عادي
10 مليارات درهم حجمه سنوياً في الدولة

هـدر الطعام..أرقام صادمة تهدد الأمن الغذائي

01:33 صباحا
قراءة 13 دقيقة
1
1

تحقيق: سومية سعد ومحمد الماحي

رغم أن رمضان هو شهر الصوم عن ملذات كثيرة بينها الأطعمة، فإنه بات أكثر الأشهر التي تشهد إسرافاً في هدر الطعام، حيث كشفت إحصاءات عن تزايد معدلات هدر الطعام خلال شهر رمضان المبارك، إذ يشكل 30% من إجمالي الهدر خلال العام. ويعتبر هدر الغذاء من أكثر المسائل انتشاراً في مختلف فئات المجتمع، لذلك تصدرت اهتمامات الدولة نظراً إلى تداعياتها السلبية بيئياً واجتماعياً واقتصادياً، وتبذل الحكومة جهوداً كبيرة من أجل إيجاد حلول مبتكرة وفاعلة لتقليص كميات الطعام التي يتم هدرها. ويكلف الهدر الغذائي غير المسؤول الدولة أكثر من 10 مليارات درهم سنوياً، فيما يهدر الفرد سنوياً 179 كيلوجراماً من الطعام، وفق آخر البيانات والإحصائيات الرسمية.غياب الثقافة المجتمعية بشأن الاستهلاك الأمثل للطعام هو العائق والسبب الأكبر وراء ارتفاع نسبة الهدر، وتقليص هذه النسبة للحد الأدنى يبدأ بتغيير هذه الثقافة، وغرس قيم حفظ النعمة، حتى يتم إنجاز استراتيجية الدولة للأمن الغذائي وتقليل هدر الطعام بنسبة 15%، بحلول عام 2021.
وتستهدف الإمارات تقليل هدر الطعام بنسبة 15 في المئة عبر استراتيجية ، بنيت على خمسة توجهات من ضمنها تحسين نمط الغذاء عند المجتمع ومشاركته في منظومة الأمن الغذائي.

