يروج من آونة لأخرى في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لما يطلق عليه بالطفل المعجزة الذي يولد وعلى جسده بعض الكتابات والرسومات، أو لشخص ما يمكنه من خلال الضغط على جلده أن يكتب كلمات تبقى لمدة نصف ساعة واضحة.
ويعتقد عدد كبير من الأشخاص أن هذه الحالة تعتبر خارقة، لكن في الحقيقة هي حالة مرضية، تعرف بكتوبية الجلد؛ حيث يتحول الجلد للون الأحمر عندما يتعرض لصدمة أو ضربة، وتوصف هذه المنطقة بأنها متورمة، إلا أنه في هذا المرض فإن المصاب تظهر على جلده ما يشبه الكلمات.
تعتبر كتوبية الجلد، التي تعرف أيضاً بشرى الكتابة على الجلد، من الاضطرابات التي تصيب البشرة، وتتمثل في ردة فعل فسيولوجية عند فرك الجلد أو حكه؛ حيث يلتهب جلد المصاب عند الضغط عليه، أو عند الخدش أو الفرك، وفي أحيان أخرى عند الصفع والضرب، ويعد هذا المرض من أكثر أنواع الشرى انتشاراً.
ويقول الباحثون إن السبب الرئيسي للإصابة بهذا المرض غير معروف، غير أن هناك تفسيرات منطقية توضح أن غياب آلية كبح الهرمون المسبب لحدوث التهابات الجلد وهو الهيستامين يعد العامل الأساسي لظهور هذه الحالة.
ويتماثل الكثير من المصابين بهذه الحالة للشفاء دون تناول الأدوية، ومع ذلك يمكن تناول بعض العلاجات الفعالة للتخلص من هذا المرض، وخاصة إذا كان هناك ألم وأعراض مزعجة تعوق الشخص عن أداء مهامه اليومية المعتادة بصورة طبيعية.
ونتناول في هذا الموضوع مرض كتوبية الجلد بكل تفاصيله، مع بيان العوامل والأسباب التي تقود إلى هذه الحالة، وأيضاً أعراضها التي تميزها عن غيرها من الحالات المتشابهة، ونقدم طرق الوقاية الممكنة وأساليب العلاج المتبعة والحديثة.
خلية نحل
يحك المصاب بمرض كتوبية الجلد البشرة بشكل بسيط، ويؤدي ذلك إلى حدوث احمرار في مكان الحك مع بروزه بشكل واضح؛ بحيث تشبه المنطقة المصابة بكتوبية الجلد خلية النحل، إلا أنه عادة ما تختفي العلامات في مدة لا تتجاوز 30 دقيقة.
ويجهل الأطباء والباحثون السبب الرئيسي وراء الإصابة بهذا المرض، وإن كان هناك بعض العوامل التي تحفز من ظهور الأعراض، ومنها حالات العدوى، أو تناول بعض الأدوية أو التقلبات العاطفية.
ويتعافى أغلب المصابين بهذه الحالة سريعاً، ولذلك فهم لا يحتاجون إلى تلقي أي علاج، غير أن الحالات التي تستمر معها الأعراض لفترة، أو تسبب لها إزعاجاً فمن الممكن أن يوصي لها الطبيب بمضادات الهستامين.
استجابة خاطئة
يلاحظ أن السبب الرئيسي، وراء الإصابة بكتوبية الجلد لا يزال غير معروف، وبحسب بعض الباحثين، فإن هذه الحالة ربما تعود لاستجابة خاطئة لحساسية مع عدم وجود مثير لها.
ويعتقد أن الأعراض التي يعانيها المصاب ترجع في الغالب إلى إفراز الخلايا البدينة على سطح الجلد للهستامين، الهرمون الذي يسبب حدوث التهابات في المناطق المصابة، وعندما لا يتوفر مستضدات الهستامين التي لها القدرة على كبح هذا الهرمون، فإن ذلك يتسبب بانتفاخ البشرة في الأماكن التي تضررت.
ويتسبب ضعف الغشاء الذي يحيط بالخلايا البدينة في انهياره بشكل سريع تحت الضغط الجسدي، وبالتالي يتسبب بردة فعل تكون شبيهة بالحساسية.
أشياء بسيطة
يمكن لبعـــض الأشـــــياء البســــيطة، أن تحفــز أعرض كتوبية الجلد، مثل الإجهاد والضغط العصبي، والعدوى بالطفيليات كالجرب، وأيضاً ارتفاع الحرارة أو التعرض للبرودة، وفي بعض الأحيان يكون سبب تحفيز الأعراض تناول بعض الأدوية ومنها البنسيلين.
وتشمل هذه المحفزات أيضاً أي شيء مــــــن الممكن أن يســــبب ضغطاً على البشرة المكشوفة، كساعات اليد والنظارات، والملابس الضيقة، وشراشف السرير، وغيرها من هذه الأدوات.
