عادي
اسأل الخليج

تعرف إلى أعظم «ريمونتادا» في التاريخ

12:01 مساء
قراءة 8 دقائق
إعداد: معن خليل
كان ميلان آخر فريق حقق «ريمونتادا» مذهلة عندما حول تأخره السبت أمام ضيفه هيلاس فيروس 0-2 حتى الدقيقة 59 إلى فوز 3-2 في الدوري الإيطالي، ليستمر من دون هزيمة هذا الموسم.
وعرف المدرب ستيفانو بيولي كيف يعيد الروح إلى فريقه بفضل التبديلات التي قام بها حيث لعب في فترة بأربعة مهاجمين، مدركاً أهمية النقاط الثلاث بمواجهة فريق لم يخسر أمامه في 29 مباراة.
فاجأ فيرونا مضيفه بهدفين صاعقين في أقل من نصف ساعة من بداية الشوط الأول في ظل تراجع أداء دفاع أصحاب الأرض، فافتتح التسجيل بعد 7 دقائق من صافرة البداية بعد كرة فشل كيسي في تشتيتها وأعادها البرتغالي ميغيل فيلوسو إلى منطقة الجزاء ليتابعها جانلوكا كابراري بتسديدة بقدمه اليمنى.
وأضاف فيرونا الثاني من ركلة جزاء بعد خطأ من أليسيو رومانيولي على المهاجم الكرواتي نيكولا كالينيتش، نفذها التشيكي أنتونين باراك بنجاح (24).
وتعرض ميلان لنكسة أخرى بإصابة مهاجمه الكرواتي أنتي ريبيتش الذي اضطر لمغادرة الملعب واستبداله بالبرتغالي رافايل لياو في الدقيقة 36.
دخل ميلان الشوط الثاني ضاغطاً على أمل تقليص الفارق، فكان له ما أراد بفضل عرضية من لياو ورأسية من مهاجمه المخضرم جيرو (35 عاماً) الذي هز الشباك بعد تفوقه على المدافع نيكولو كاسالي (59).
وفي ربع الساعة الأخير، قلب ميلان الطاولة على ضيفه، فأدرك التعادل في الدقيقة 76 من ركلة جزاء نفذها كيسي بنجاح بعد خطأ من ماركو فرعوني على البديل الإسباني سامو كاستيليخو، قبل أن يتقدم بعد دقيقة عبر النيران الصديقة بعدما أودع المدافع غونتر الكرة بالخطأ في مرمى فريقه بعد ضغط هجوم ميلان الذي انضم إليه المهاجم السويدي المخضرم زلاتان إبراهيموفيتش بدلاً من المهاجم الجزائري إسماعيل بن ناصر.
لكن ماهي أعظم عودة في تاريخ كرة القدم؟
هناك العديد من المباريات التي تبقى في الأذهان، لكن من دون شك تبقى عودة برشلونة أمام باريس سان جيرمان عام 2017 أبرزها، فقد حقق الفريق الكتالوني معجزة بمفهوم كرة القدم بعدما سجل أفضل عودة على مر مباريات مسابقة دوري أبطال أوروبا التي انطلقت عام 1956، حين خسر ذهاباً أمام باريس سان جيرمان الفرنسي برباعية نظيفة وفاز إياباً 6-1، ليصبح 8 مارس 2017 يوماً خالداً ودرساً بليغاً بأن المستحيل لا يوجد له مكان في قاموس اللعبة التي عرفت دائماً بخروج نتائجها عن الواقع والتي يقترب بعضها من الخيال كما هو «السيناريو» الذي كتبه النادي الكتالوني في ملعبه «الكامب نو».
قبل المباراة تحدث الكاتالونيون طويلاً عن «الريمونتادا»، وهي الكلمة التي تعني في لغتهم «التعافي والعودة»، وكانت تستخدم قديماً في الحروب الأهلية والثورات في إسبانيا، ثم بعد ذلك استخدمها الأدباء في وصفهم للمعارك الملحمية التي ينتصر فيها طرف على الآخر دون أن يكون ذلك متوقعاً.
