الشركات تقفل حنفية التبرعات

00:20 صباحا
قراءة 3 دقائق

آمي جو ميللر *

في نقطة ما تتقاطع فيها الأمور وتتشابك بين الإعلام والسياسة، تطور العنف وازدهر في صفوف الحزب العريق لتعيد الشركات الكبرى النظر في خطط دعم الأحزاب السياسية ومرشحيها.

 وبين المعلومات المضللة والمؤامرات، والترويج للخوف والكراهية، شق فصيل من الحزب الجمهوري الأمريكي طريقه إلى الانقلاب. حجم هذا الفصيل وطبيعة تكوينه لا يزال غير واضح، ومع ذلك كان كافياً لشن الهجوم على مبنى الكابيتول. ونحن لا نعرف أيضاً شكل العقوبة التي سوف تفرض على من حرض ونظم ونفذ، لكن الجميع يردد نفس الكلمة موقناً بها: «كفى».

 لعل حدوث مثل هذه الهجمات في الولايات المتحدة يثير الصدمة. ومهما كان السبب، سرعان ما تنصلت عشرات الشركات من الحزب الجمهوري. فقد أعلنت كل من شركة «إيه تي أند تي» و«كومكاست» و «بلو شيلد»، وهي أكبر ثلاث شركات مانحة للجمهوريين بين عامي 2013 و2018، أنها ستتوقف على الفور عن المساهمة في دعم الحملات الانتخابية لما يقرب من 147 عضواً جمهورياً في الكونجرس رفضوا التصديق على نتائج الانتخابات الرئاسية. كما تعهدت شركة «داو كيميكالز» و«وول مارت» وكلاهما من كبار المانحين الجمهوريين، بالقيام بالشيء نفسه. (ومن المفارقات الطريفة أن«داو كيميكالز» وكبار مسؤوليها قد تبرعوا لحملة دونالد ترامب أكثر من تبرعهم لجميع مرشحي الرئاسة الآخرين باستثناء واحد).

 وفي الوقت نفسه، قررت شركات كبيرة أخرى، مثل «فيسبوك» و«جيه بي مورجان» و«جولدمان ساكس» و«نورثورن جرامان»، إيقاف تبرعاتها عن طريق لجان العمل السياسي لدى الحزبين.

 لكن هل أموال الشركات في السياسة مهمة؟ بالطبع مهمة. فقد لخص زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل أهميتها عندما قال: «الكلمات الثلاث الأكثر أهمية في السياسة هي (النقد في متناول اليد)». وذلك لأن المرشح الذي ينفق الكم الأكبر من الأموال يضمن الفوز في 85٪ إلى 95٪ من الحالات.

 ولا بد من التأكيد على أن تبرعات الشركات السخية للحملات الانتخابية من خلال لجان العمل السياسي لا تؤدي فقط إلى زيادة المبلغ الإجمالي للأموال التي يجمعها السياسيون في كل انتخابات - وبالتالي إضعاف منافسيهم – بل إن وفرة الأموال لدى الشركات مقارنة مع تبرعات الأفراد، تحدث الفرق.

 وإذا كان بإمكان شركة ما أن تمنح سياسياً مرشحاً ملايين الدولارات من خلال لجان العمل السياسي، فمن المؤكد أن السياسي الذي يهتم بنفسه سيعطي الأولوية لتلك الشركة وآرائها أكثر من العناصر الحزبية الأخرى التي يمثلها ذلك السياسي.

 وهذا يكفي ليقوض ديمقراطيتنا. ربما يكون هذا جزءاً من السبب الذي يجعل 72٪ من الناخبين يريدون من كلا الحزبين الحد من تأثير المال في السياسة.

يمكن الاستنتاج هنا أن التبرعات النقدية تشكل عاملاً حاسماً في تحركات السياسيين سواء أثرت في الناخبين أم لا. لذا فإن الحزب الجمهوري سوف يخسر الكثير إذا استمرت الشركات المانحة في الانشقاق.

فإذا أردنا الحد من دور أموال الشركات في السياسة فلا بد من التأثير على أكثر ما تركز عليه الشركات، أي أرباحها النهائية.

 لكن هل ستصمد الشركات على موقفها الجديد؟ من الواضح أن الشركات بدأت في إعادة التفكير في التبرعات السياسية. ويتوقف صمودها على مدى تفاعل المستهلكين مع الانتقادات الموجهة إليها فيما يتعلق بدعم سياسيين مثل ترامب، وبالتالي معاقبتها بمقاطعة منتجاتها وخدماتها.

 ومما يثير القلق أن تستمر التغطية الإعلامية المحرضة للأنشطة المتطرفة بحيث تصبح ممارسات يومية وعلى نطاق واسع تلحق الضرر بسلاسل التوريد على المدى البعيد.

 وقد بدأ عدد متزايد من الأمريكيين في تغيير مفهومهم الخاص حول الحكومة، حيث أضافوا الشركات إلى ثلاثي السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية. إنهم يدركون أن التغيير يمكن أن يأتي بشكل أسرع إذا قاطعوا مانحاً رئيسياً بدلاً من المساهمة في الخصومات السياسية للمرشحين. وكلما طالت مدة نشر أخبار الغوغاء في الصفحة الأولى، زاد إدراك الناس أن الشركات كانت تمول هؤلاء السياسيين طوال الوقت بالمال الذي قدموه لهم من خلال مشترياتهم وأعمالهم.

 وبكل بساطة، إذا تصاعد رد فعل المستهلكين ضد الشركات التي كانت تمول الجمهوريين، فإن الكثير من الشركات ستخرج من ميدان السياسة. وإذا أظهر المستهلكون دعمهم للشركات التي تفرض على نفسها حظر التبرعات، فقد يصبح التغيير أكثر ديمومة. وقد يكون لهذا تأثير هائل على كيفية إدارة الحملات السياسية، والأهم من ذلك، ما إذا كانت الشركات ستستمر في التأثير في الزعماء السياسيين بشكل كبير. وبما أن الشركات تركز على الأرباح الفصلية وليس على الدورات الانتخابية، فسوف تكون بالضرورة أكثر استجابة للإرادة الشعبية.

* الرئيس التنفيذي لشركة «جودز يونايت أس» المتخصصة في تطبيقات جمع التبرعات للمرشحين.«سي إن بي سي»

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

الرئيس التنفيذي لشركة «جودز يونايت أس» المتخصصة في تطبيقات جمع التبرعات للمرشحين

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"