حب الشباب.. معاناة البشرة الدهنية

تحقيق: راندا جرجس

يعانى العديد من الأشخاص في مع بداية مرحلة المراهقة ظهور حب الشباب على الوجه، أو انتشارها لمناطق أخرى في الجسم، وتتراوح هذه الحالة من خفيفة يمكن السيطرة عليها بالوقاية والعلاج البسيط، إلى شديدة يرافقها التهابات وآلام في الجلد، وفى بعض الحالات تترك على البشرة ندبات تستمر لسنوات طويلة، وفى السطور القادمة يسلط الخبراء والاختصاصيون في الأمراض الجلدية الضوء على هذه المشكلة وطرق الوقاية والعلاج.

تقول الدكتورة ماريان كوتينيو أخصائية الأمراض الجلدية إن حب الشباب هو التهاب يصيب الغدد الدهنية في مناطق الوجه، الصدر، الظهر، الذراعين، وأحياناً على الأرداف، وينتج عنه انسداد البصيلات الشعرية والغدد الدهنية بطبقة سميكة من الكيراتين، ما يمنع الزهم من التدفق إلى الجلد، كما يحدث نمو للبكتيريا البروبيونية العدية، بالإضافة إلى تأثير الهرمونات التي تسمى الأندروجينات، وتؤدى إلى ظهور البثور أو حب الشباب.

فئة مستهدفة

توضح د.ماريان أن حب الشباب عامة يشكل مشكلة لدى المراهقين، ويبدأ عادة بالظهور في سن البلوغ، من 10 إلى 17 عاماً عند الإناث، ومن سن 14 إلى 19 عند الذكور، ومن الممكن أن يظهر في سن 25 وما فوق، بسبب اختلال التوازن الهرموني لدى النساء، بالإضافة إلى النزعة الوراثية، حيث يكون أحد الأهل أو كلاهما مصاباً بهذه المشكلة.

أعراض الإصابة

تذكر د.ماريان أن أعراض حب الشباب تتراوح من خفيفة إلى شديدة، وتظهر في البداية على شكل البثور أو الرؤوس السوداء أو البيضاء، ولا يحدث في تلك الآفات سوى انسداد في فتحة بصيلات الشعر، وفي حال لم يتم علاجها، فإنها تلتهب ثم تشكل بثرات مملوءة بالقيح، ويؤدي الالتهاب الأكثر شدة إلى آفات عميقة مثل الخراجات والعقيدات التي تكون مؤلمة للغاية، وتسبب الكثير من الندوب بعد الشفاء.

وسائل التشخيص

تبين الدكتورة فاندانا كادام أخصائية الأمراض الجلدية أن أعراض حب الشباب تتطور في المناطق التي بها تركيز أكبر من الغدد الدهنية، ويتم التشخيص عن طريق أخذ التاريخ المرضي والكشف السريري البسيط في عيادة الطبيب، وفي حالات نادرة، يمكن أن تؤخذ مسحة أو عينة من الآفة أو البثرة بغرض الفحص الميكروبيولوجي أو الزرع الحيوي الدقيق، لاستبعاد أي مصادر أخرى للعدوى، وفي حال عودة حب الشباب أو عدم استجابته للعلاج، يمكن أن يوصي مختص الأمراض الجلدية بإجراء فحص الدم، لتحديد ما إذا كان هناك خلل هرموني مسؤول عن حدوث هذه المشكلة.

عوامل الخطر

تلفت د.فاندانا إلى أن التغيرات الهرمونية مثل ارتفاع مستويات الأندروجين تؤدي إلى نمو الغدد الدهنية تحت الجلد، وبدورها تفرز المزيد من الدهون، ويمكن أن تتكتل الدهون الزائدة وخلايا الجلد والشعر معاً، وتتسبب في انسداد المسام، وتبدأ البثور في الظهور، وبالتالي العدوى البكتيرية، وتشمل بعض عوامل الخطر، التي ينجم عنها تفاقم حب الشباب على: الأدوية، مثل بعض حبوب منع الحمل أو الكورتيكوستيرويدات، واستخدام مستحضرات التجميل الزيتية، والتغيرات الهرمونية، والضغط النفسي، دورة الطمث، المناخ الحار أوالرطب، اتباع نظام غذائي غني بالسكريات المكررة أو الكربوهيدرات أو الأطعمة الدهنية، العامل الوراثي، ونمط الحياة المهني، وتجدر الإشارة إلى أن حب الشباب يزداد انتشاره في مرحلة المراهقة نتيجة ارتفاع مستويات الأندروجين، التي تؤدى إلى إفراز الدهون على الوجه والصدر والظهر.

محفزات غذائية

يشير الدكتور ماهر صالح أخصائي الأمراض الجلدية إلى أن حب الشباب من المشكلات غير المعدية ولا تنتقل من شخص لآخر، وهناك العديد من المحفزات التي يمكن أن تزيد من تفاقم الأعراض عند البعض ومنها: تناول المقالي والأطعمة السريعة، الشوكولاتة، المكسرات، منتجات الألبان كاملة الدسم، والأطعمة الغنية بالسكر مثل الخبز الأبيض والمعكرونة، ولذلك ينصح الأطباء بتجنبها أو التقليل منها قدر المستطاع.