وكانت صحيفة «سبورت» الكتالونية هي من أحيت كلمة «الريمونتادا» من جديد في عالم كرة القدم، وتحديداً عندما خسر برشلونة أمام ميلان صفر-2 في ذهاب الدور الـ16 لدوري أبطال أوروبا عام 2013، ثم عاد وفاز إياباً 4-صفر، لذلك فإن وسائل الإعلام الإسبانية استعملت المصطلح من جديد بعد السقوط الكبير في باريس.
رغم الخسارة بالأربعة، كان هناك في كتالونيا من يؤمن بـ«التعافي والعودة» وأصبحت عبارات «نعم نستطيع»، و«الريمونتادا» منتشرة في كل مكان بمدينة برشلونة رغم أن كثيرين كانوا يعتقدون أن النادي الكتالوني على وشك الخروج من الدور الـ16 لدوري أبطال أوروبا، على اعتبار أنه لم يحدث في تاريخ المسابقة أن انهزم فريق ذهاباً صفر-4 وعوض في الإياب، لكن رجال المدرب لويس إنريكي الذي كان يقود الفريق آنذاك خالفوا كل التوقعات وفازوا 6-1.
ويمكن القول إن برشلونة حقق معجزتين في مباراة واحدة، الأولى أنه تأهل بمجموع اللقاءين بتسجيله خمسة أهداف صافية، والثانية عندما كان فائزاً حتى الدقيقة 88 بنتيجة 3-1 وهذا يعني بلغة حسابات الذهاب والإياب حاجته إلى تسجيل ثلاثة أهداف، وما كان يعتبر صعباً حققه النادي الكتالوني على مدى سبع دقائق، شكلت حدثاً تحدثت عنه وسائل الإعلام كثيراً.
اللحظات المجنونة
وكتبت الصحف في عناوينها عن «انتفاضة للتاريخ»، وتحدثت أن برشلونة قهر المستحيل، وقهر كل من قام بالتقليل من قدره وعلى رأسهم ريمون دومينيك، المدير الفني السابق لمنتخب فرنسا، والذي صرح بأنه لا داعي لمشاهدة مباراة الإياب لأن سان جيرمان حسم التأهل في الذهاب بفوزه 4-صفر.
وهناك الكثير من الحكايا عن «كرة القدم المجنونة» والتحولات في النتائج وردود الفعل التاريخية في دوري أبطال أوروبا، إلا أنها لم تصل أبداً إلى «سيناريو» مباراة يوم 8 مارس 2017، التي كانت غير مسبوقة على صعيد اللعبة.
ويذكر تاريخ دوري أبطال أوروبا أربع مباريات شهدت تحولات مجنونة، أولها في نهائي عام 1999 بين بايرن ميونيخ الألماني ومانشستر يونايتد الإنجليزي، وثانيها في 2004 بين ميلان الإيطالي وديبورتيفو لاكورونا الإسباني، وثالثها في نهائي 2005 بين ميلان وليفربول الإنجليزي، ورابعها بين برشلونة الذي فاز ذهاباً على ليفربول 3-صفر وخسر إياباً 4-صفر، إلا أنها جميعها لم تصل أبداً إلى فارق الأربعة أهداف النظيفة التي عوضها برشلونة، لكنها كذلك كانت من النوع الذي لا يصدق.
في 26 مايو من عام 1999 كان الموعد مع النهائي المرتقب بين بايرن ميونيخ ومانشستر يونايتد، والمثير أنها أقيمت في «الكامب نو» ملعب برشلونة، حيث تقدم ماريو بازلر لفريق بايرن في الدقيقة السادسة وبقيت النتيجة كذلك حتى الدقيقة الأولى من الوقت المحتسب بدلاً من ضائع حين سجل تيدي شيرينغهام هدف التعادل 1-1، ثم سجل النرويجي سولسكاير هدف الفوز في الدقيقة الثالثة من الوقت الضائع، ليقود اليونايتد إلى اللقب الأكثر إثارة ودراماتيكية في المسابقة.
