عادي

تشويه النص

22:40 مساء
قراءة دقيقتين
ض

كان هناك اعتقاد في الثقافة العربية، في بعض الفترات، بأن الترجمة تشويه للنص، وتقليل من قيمته، لذلك كانت تستهين بالترجمة، لكن السؤال: هل كانت «ألف ليلة وليلة» ستنال هذه الشهرة، وهذا الإعجاب العالمي، لولا تلك الخيانة للنسخة الأصلية؟ يقول عبد الفتاح كيليطو: «إنها تثري الكتاب، وتضيف إليه دلالات ومعاني وصوراً، لا ترد في صيغته الأصلية».

يرى  كيليطو أن النص ينمو بالانتقال إلى لغة أخرى، فيصير نصاً جديداً، سواء بالنسبة إلى لغته الأم، أو اللغة المنقول إليها، يقول: «يتجدد النص باغترابه، فهو يخلق ويبلى في اللغة التي كتب بها، وقد تمجه القلوب وتنفر منه، فيتوق حينئذ إلى الانتقال إلى لغة أخرى، إلى تبديل ديباجته، والظهور في هيئة طريفة باهرة، تفتن الغرباء، كما تفتن أهله، الذين أبدعوه وألفوه» وربما ينبغي أن نقول مع بورخيس: «إن الأصول هي التي تخون ترجماتها» لأنها أصبحت تابعة لها.

وإذا كانت الترجمة جهداً فردياً، فإنها لدينا تتم بدون تخطيط، إنها انتقائية على مستوى المترجم والناشر، وهناك حاجز بين بلدان ومثقفي العالم العربي، وبين إصدارات العالم المتقدم، ولا توجد محاولة مجتمعية منظمة، لكسر هذا الحاجز، وصولاً إلى تضييق الفجوة المعرفية العلمية بيننا وبينهم، لقد أصبحت الترجمة في العالم العربي نوعا من الترف، أو أنها مجرد جهد من أجل نقل معلومات فحسب، وتخضع لمبدأ الربح التجاري، إنها تفتقر إلى البرامج، ولا تخضع للتخطيط، بل هي نشاط عفوي ارتجالي تجاري، بمعنى أنها لا تعبر عن نشاط اجتماعي، يسهم في الانتقال بالمجتمع من حال إلى أخرى، أي من طور التخلف إلى النهوض.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"