أظهرت دولة الإمارات خلال انتشار فيروس كورونا المستجد حرفية عالية في التعامل مع تحدي تأمين الإمدادات الغذائية لجميع سكانها، ونجحت في المحافظة على وفرة المواد الغذائية في منافذ البيع كافة من دون ارتفاع أسعارها، إلا أن هذا النجاح لم يمنع من طرح النقاش حول العديد من العادات الاستهلاكية في المجتمع والدعوة إلى تبني سلوكيات أكثر حكمة تقوم على ترشيد الإنفاق والاستهلاك.
وتسلط «الخليج» الضوء على هذه القضية وسُبل معالجتها، لإيجاد حل متمثل في ترشيد استهلاك الغذاء، خاصة في الوقت الراهن وما يشهده العالم ودولة الإمارات من ظروف استثنائية في ظلّ جائحة فيروس كورونا المستجد، ومحاولة دعم جهود الدولة الساعية من خلال الاستراتيجية الوطنية للأمن الغذائي، لخفض معدل هدر الغذاء في الإمارات إلى 15%، ووضع الأطر التنظيمية للحد من هدر الموارد والثروات، وقد برزت تساؤلات واستفسارات عدة حول أهم الحلول لغرس ثقافة ترشيد الاستهلاك في نفوس أبناء المجتمع؟ وإمكانية توحيد الجهود لابتكار حلول فعّالة لخفض كميات الطعام التي يتم هدرها وتكلف الدولة مليارات الدراهم.
أكبر المتهمين
يمثل قطاع الضيافة أحد أكبر المتهمين في مسألة هدر الغذاء في الدولة، ولهذا تعاونت وزارة التغير المناخي والبيئة مع شركة وينو لتشجيع مختلف الشركات في قطاع الضيافة على الحد من النفايات الغذائية، عبر إطلاق جهاز مدعوم بالذكاء الاصطناعي لتقليل الغذاء المهدر، وتتيح أداة فيجن المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، والتابعة لشركة وينو، للفنادق والمطاعم حساب كمية الطعام الذي ينتهي في صناديقها ونوعه، وتستخدم الأداة الصور والمقاييس لحساب تكلفة المواد الغذائية المهدورة.
ويتيح ذلك للعاملين في مجال الأغذية رقابة أفضل على احتياجاتهم من المنتجات ومتطلبات العملاء، وتعديل إمداداتهم الغذائية وفقاً لذلك، وتجاوزت الدولة هدفها بتوفير مليون وجبة خلال العام الأول من استخدام الأداة في العام 2018.
وفي العام 2019 تم توفير مليوني وجبة، وثلاثة ملايين وجبة في العام 2020. وأتاحت الأداة للفنادق توفير أكثر من 1.6 مليون دولار سنوياً.
تعزيز تنافسيتها وريادتها
يقول المهندس محمد الظنحاني، مدير إدارة الصحة والتنمية الزراعية بوزارة التغير المناخي والبيئة: إن دولة الإمارات تركز على توسيع قاعدة الابتكار في تطبيقات التكنولوجيا الحديثة وبالأخص تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوظيفها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة وتعزيز تنافسيتها وريادتها العالمية، لافتاً إلى أن التوسع في استخدام وتوظيف هذه التقنيات يعتمد على منظومة متكاملة من العمل والتعاون المتبادل بين القطاعين الحكومي والخاص بما يشمل كل القطاعات.
الإنفاق المفرط الناتج عن تقديم طعام أكثر من اللازم، وأطنان الأغذية المهدرة التي ينتهي بها الأمر في مكبات النفايات كل عام تشكل تهديداً خطيراً على صحة نظامنا البيئي.
وتشجع وزارة التغير المناخي والبيئة المواطنين والمقيمين في دولة الإمارات على الحد من هدر الطعام ونشر الوعي بين الأشخاص حولهم وتشجيعهم للقيام بالمثل، وهو ما سيمكن الأجيال القادمة من الاستمتاع بمستقبل أكثر رخاءً.