أطرف ما حدث في تلك المباراة التي مازال عشاق للعبة يذكرونها حتى الآن، أن السويدي لينارت يوهانسون الرئيس السابق للاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ترك مقعده من المنصة الشرفية قبل ثوان من هدف التعادل لليونايتد الذي سجله شيرينغهام، وعندما وصل إلى الملعب لتقديم الكأس للبطل فوجئ بأن الفائز هو مانشستر يونايتد، ويومها قال جملته الشهيرة: «لا يمكنني أن أنسى مارأيت، لم أفهم لماذا كان الفائزون يبكون والخاسرون يرقصون»، في إشارة إلى فرحة لاعبي اليونايتد وحسرة البايرن.
وبقي نهائي 1999 عالقاً في الأذهان حتى يوم 7 إبريل 2004، ففي إياب ربع النهائي استضاف ديبورتيفو لاكورونا فريق ميلان بعدما كان خسر ذهاباً في ميلانو 1-4، وكانت كل الترشيحات تؤكد حتمية خروج الفريق الإسباني لأنه من الصعب هزيمة «اللومباردي» الإيطالي برباعية نظيفة وهو الذي كان يضم في ذلك الوقت أفضل لاعبين في العالم مثل أندريا بيرلو ومالديني وفيليبو إينزاغي وأليساندرو نييستا والبرازيلي ريكاردو كاكا والأوكراني أندريه شفيتشنكو وغيرهم.
كل هذه التوقعات التي رشحت تأهل ميلان ذهبت عرض الحائط، فبعد خمس دقائق من بداية اللقاء سجل والتر باندياني الهدف الأول لديبورتيفو ومن ثم سجل خوان كارلوس فاليرون الهدف الثاني في الدقيقة 35 وأضاف البير لوكي الثالث مع نهاية الشوط الأول، ومن ثم حدث ما لم يكن بالحسبان عندما سجل فرانشيسكو فران الهدف الرابع في الدقيقة 76، ليحقق الفريق الإسباني حتى ذلك الوقت أفضل عودة في المسابقة الأوروبية في أدوار خروج المغلوب.
وبعد عام، وتحديداً في 25 مايو 2005 كانت بطولة دوري أبطال أوروبا على موعد مع نهائي لا يشبه أي ختام آخر، فقد تقدم ميلان في الدقيقة الأولى بهدف باولو مالديني، ثم سجل الأرجنتيني هيرنان كريسبو هدفين أنهى بهما الشوط الأول والفريق الإيطالي متقدماً بثلاثية نظيفة، لكن ليفربول العريق انتفض في الشوط الثاني وقلص الفارق عبر ستيفان جيرارد في الدقيقة 54 ثم سجل التشيكي فلاديمير سميتشر الهدف الثاني بعد دقيقتين وعادل الإسباني تشابي ألونسو النتيجة 3-3 في الدقيقة 60، ليلجأ الفريقان إلى وقتين إضافيين ثم ركلات الترجيح التي ابتسمت في النهاية لليفربول، مسجلاً أكثر فوز إثارة على الإطلاق، أطلق عليه «معجزة إسطنبول»، في إشارة إلى ملعب «أتاتورك» في العاصمة التركية، حيث أقيم اللقاء.
واللافت أنه بعد مباراة برشلونة وسان جيرمان، اعتبر الكثير من عائلة نادي ميلان أن ما حدث في «الكامب نو» كان أمراً جيداً حتى ينسى عشاق كرة القدم ما حصل في ملعب «أتاتورك».
