكن وضع كيس ثلج على الفك مرة أو مرتين في اليوم للاسترخاء في العضلات وتخفيف الالتهاب وتحسين الدورة الدموية، وأيضاً تساعد المكملات الغذائية، وتجنب تناول الأطعمة التي يصعب مضغها مثل العلكة، سكاكر المضغ، التثاؤب وغيرها من الحركات المؤلمة للفك، على تقليص آلام الأذن.
صوت يرافقه ألم
يعد صدور صوت «طقطقة» مع حركة الفك مصحوباً بألم مزعج نتيجة المغالاة في تحريك وفتح الفم؛ حيث يخرج الفك السفلي من مكانه، وتظهر أعراض أخرى مسببة لهذه الحالة، من ألم في الرقبة والأذن والأسنان وصداع، وتورم الوجه والفك، وصعوبة تناول الطعام، والعلاج يكمن في العمل على التخلص من التوتر النفسي، وعلاج الأسنان في حالة عدم تطابقها في وضعها السليم داخل الفم، كما يمكن تعريض المريض لمصدر بارد وساخن على الفك بالتبادل لمدة لا تزيد على ربع ساعة لكل مصدر، وهذا العلاج يقلل من الأعراض المترافقة مع طقطقة الفك، ويستلزم أن يترافق مع ذلك مراجعة الطبيب من أجل وصفة طبية، وتبقى الجراحة الحل الأخير إذا لم تنجح الإرشادات السابقة في حل مشكلة الطقطقة.