ويتفق مع ما سبق الخبير الغذائي بشير حسن ويضيف إليه: إن أهم الأسباب التي تؤدي لهدر الأغذية، عدم مواكبة بعض المواصفات الغذائية لأفضل الممارسات في هذا المجال، بما قد يعني عدم استيفاء أغذية سليمة لهذه المواصفات، لذا يلزم تحديث هذه المواصفات بشكل مستمر يستوعب التطورات العلمية في مجال تقنيات الأغذية، فالتطبيق غير السليم وغير المنطقي للمواصفات الغذائية من قبل بعض الجهات الرقابية على مستوى العالم، يؤدي لرفض شحنات غذائية وإتلاف أغذية سليمة وصالحة للاستهلاك الآدمي، وكذلك عدم التزام مؤسسات التجزئة الغذائية بالشروط الصحية «مثل الحفظ الحراري المناسب للأغذية، والنقل السليم، وتعريض الأغذية للتلوث، إلخ»، مما يؤدي لعدم صلاحية الأغذية للاستهلاك الآدمي.
الإسراف في الأغذية
ولفت علي حسين، خبير تغذية، إلى الإسراف في الأغذية وتحضيرها أكثر من حاجة الأسرة أو الفرد، خاصة الأغذية سريعة التلف، والولائم الضخمة التي تقام في البيوت والمزارع والمطاعم، ويذهب أكثر من نصفها هدراً، ويكون مصيرها أكوام النفايات بكميات هائلة، فجاءت فكرة بنوك الطعام، القادرة على المساهمة في تحقيق تنمية مستدامة شاملة للجميع بدرجة أكبر في ظل قدرتها على الحد من فقدان وإهدار الغذاء داخل المجتمعات مع تحسين عملية إتاحة الغذاء وتأكيد جودته، والقدرة على تحمل التكلفة بالنسبة للفقراء.
أحدث التقارير
في كل الثقافات يتعارض الهدر الغذائي مع المعايير الأخلاقية، ورغم ذلك أظهرت أحدث التقارير لمركز أبوظبي لإدارة النفايات «تدوير»، أن كمية النفايات الغذائية والعضوية، والتي تم جمعها ضمن النفايات العامة من مختلف مناطق إمارة أبوظبي، خلال الفترة من يناير وحتى سبتمبر 2020، ضمن عقود تدوير التشغيلية العامة، بلغت ما يقارب 499,654.17 طن، بنسبة انخفاض تقدر 1.68 %، مقارنة بعام 2019. وأكد المركز أنه قام بالعديد من الإجراءات، للحد من تزايد المخلفات الغذائية، من خلال تجهيز وتركيب مركز معالجة للنفايات العضوية في مدينة أبوظبي، والذي بدوره يقوم بعملية إعادة تدوير للنفايات العضوية إلى سماد عضوي، لصالح التربة والإنتاج الزراعي، والجاري العمل على إنجازه وتشغيله خلال الفترة المقبلة. كما أظهر تقرير لشركة دانفوس للحلول الهندسية أن الأغذية المهدورة تشكل 40 % من إجمالي حجم النفايات في الإمارات.
التزام بالهدف العالمي
وقال الدكتور سالم خلفان الكعبي مدير عام مركز أبوظبي لإدارة النفايات «تدوير»، التزام دولة الإمارات بالوفاء بالهدف العالمي المتمثل في خفض معدل الهدر والخسائر الغذائية والنفايات بنسبة 50% بحلول عام 2030، بموجب الهدف رقم 12 من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة الخاص بالاستهلاك والإنتاج المستدامين.
ودعا كل مؤسسات القطاع الخاص، وفي مقدمتها قطاع الضيافة إلى الانضمام إلى التعهدات والالتزام بالمشاركة في جهود الدولة للحد من هدر الغذاء، لمواكبة مستهدفات رؤية الإمارات 2021، ومئوية الإمارات 2071، وإيجاد مستقبل أفضل للأجيال الحالية والمقبلة.
 مواصفات عالية
تواصل هيئة الهلال الأحمر الإماراتي تنفيذ «مشروع حفظ النعمة» الذي بدأ منذ عام 2004، لعلاج ظاهرة الإسراف في استهلاك المواد الغذائية، حيث يستقبل المشروع تبرعات الأطعمة الجاهزة والوجبات، التي لم تمتد إليها الأيدي، ويتبع معايير ومواصفات عالية الجودة في السلامة والصحة الغذائية، والحفاظ على الأطعمة الفائضة وطرق إعادة تعبئتها، ومن ثم توزيعها على المستفيدين من الأسر المعوزة وعمال الشركات بسيارات جهزت خصيصاً لذلك.
قال مدير عام مشروع حفظ النعمة في هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، سلطان الشحي، إن حجم الهدر والإسراف في الطعام، سنوياً، بالدولة يتجاوز 10 مليارات درهم، نحو 30% منها في شهر رمضان فقط»، مشدداً على «ضرورة انتقال أفراد المجتمع إلى ثقافة التدبير، بدلاً من التبذير».