علاجات حديثة

يذكر د.ماهر أن هناك علاجات عديدة لمشكلة حب الشباب، وتبدأ بالأنواع الموضعية كأدوية الريتينويد وشبيهاتها، والمضادات الحيوية، وحمض الساليسيليك وحمض الأزيلايك، والعقاقير التي تؤخذ عن طريق الفم وتوصف للحالات الشديدة تحت إشراف الطبيب كمضادات الأندروجين، آيزوتريتينوين، وهناك طرق علاجية حديثة مثل:

- أجهزة الليزر والعلاج الضوئي الذي أظهر نجاحاً فعالاً في تقليل حب الشباب بشكل ملحوظ.

- التقشير الكيميائي الذي يتم عن طريق الاستخدامات المتكررة للمحلول الكيميائي مثل حمض الساليسيليك أو الجليكولك أو الريتونين.

- استخراج الرؤوس البيضاء والسوداء (البثور) التي لا تزول بالعلاجات الموضوعية، باستخدام أدوات طبية خاصة وإزالتها برفق.

- حقن دواء الستيرويد بشكل مباشر في الحبوب لمعالجة الآفات العقدية والتكيسية، حيث أثبت استخدام هذا العلاج إلى التحسن السريع وتقليل الألم.

- أثبتت طرق حديثة فاعليتها في علاج ندبات حب الشباب مثل: ليزر ثاني أكسيد الكربون الجزئي، الترددات الراديوية، حقن البلازما الغنية بالصفائح الدموية، وحقن حمض الهيالورونيك.

إرشادات طبية

يلفت د.ماهر إلى أن أعراض حب الشباب البسيطة يمكن تجنبها أو السيطرة عليها من خلال الالتزام ببعض الإرشادات الآتية:-

- غسل المناطق المصابة بالماء الدافئ والمنظفات اللطيفة المناسبة لنوع البشرة مرتين يومياً، وفى حال وجود استعداد للإصابة بحب الشباب بالقرب من خط الشعر، فيجب غسل الشعر بالشامبو بشكل يومي.

- تجنب استعمال منتجات تقشير الوجه والأدوية القابضة للأوعية والأقنعة، حيث تميل هذه المنتجات إلى تهييج البشرة أو تعزيز الإصابة بحب الشباب، كما يتسبب التنظيف أو الغسل المفرط في تهيج الجلد.

- الحذر من الأدوية المتاحة دون وصفة طبية، لأنها تسبب آثاراً جانبية أولية، مثل حدوث الاحمرار والجفاف والقشور، وتحتاج البشرة إلى فترة تصل إلى شهر حتى تتحسن، ويمكن استعمال الوصفات الفعالة في تجفيف الزيوت الزائدة، وتعزيز تقشير البشرة، والمنتجات التي تحتوي على بيروكسيد البنزويل، وحمض الساليسيليك أو حمض الجليكوليك أو أحماض ألفا هيدروكسي، حيث إنها تساعد في تخفيف حب الشباب المتوسط، خلال بضعة أسابيع.

تدابير وقائية

يشير د.ماهر إلى أن حماية البشرة من الشمس تلعب دوراً هاماً في الوقاية من تفاقم أعراض حب الشباب، كما يؤدى تناول بعض الأدوية المعالجة إلى زيادة حساسية الجلد من هذه الأشعة، ولذلك يجب استشارة الطبيب، واستخدم المرطبات غير الدهنية التي لا تسد المسام، والتي تحتوي على عامل مضاد لأشعة الشمس، وبالإضافة إلى بعض التدابير التي تشمل:

- الابتعاد عن لمس المناطق المصابة أو فقئها، حتى يظهر المزيد من حب الشباب أو انتقال العدوى أو التندب إلى مناطق أخرى في الجلد.

- تجنب الاحتكاك أو الضغط على البشرة المصابة بحب الشباب، وحمايتها من ملامسة عناصر مثل الهواتف والخوذات والياقات أو الأشرطة الضيقة وحقائب الظهر.

- الاستحمام عقب ممارسة الأنشطة الشاقة، حيث إن وجود الزيوت والعرق على البشرة يؤدي إلى الإصابة المفاجئة بحب الشباب.

- عدم التعرض للمواد المهيجة، والتقليل من استعمال مستحضرات التجميل أو الكريمات المضادة لأشعة الشمس، أو منتجات تصفيف الشعر، أو كريمات إخفاء حب الشباب التي تحتوي على زيوت أو دهون، واستخدم الأنواع مائية القاعدة أو التي لا تسد المسام.

الرؤوس البيضاء

تعتبر البثور ذات الرؤوس البيضاء شكلاً من أعراض حب الشباب التي تستهدف -على الأكثر الأشخاص- ذوي البشرة الدهنية، وخاصة في مرحلة المراهقة والشباب، وهى تحدث نتيجة تراكم الزيوت والجلد الميت في المسام ونمو البكتريا، ما يؤدى إلى انسداد الخلايا وإغلاق بصيلات الشعر الدهنية، وتظهر على هيئة بقع بيضاء دائرية، وتنتشر في أجزاء مختلفة من الوجه، ولا ينصح الخبراء بمحاولة إزالة الرؤوس البيضاء في المنزل، ولكن يمكن أن تساهم بعض النصائح في تجنب تكونها، مثل: تنظيف الوجه مرتين يومياً باستخدام الصابون الخاص بنوع البشرة، وتعرض الوجه للبخار مرة أسبوعياً لتعقيمه وفتح المسام، وتقشير الجلد بانتظام مرتين أو ثلاثة في الأسبوع.