عادي

محمد مرعي: القهوة عالم تحكمه رائحة البن

22:29 مساء
قراءة 4 دقائق
1

دبي: زكية كردي

لفترة طويلة من الزمن كان عالم القهوة يعتبر سرياً، فأصحاب الصنعة لم يكونوا يسمحون بالبوح بأسرارها للعامة، لكن مع تطور العالم وتقنيات العصر أصبح كل شيء مفتوحاً ومتاحاً أمام الجميع، لكن مع هذا، يبدو أن الكثير من الناس اليوم ما زالوا يشربون قهوتهم بطريقة خاطئة، كما يؤكد محمد علي مرعي، مؤسس شركة ومحمصة «شيفرة»، الذي يخبرنا عن الكثير من أسرار الجودة التي تعلّمها من رحلته وأسفاره الطويلة بحثاً عن أفضل فنجان قهوة يمكنك أن تحتسيه، أو تختاره في مقر مشروعه في القوز بدبي، حيث يعرض أكثر من 70 نوع قهوة، إضافة إلى كل ما يتعلق بالقهوة من منتجات يمكن للناس التعرف إليها بزيارته ليقرروا ما يناسبهم في منازلهم أو في مشاريعهم.. كما نقرأ هنا..

من المنزل بدأ مشروع «شيفرة» عندما كان مرعي يحمّص قهوته بنفسه في البداية، ثم بدأ يكبر شغفه بالقهوة ليسافر إلى بلدان مختلفة متتبعاً الرائحة التي تلهم حواسه، بحثاً عن الشيفرة الخاصة التي توصله إلى أسرار القهوة، مندفعاً بالجري خلف هاجسه بالعمل في ما يحب، ويقول: اندفاعي تجاه هذا المشروع كان مغامرة حقيقية خضتها بعد لحظة إلهام ومواجهة مع الذات، فليس الدخل المادي وحده هو ما نرجوه من العمل، بل الاستمتاع بالعمل وملاحقة الشغف، لهذا قررت أن أقدّم استقالتي من وظيفتي من دون أي تردد، وأن ألحق بشغفي، كنت أحب الرياضة والقهوة، لهذا كثفت الدورات في القهوة، وفي الرياضة لأتمكن من الحصول على دخل جيد من التدريب لأموّل أبحاثي في القهوة، وبعدها بدأت أعمل على وضع الأساسات في هذا المشروع الذي لم تكن لدي أفكار خاصة وخطط له، كل ما كنت أملكه هو التركيز على العمل في ما أحب والتركيز على الجودة، وآمنت بأن صفاء النية في تحقيق هذا المستوى سوف يعود علينا بالسعادة، أنا وكل من يعمل معي بحب في هذا المشروع.

1

لم يأت هذا الشغف بالقهوة من فراغ، فله جذور عائلية تعود إلى المحمصة المركزية التي تعتبر من أقدم المحامص في أبوظبي، وتعود لخال محمد، كما يخبرنا، ويقول: كنت أتردد كثيراً على محمصة خالي، أما جدي فكان للحديث عن القهوة معه طعم مختلف، خاصة عندما يخبرني عن القهوة ويحمّص القهوة في «التنكة» بنفسه على طريقته الخاصة، ويتفاخر بالمطحنة النحاسية التي يمتلكها وتعود إلى عهد العثمانيين، كما يتفاخر بأنواع البن التي كان تأتيه من إثيوبيا، أو من اليمن، ويصر على أن أتذوقها بعد أن يحمّصها ويطحنها بنفسه، وأتمنى أن يجرب الناس أن يطحنوا قهوتهم بأنفسهم وسيعرفون الفرق في الطعم عندها، والذي تغنيه الرائحة.

ويفتخر مرعي بأن تضم محمصته ثلاثة خبراء مرخّصين عالمياً بتقييم جودة القهوة، موضحاً أن الخبراء المرخصين عالمياً يبلغ عددهم عشرة آلاف فقط، ولهذا استطاعت شركته لتجارة القهوة أن تحظى بثقة المحامص والمقاهي في منطقة الخليج، ومختلف أنحاء العالم، كمصدر متخصص بالقهوة عالية الجودة وتسمى «القهوة المختصة»، ويقصد بها القهوة التي تحقق فوق 80 درجة في التحليل، ويوضح أن التحليل لأنواع القهوة يعتمد على مرحلتين، أولاهما التحليل المخبري الفيزيائي الذي يحدد نسبة الشوائب في حبّة البن، وتحليل التذوق ويعتمد على الرائحة والقوام والطعم ودرجة الحموضة.

أسرار الجودة

عن أسرار الجودة في مشروعه يوضح مرعي أن القهوة عالم تحكمه رائحة البن، والكثير من المشاريع تدّعي الجودة، لكن قلة قليلة جداً هم المستعدون للصرف على تحقيق هذه الجودة، خاصة في مشاريع الطعام، أما السر الثاني فيعتمد على العلاقة بين العاملين في المشروع ومدى تبنّيهم لهذا المشروع وشعورهم بالانتماء إليه، فإذا لم يشعر الجميع بالشغف والاستمتاع في هذا العمل لن يعطوا أفضل ما لديهم، بدءاً من المزارع وليس انتهاء بالموظفين. وعن سبب قوله إن الكثير من الناس يشربون قهوتهم بطريقة خاطئة، قال: عندما سافرت إلى جواتيمالا اكتشفت أن مصدّري القهوة كانوا يقدمون لي الأنواع الرديئة والمملوءة بالشوائب من القهوة لكوني تاجراً عربياً، وهذا مرده إلى أنهم اعتادوا أن يشتري التجار العرب الأنواع الأقل جودة تبعاً للقدرة الشرائية، وقد كانوا يحرقون البن عندما يحمصونها للقهوة التركية، وبهذا يحتالون على الطعم المدخن، ويحصلون على القوام الجيد، هذا وضعنا في تحدٍ في إقناع الناس بالطعم الأفضل للقهوة الجيدة والتي تمتاز بالحموضة، إلا أنني اكتشفت أن معظمهم يكتشفون الفرق بعد التجربة، ويميزون ما أتحدث عنه، لهذا أصّر على نشر الوعي بأنواع القهوة ومعايير الجودة من خلال مواقع التواصل، ومن خلال التدريب، ونعمل حالياً على تأسيس «أكاديمية القهوة» لتدريب محبي القهوة والراغبين في تطوير هذا الشغف لبدء مشاريعهم الخاصة، كما نخطط لتقديم تدريب للشركات أيضاً في هذه الأكاديمية ونمنح الشهادات لتحليل القهوة، وشهادات «الباريستا» أيضاً.

ويؤثر التغير المناخي في الزراعة في مختلف أنحاء العالم، ولأن البن ينمو في ارتفاعات محددة أصبح من الصعب الحفاظ على محصول البن مع هذه التغييرات، هذا ما يواجهه المزارعون حول العالم اليوم، لهذا بدأ مرعي البحث عن أفكار تدعم مشاريع الاستدامة، والبيئة، فبدأ بإعادة تدوير أكياس القهوة وتحويلها إلى منتجات مختلفة تصمم بطريقة عصرية، وأيضاً الاستفادة من بقايا البن بعد تحضير القهوة واستخدامها كسماد عضوي للزراعة، والأهم العمل على نشر الوعي بالسلوكات الإيجابية التي تدعم الاستدامة عموماً.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"