وقال باولو مالديني المدافع التاريخي السابق لنادي ميلان تعليقاً على ما فعله برشلونة من عودة: «لم أر أبداً شيئاً مثل ذلك، هم كتبوا تاريخ كرة القدم، أحب هذه اللعبة»، أما أدريانو جالياني الرئيس التنفيذي لنادي ميلان فقال: «إنها واحدة من المباريات التي لا تصدق التي رأيتها في حياتي، لقد كانوا فائزين بنتيجة 3-1 حتى الدقيقة 88، وكان يجب عليهم أن يسجلوا ثلاثة أهداف وفعلوا ذلك في سبع دقائق».
عودة الريال
وسبق لريال مدريد الغريم التقليدي لبرشلونة أن شهد عودة مماثلة للنادي الكتالوني لكن في مسابقة أخرى هي كأس الاتحاد الأوروبي، ففي عام 1986 تأخر الفريق الملكي في لقاء الذهاب 1-5، ثم عاد وفاز إيابا 4 –صفر ليتأهل إلى الدور ربع النهائي ثم يحرز اللقب بعد ذلك.
أما أعظم عودة في بطولة كبرى هي كأس العالم فكان بطلها منتخب البرتغال ونجمه الشهير أوزيبيو وذلك في نسخة 1966 بمواجهة كوريا الشمالية ممثل قارة آسيا والذي حقق مفاجأة كبيرة بصعوده إلى ربع النهائي.
كانت كل الترجيحات تصب لصالح البرتغال في مواجهة كوريا الشمالية، فمن يقوده هو أوزيبيو الذي اشتهر باسم «الفهد الأسمر» بعد تألقه اللافت مع ناديه بنفيكا وفوزه بلقب أفضل لاعب في أوروبا عام 1966.
لكن ما حدث في ملعب «جوديسون بارك» في إنجلترا التي استضافت المونديال لم يكن متوقعاً، حيث تقدم سفير قارة آسيا بهدف باك سونج ثم سجل لي دونج وون الثاني، ويانج سونج كووك الثالث، لكن أوزيبيو سجل هدف تقليص الفارق 1-3 وأضاف ثلاثة أهداف أخرى قبل أن يسجل زميله جوزيه أوغوستو الخامس لينتهي اللقاء 5-3 للبرتغال.
أما أعظم عودة في بطولة محلية، فقد أشارت إليها صحيفة «صن» البريطانية التي أكدت أن إحدى المباريات في دوري الدرجة الثانية الإنجليزي شهدت عودة بالنتيجة أفضل مما حدث في لقاء برشلونة وباريس سان جيرمان.
وكتبت صحيفة «صن»: «انسوا برشلونة أمام سان جيرمان، أفضل عودة بالنتيجة كانت فوز تشارلتون أمام هدرسفيلد»، في إشارة لفوز تشارلتون على هدرسفيلد بنتيجة 7-6، بعدما كان متأخراً بنتيجة 1-5 في أول 27 دقيقة خلال إحدى مباريات الدرجة الثانية الإنجليزية عام 1957، ثم سجل ستة أهداف متوالية ليفوز بالنتيجة النهائية.
كما تحدثت الصحافة عن عودة «مجنونة» خلال مباراة في دوري الدرجة الثانية الياباني بين فريقي فيردي وجيفو، والتي شهدت عودة أسطورية في النتيجة يمكن أن تصنف من ضمن الأفضل في التاريخ، فاللقاء الذي كان يقام على أرض فريق فيردي وتأخر بثلاثة أهداف في الشوط الأول، وبقي الوضع كذلك حتى آخر ست دقائق من المواجهة، حيث قلص فيردي الفارق بهدف أول في الدقيقة 84، وتبعه بالثاني من ركلة حرة في الدقيقة 88، وعادل النتيجة في الدقيقة الثالثة من الوقت بدل الضائع، ثم سجل الرابع وهدف الفوز في الدقيقة 96 وقبل صافرة الحكم بثوان قليلة.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"