كما شدد على ضرورة تحلي الأسر والأفراد بالسلوكيات الحضارية، والتعاليم الإسلامية المتعلقة بالحد من ثقافة الهدر وعدم الإسراف، مشيراً إلى أن مشروع حفظ النعمة بدأ قبل عامين، بتنفيذ خطة توعوية تثقيفية لعلاج هذه الظاهرة، من خلال مبادرة سفير حفظ النعمة، التي شملت الكثير من المؤسسات الحكومية والخاصة على مستوى الدولة.
ولفت إلى أن جهود مكافحة ظاهرة الإسراف والهدر، أيضاً، شملت المناهج الدراسية، من خلال التنسيق مع وزارة التربية والتعليم، لتضمينها في المناهج الدراسية، بهدف ترسيخ ثقافة الحفاظ على النعمة في أذهان الأطفال منذ الصغر.
وذكر أن الهيئة تعمل من خلال برنامج أنماط الحياة الإيجابية، وبرنامج سلامة البيئة، على تعزيز السلوك الاسترشادي والتوعية بمخاطر الأمراض التي قد تنتج عن اتباع أساليب غذائية سلبية، قد تكون ناتجة عن الإسراف والمبالغة في الغذاء، دون اتباع أسلوب غذائي صحي، وممارسة الأنشطة الرياضية، ما قد ينجم عنه التعرض لأمراض أهمها السكري.
ثقافة الاستهلاك
وطالب عماد نصيف خبير غذائي بضرورة وجود ثقافة الاستهلاك عند أفراد الأسرة، والتي بموجبها يكون هناك استهلاك على قدر الحاجة والاستغناء بحكمة عن الطعام غير المرغوب فيه، عن طريق حملات تثقيفية مجانية، وكذلك تقديم نصائح للجمهور وتوزيع كتيبات تثقيفية وإرشادية بلغات مختلفة معدة بعناية للجنسيات الموجودة على أرض الدولة، من خلال برنامج أنماط الحياة الإيجابية، وبرنامج سلامة البيئة على تعزيز السلوك الاسترشادي، وترسيخ ثقافة الخير والعطاء في المجتمع من خلال إشراك فئات المجتمع كافة في برامجه وحملاته ومبادراته.
الدليل الإرشادي
وأصدرت هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية الدليل الإرشادي بشأن تقليل هدر الغذاء لتوفير التوجيه ومساعدة قطاع خدمات الطعام للمساهمة في تعزيز الأمن الغذائي وحماية البيئة من خلال تقليل مخلفات الطعام بما يتوافق مع تشريعات هيئة أبوظبي للزراعة والسلامة الغذائية، فيما يخص السلامة الغذائية وأفضل الممارسات الدولية في مجال التقليل من هدر الغذاء. ويمكن هذا الدليل قطاع خدمات الطعام من تطوير خطط الحد من هدر الطعام وإشراك المستهلكين للمساهمة في ذلك من خلال نشر الوعي، بالإضافة إلى توفير خيارات مختلفة لتناول الطعام والتي يمكن أن تساعد المستهلك على تقليل هدر الطعام.
وتقوم الهيئة بحملات إرشادية لتوعية المستهلكين حول أساليب تخزين الغذاء المنزلي بالشكل الصحيح وأهمية الاستهلاك حسب الحاجة فقط لتقليل هدر الغذاء.
وقالت خنساء البلوكي، مدير إدارة التوعية البيئية في هيئة البيئة بأبوظبي، أن تغيير نمط الاستهلاك والشراء، يمكن أن يتم من خلال ست خطوات، تشمل: عدم الإفراط في الشراء، وتتبع ما اشتراه الفرد واستهلاكه، والتحقق من تواريخ الطعام الطازج عند الشراء ما يمكّن من استهلاكه فقط قبل انتهاء صلاحيته، والتخطيط لما سيتم طهيه، وكيف سيتم استخدام بقايا الطعام، وتجميد الفواكه والخضراوات الفائضة بموسمها، كذلك الخبز والأطعمة التي لن يتم استعمالها قريباً، والبدء بتناول حصة صغيرة من الطعام، وإضافة أخرى إذا احتاج الأمر، بالإضافة إلى التبرع بالطعام الفائض للمحتاجين أو حفظه في الثلاجة.
ودعت البلوكي إلى الاستفادة من إعادة تدوير الطعام في المنزل، من خلال إعادة استخدام بقايا الطعام في وصفات جديدة، والاستثمار في جهاز «كومبوست»، لتحويل بقايا الطعام إلى سماد عضوي، يتم استخدامه في الزراعة المنزلية.
المنصة الرقمية