ويلاحظ أن الإصابة بكتوبية الجلد تحدث في أي مرحلة عمرية، غير أنها أكثر انتشارا بين المراهقين ومرحلة الشــباب، ويعد ذروة احتمال الإصابة بـــها فـــــي العقــدين الثانـــي والثالث من العمر.
ويزيد خطر الإصابة بهذا المرض لدى من يعانون أمراضاً جلدية أخرى، كالتهاب الجلد والبشرة الجافة، وكذلك بسبب أي مرض يؤدي إلى حدوث الحكة، والتي تزداد سوءاً عند توفر درجة حرارة مرتفعة، كما هو الحال عند الاستحمام بماء ساخن.
ورم أحمر
تتسبب الإصابة بكتوبية الجلد في انهيار الغشاء الجلدي بشكل سريع، وذلك تحت الضغط الجسدي، في رد فعل يشبه الحساسية، ويؤدي إلى أن يظهر ورم أو انتفاخ على الجلد ذي لون أحمر، كما يظهر على المريض أعراض أخرى مثل الألم والحكة الشديدة.
ويظن البعض في أحيان كثيرة أن ما يعانيه المصاب بهذا المرض هو حساسية بسبب العنصر الذي خدش به، وذلك على الرغم من أن الانتفاخ الذي ظهر نتيجة لتعرضه للخدش.
وتعد هذه الانتفاخات من النوع الشرى الذي يظهر خلال دقائق، وأحياناً كثيرة من الممكن أن يكون مصاحباً لها شعور بالحكة.
مناطق أخرى
يمكن أن يؤدي أول ظهور للشرى في الجلد إلى أن تنتقل لمناطق أخرى على الجسم من غير لمسها أو خدشها بشكل مباشر.
ويتلاشى التورم في الحالات العادية خلال فترة تتراوح من ربع إلى نصف ساعة، وذلك من دون الحاجة إلى تناول الأدوية والعلاج.
وتتطور كتوبية الجلد بصورة أكثر بطئاً، وفي هذه الحالة فإنها تستمر من بضع ساعات إلى أيام، ويمكن أن تستمر لأشهر أو أعوام.
اختبار بسيط
يتم تشخيص الإصابة بكتوبية الجلد بقيام الطبيب باختبار بسيط؛ حيث يسحب خافض اللسان، وهو القطعة الخشبية المستعملة في العادة في خفض اللسان، على جلد الذراع أو الظهر.
وتظهر أحد الخطوط المتورمة أو الحمراء أو العلامات المميزة، وذلك خلال دقائق قليلة على جلد الشخص، وذلك لو كان مصاباً بهذا المرض.
تتلاشى في الغالب أعراض كتوبية الجلد بشكل تلقائي، ولا يحتاج أغلب المصابين إلى الخضوع لأي علاج، إلا إذا كانت الأعراض تسبب إزعاجاً كبيراً للمصاب.
مضادات وفيتامينات
يشمل العلاج الذي من الممكن أن يوصي به الطبيب الأدوية المضادة للهيستامين، الذي يعتبر المسؤول عن الانتفاخ والاحمرار والحكة.
ويجب الانتباه إلى أن بعض مضادات الهيستامين يمكن أن تتسبب بالنعاس، ولذلك على المريض عدم القيام بأي أعمال تحتاج إلى دقة أو قيادة السيارة أو التواجد في مهام عمل خطِرة ونحو ذلك.
ويمكن أن يساعد تناول فيتامين «ج» يومياً على تسريع تحلل الهستامين وزواله، كما أن حمض الكروموجليسيك يمنع الخلايا البدينة من إنتاج الهستامين بشكل جيد، وهو ما يخفف من ظهور الأعراض بصورة كبيرة.
نصائح للوقاية
ينصح الأطباء والباحثون الشخص المصاب بمرض كتوبية الجلد باتباع بعض النصائح والإرشادات التي تعمل على تقليل الألم الذي يعانيه، وتقي أيضاً من أعراض هذا المرض، التي تشمل تجنب كل ما يمكن أن يكون سبباً في هذه الحالة.
وتبدأ هذه النصائح بتجنب إثارة الجلد، وذلك بالامتناع عن استعمال الأنواع الخشنة من الصابون، وعدم ارتداء ملابس تكون مصنوعة من مواد تسبب الحكة وعلى سبيل المثال الصوف والملابس المصنوعة من البوليستر، وأيضاَ عدم الاستحمام بالماء الساخن، ويفضل الماء الفاتر، لأن الساخن من الممكن أن يزيد من حدة الأعراض بدرجة كبيرة ومضرة.
ويجب على المصاب بهذا المرض أو أي مرض جلدي آخر يسبب له حكة متكررة أن يتجنب خدش البشرة، لأن هذا الأمر يفاقم من سوء الحالة.
وينبغي الحفاظ على البشرة رطبة بشكل دائم، لأن الجلد الجاف يكون أكثر ميلاً للإصابة بالحكة، ويمكن المحافظة على الجلد رطباً باستخدام مستحضرات الترطيب والكريمات عقب الانتهاء من الاستحمام، وذلك استعمال بعد المواد والأعشاب الطبيعية لترطيب الجلد.
