اليمين المتطرف مشكلة عالمية

00:23 صباحا
قراءة 3 دقائق

هيذر أشبي*

ما حدث من أعمال الشغب في مبنى الكابيتول الأمريكي في 6 يناير/كانون الثاني، يعكس التطور المستمر للتهديد العالمي لليمين المتطرف. وكما أكدت رئيسة الوزراء النيوزيلندية جاسيندا أردن، بعد أن قتل إرهابي يميني أكثر من 50 شخصاً في مسجدين في بلدها: «ليس هناك شك في أن الأفكار اليمينية ولغة الانقسام والكراهية موجودة لديها منذ عقود، ولكن شكل توزيعها، وأدوات التنظيم جديدة». 

وإذا كان هناك أي أمل في إصلاح هذه الانقسامات والنهوض بالمساواة وسيادة القانون والمجتمع المدني الشامل، واحترام حقوق الإنسان، فإن الولايات المتحدة بحاجة إلى العمل مع الدول الأخرى والمنظمات متعددة الأطراف، لبناء تحالف لمكافحة نمو وانتشار التطرف اليميني.

وبعد ما يقرب من 20 عاماً من هجمات الحادي عشر من سبتمبر، وما تلاها من إطلاق ما سماه القادة الأمريكيون «الحرب العالمية على الإرهاب»، يجد العالم نفسه في مواجهة تهديد جديد هو اليمين المتطرف، الذي نما من خلال منصات وسائل التواصل الاجتماعي وغرف الدردشة.

وفي حين أن الأيديولوجية والجماعات اليمينية ليست جديدة على أجزاء كثيرة من أوروبا، فإن نمو الهجرة من الدول الإسلامية، وزيادة حركة الأفراد داخل الاتحاد الأوروبي، وتعميم الأفكار اليمينية المتطرفة من السياسيين الشعبويين، أسهم في إحداث رد فعل على ارتفاع معدلات الهجرة ونمو اليمين في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين (2010). 

ورداً على الهجمات التي نفذها الإرهابي النرويجي اليميني المتطرف أندرس بيرينج بريفيك، غيرت النرويج قوانينها لإعادة تعريف متطلبات إدانة الإرهاب، ووافقت على مشاركة معلومات بصمات الأصابع من التحقيقات الجنائية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، لتمكين الدول الأخرى من مراقبة تصرفات الأفراد الذين يعبرون الحدود، وأطلقت استراتيجية وطنية لمكافحة خطاب الكراهية في عام 2016.

ولقد أبرز الهجوم المميت في مدينة كرايستشيرش بنيوزيلندا في عام 2019، كيف أن اليمين المتطرف استمر في النمو في جميع أنحاء العالم. ولقد تحركت حكومة نيوزيلندا بسرعة بعد الهجوم للتصدي له وغيّرت قوانين انتشار الأسلحة في البلاد لحظر الأسلحة شبه الآلية المستخدمة في الهجوم، وأظهرت دعماً واضحاً للمجتمع المسلم في نيوزيلندا.

وليست هذه الهجمات المباشرة وحدها هي التي تحدد انتشار أيديولوجية اليمين المتطرف. فعلى مدار العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، تم تعميم هذه الأفكار؛ لأنها تغلغلت في الأحزاب السياسية وأثرت في السياسيين.

ففي عام 2010، أعرب فيكتور أوربان، رئيس وزراء المجر خلال فترة ولايته، عن أفكار مناهضة للاجئين والمهاجرين، وجادل بأن أوروبا قد تجاوزتها ثقافات وجماعات أخرى، وخاصة المسلمين.

وفي البرازيل أظهر صعود جايير بولسونارو إلى الرئاسة في الفترة 2018-2019، كيف استمرت الأفكار اليمينية المتطرفة في الظهور. وخلال حملته، دعا بولسونارو إلى إعادة البرازيل إلى مجدها السابق من خلال الهجمات على المؤسسات الحكومية والأقليات، فضلاً عن العنف ضد المجرمين والنشطاء وأحزاب المعارضة. وباستخدام وسائل التواصل الاجتماعي، تمكن من زيادة دعمه في جميع أنحاء البلاد. وتُظهر كل هذه الأمثلة، أنه بدلاً من التعامل مع عمليات اليمين المتطرف باعتبارها حوادث معزولة ضيقة الأفق بالنسبة لبلدان معينة، فقد حان الوقت للاعتراف بها كظاهرة عالمية ومتطورة.

ولدى الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، فرصة في أعقاب أعمال الشغب في الكابيتول الأمريكي لحشد المجتمع الدولي حول معالجة التطرف اليميني. ويجب أن تعمل إدارة بايدن مع الدول الشريكة، لتوسيع نطاق ومهمة المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب، ولمعالجة هذه الظاهرة وتغييراتها المختلفة.

إن مفتاح مكافحة الظاهرة، هو معالجة المعلومات المضللة وجعلها جزءاً من خطة عمل المؤتمر الدولي حول الديمقراطية.

لن تكون محاربة اليمين المتطرف سهلة، حيث إن العديد من السياسيين والأحزاب السياسية قد أدرجوا عناصرها في برامجهم، فقد تستحق مناقشة الديمقراطية والمساواة وسيادة القانون وحقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم، العناء.

* خبيرة في الأمن القومي والسياسة الخارجية (فورين بوليسي)

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

خبيرة في الأمن القومي والسياسة الخارجية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"