وفي إطار جهود الدولة لمحاربة الهدر الغذائي تم إطلاق العديد من المنصة الرقمية الرائدة والمخصصة في مكافحة هدر الطعام وتتعاون مع المطاعم والمقاهي ومنافذ البيع التي تمتلك فائضاً من الأطعمة، لتؤمّن اتصالاً فعالاً بينهم وبين مؤيدي مكافحة هدر الطعام ممّن يرغبون بتناول وجبات شهية والمساهمة في القضاء على الظاهرة وقام المواطن علي العمادي خبير تقنية أمن معلومات وعضو مجلس إدارة جمعية الإمارات للحماية من مخاطر الإنترنت، تطوير تطبيق عبر الهواتف الذكية؛ يهدف إلى الحد من هدر الطعام بالدولة وبشكل خاص في المطاعم، من خلال توقيع اتفاقيات مع نحو 30 مطعماً على مستوى الدولة، تقوم بعرض الفائض من وجبات الطعام يومياً عبر التطبيق، وعرضها بأسعار مخفضة تصل إلى 90%.
وأكد أن الوجبات التي يتم طرحها عبر التطبيق من قبل المطاعم تلتزم بالشروط الصحية الواجب توافرها؛ حرصاً على سلامة المستهلك، وتخضع لشروط الجهات المختصة بسلامة الطعام.
ويأمل مطور المشروع أن يتسع المشروع ليضم كافة المطاعم المتواجدة بالدولة؛ بهدف توفير وجبات بأسعار مخفضة للأسر المتعففة أو المحتاجة والعمال وغيرهم من أصحاب الدخل المحدود، إضافة إلى المساهمة في تقليل نفايات الطعام، خاصة أن الإحصاءات تشير إلى أن كميات الطعام المهدور في الدولة تعد الأعلى عالمياً، وتكلّف ملايين الدراهم سنوياً التي تذهب سدىً في مكبات النفايات. 
كما صُمم تطبيق «فودكارما» لمكافحة هدر الطعام، بالتعاون مع المطاعم والمقاهي، ومنافذ البيع وحقق نجاحاً كبيراً، ويعطي التطبيق نصائح لمستخدميه بضرورة التأكد من طبيعة الطعام، وكيفية معرفة إن كان آمناً أم لا، كما يطلب تقييماً من المشاركين الآخرين لتبيان إن كان المتبرع بالطعام جدياً أم لا.
كما يدعم الموقع كذلك تكوين فرق تطوعية من أجل المساعدة على توزيع الطعام.
خطوات واسعة
على مدار السنوات الماضية، استطاع بنك الطعام أن يوفر 16 مليار درهم للدولة، وتعد مشكلة هدر الغذاء مشكلة تعانيها معظم الدول في العالم، باعتبارها أحد العوامل التي تهدد أمنها الغذائي، ومن أهم الأشياء التي قامت بها دولة الإمارات للمساهمة في حلها كان إنشاء بنك الطعام، والذي يخطو خطوات واسعة في نشر ثقافة «لا هدر للطعام»، وأصبح له فروع في معظم مدن الدولة، تقوم بدور رائد في تعزيز مسيرة الخير والعطاء، واتخذت نهجاً راسخاً في التعامل مع القضايا الإنسانية التي تهم قطاعات كبيرة من العالم وتحرص دائماً على أن تكون واحة عالمية للخير، بفضل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، وتأكيداً لمفاهيم العمل الخيري في المجتمع.
وبتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، استمر العطاء في البنك منذ إنشائه عام 2017، وتمضي مسيرة بنك الطعام الإماراتي بنجاح هائل، وتقطع خطوات واسعة في تقنين الاستهلاك، وتقليل الفائض من الطعام، وتقليص كميات نفايات الطعام تدريجياً، وإعادة توزيع الأطعمة الصالحة للاستهلاك، وتدوير بقايا الأطعمة غير الصالحة للاستهلاك في صناعات مفيدة، وتحقيق مبدأ الاستدامة الغذائية، ليكون ممكناً تنفيذ مطالبة سمو الشيخة هند بنت مكتوم بن جمعة آل مكتوم رئيس مجلس أمناء بنك الإمارات للطعام، بالوصول إلى المحتاجين في كل مكان.
ويقول داوود الهاجري نائب رئيس مجلس أمناء بنك الإمارات للطعام مدير عام بلدية دبي: سيتم افتتاح فرعين جديدين لبنك الإمارات للطعام قريباً في الفجيرة وأبوظبي ليزداد عدد الفروع إلى سبعة، لتغطي جميع أنحاء الدولة مطلع العام الجديد، ولأداء منظومة البنك، لتحقيق أهدافه وفق رؤيته الاستراتيجية «أفضل بنك طعام في العالم استدامةً وانتشاراً»، والاستفادة من الإرث الكبير الذي تزخر به الإمارات.
وأكد أن بنك الإمارات للطعام منذ افتتاحه أسهم في تقليل هدر الطعام من فائض الشحنات الغذائية، وساعد على رفع مستوى الوعي بأهمية تجميع فائض الأغذية حيث كان يتم إهدارها، ليتم العمل في بنك الطعام بمنظومة تتضمن استلام وتفتيش الأغذية في مواقع البنك ثم تحويلها إلى الجمعيات الخيرية ليتم توزيعها على المستحقين.
كما تم توزيع ثلاجات بنك الإمارات للطعام، منها 80 ثلاجة في مساجد إمارة دبي، و10 ثلاجات في عجمان، بالإضافة إلى 10 ثلاجات في رأس الخيمة وتوقيع اتفاقيات مع 40 مؤسسة غذائية و13 جمعية خيرية و3 مواثيق شراكة مع بنوك الطعام الأخرى.
وتم توقيع مذكرات تفاهم مع 49 من الكيانات والشركات التي تقوم بدور كبير في إطار المسؤولية الاجتماعية، كما نواصل التعاون مع الجمعيات الخيرية التي تقوم بالتوزيع وتعريفنا بخارطة الفئات المستحقة في كافة الأماكن التي نعمل فيها، وقد وقعنا اتفاقيات مع 13 جمعية خيرية ونقوم بالعمل والتنسيق معاً لتحقيق الأهداف النبيلة والخيرية المشتركة بيننا. بدأنا التعاون مع البنوك المماثلة خارج الإمارات، حيث وقعنا 4 مذكرات تفاهم مع بنوك الطعام في مصر والسعودية والسودان والكويت، لتبادل الخبرات والمعلومات والتجارب، والتعاون بأشكال مختلفة في المستقبل القريب.
نموذج ناجح
وفي إطار سعي بلدية دبي لتصبح نموذجاً ناجحاً للتخلص من هدر الطعام، ولتكون دبي أول مدينة في المنطقة تسجل فيها نفايات الطعام «صفراً» أعلنت البلدية عن قيامها بتجربة ثلاثية مع بنك الطعام الإماراتي و«شويترام» لوقف هدر الأغذية، كما قدمت البلدية الدعوة إلى المؤسسات الغذائية والأفراد لتقديم الأفكار الإبداعية والأساليب المبتكرة للتعرف إلى مسببات هدر الأغذية وكيفية إيجاد الحلول المناسبة لها على طول السلسلة الغذائية والتي تشمل حلقات الإنتاج الأولي، التخزين، التصنيع، التوزيع والاستهلاك ويمكن للمشاركين من الجمهور وموظفي بلدية دبي تقديم أفكارهم من خلال الموقع الإلكتروني www.foodsafetydubai.com والضغط على الرابط #ZeroFoodWaste.
الوعظ والتوجيه
فشلت كلّ محاولات الوعظ والتوجيه التي قام بها عدد من مؤسسات الدولة في الحدّ من هدر الطعام المتنامي في البلاد، وما زالت آلاف الأطنان من المأكولات تُرمى سنوياً في حاويات النفايات. وهو ما دفع القانونين، إلى الدعوة لسنّ قوانين تجرّم هدر الطعام.
ويقول المحامي عبدالله الكعبي، باتت قضية هدر الطعام حول العالم قضية مثيرة بسبب الأرقام الغريبة التي تصدر من الإحصائيات بين الحين والآخر فهي بمثابة اقتصاد آخر.
وأضاف أن بعض البلدان المتقدمة أقدمت على خطوات عملية في مكافحة هدر الطعام، لكن الأمر يحتاج لسنوات كثيرة ليس لإنشاء ثقافة عدم الهدر، بل لتكريسها، لأن هذه الثقافة موجودة حقاً في كثير من البلدان، لكنها ليست مفعلة بما يكفي، أو بما يتناسب مع مستويات الهدر التي تجري فيها.
وتابع لابد من إصدار قانون لمنع هدر الطعام لضمان الأمن الغذائي، وستكون له أهمية كبيرة في تعزيز نمط حياة وطريقة استهلاك صحية وعقلانية، ومن الضروري أيضاً تسريع بناء مجتمع يحافظ على الموارد وصديق للبيئة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة، لافتاً إلى ضرورة إنشاء آلية لمكافحة الهدر الغذائي، تشارك فيها أجزاء مختلفة من المجتمع، بما في ذلك الجمعيات الصناعية وقطاع التعليم ووسائل الإعلام الإخبارية.


ترسيخ مجتمع الخير

يقول خالد شريف العوضي، المدير التنفيذي لقطاع البيئة والصحة والسلامة في بلدية دبي، إن بنك الطعام يمضي بخطى ثابتة لترسيخ مجتمع الخير وتعزيز مبدأ التعاون مع الرعاة الخيرين على مستوى إمارة دبي في مجال الحفاظ على النعمة من الهدر والإتلاف، وساعد البنك في الحد من كلفة إهدار الطعام سنوياً، والرغبة في توفير خدمة جديدة، تمكن مجتمع الإمارة بشكل خاص والدول المنكوبة بشكل عام من الاستفادة من فائض الطعام بصورة صحيحة وصحية ومنظمة، من خلال إشراك فئات المجتمع كافة في برامج الطرف الأول وحملاته ومبادراته وتعزيز العمل التطوعي، لغرض جمع فائض الطعام من الجهات المعنية، وتوزيعه على المحتاجين والجهات المستحقة.

تعاون لتحقيق «صفر»

طالبت هاجر العيسى خبيرة التغذية، بتعاون جميع الجهات والمؤسسات مع برامج ومبادرات بنك الإمارات للطعام، وتطوير مبادرات خاصة بها ضمن إطار مسؤوليتها المجتمعية للإسهام في ترجمة رؤية البنك لجهة تحقيق «صفر» نفايات أطعمة، وتفعيل المسؤولية الاجتماعية للشركات والمؤسسات، وتحديداً الفنادق والمطاعم وقطاع إنتاج وتصنيع الأغذية، ومتعهدو الأطعمة ومحال السوبر ماركت، وكل الجهات المعنية بقطاع الضيافة في الدولة وطالبت رجال الأعمال باستثمار بعض أموالهم في أعمال الخير عن طريق إقامة المشاريع الخيرية التي تنهض بفقراء الأمة، وتوفر فرص عمل لشبابها، فكل مواطن يساهم بما لديه من إمكانات، وهذا هو عين التكافل والتواصل، لأن كل هذه المشاريع تصب جميعاً في أعمال الخير.

التوعية الدينية

طالب الدكتور حمد الشيخ أحمد الشيباني مدير عام دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، بطرح موضوع أهمية تقليل هدر الطعام، والذي حث عليه ديننا الحنيف من خلال خطبة الجمعة، والتوعية في المحاضرات وغيرها، خاصة أن الإسلام لم يقف من مشكلة الجوع عند حد الأمر والحث على إطعام الجياع، لكنه اهتم بمشكلة الجوع وعالجها من خلال أساليب عديدة بما يؤكد سبق الإسلام لغيره، كما جعل إطعام المساكين جزاء على من ترك واجباً من واجبات الدين أو خالف أمراً من أوامره، أو ارتكب منهياً عنه مثل إطعام عشرة مساكين عند الحنث في اليمين، وإطعام مسكين عن كل يوم يفطره غير القادر على الصيام في رمضان، وإطعام ستين مسكيناً عن كل يوم يفطره القادر على الصيام في رمضان، وهكذا.
وأشاد ببنك الطعام كمبادرة خاصة لها بُعد محلي وإقليمي، وكقيمة إنسانية واجتماعية واقتصادية وحضارية تسعى إلى ترجمة محاور عام الخير في الإمارات لجهة ترسيخ ثقافة العطاء والمسؤولية الاجتماعية والعمل التطوعي، بالإضافة إلى تحقيق معايير الاستدامة الدولية، وإرساء قيم الالتزام والمسؤولية المجتمعية فردياً ومؤسسياً.

 

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"