في مغزى.. «رسائل جوهرية»

00:43 صباحا
قراءة 3 دقائق

د. محمد عمران تريم

بلغة رفيعة أقرب إلى الشعر وأسلوب ممتع وحلة أنيقة وكلمة رشيقة، صدر عن منشورات القاسمي كتاب «الرسائل الجوهرية» لسمو الشيخة جواهر بنت محمد بن سلطان القاسمي، بالتعاون مع فريق المكتب الثقافي والإعلامي في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة في دولة الإمارات.
الكتاب عبارة عن بحث في شؤون الأسرة والرعاية الاجتماعية في الشارقة بشكل خاص، والمجتمع الإماراتي بشكل عام، ويشمل التنمية الاجتماعية بجميع جوانبها بما فيها البر والإحسان، ويتناول قضايا المرأة الإماراتية وحقوق الإنسان، ويسلط الضوء على توجّه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، ودوره المتميز على كافة المستويات الفكرية والثقافية والسياسية والاجتماعية والإنمائية. 
وحين نتناول كتاباً بمثل هذه المميزات، فإن ذلك يعطي هذا العمل المتميز قيمة إضافية، خاصة أن كاتبته سيدة بقيمة الشيخة جواهر، وحضورها الاجتماعي والوطني، فضلاً عن عملها الخيري وتاريخها الطويل في الإسهام في رفعة المرأة في بلدها وتمكينها من ارتقاء سلم القيادة عبر التأهيل والتعليم والإدارة، وهو ما دأبت سموها على العمل به ووضعته نصب عينيها منذ ثمانينات القرن الماضي، في إطار علاقة تفاعلية وتكاملية بين الرجل والمرأة لخير الإنسان وعزه وتقدم البلاد ورفاه أهلها وسعادتهم.
من أقوال سمو الشيخة جواهر؛ بل جواهرها: «إنها ومنذ عام 1982 كانت تحلم كفتاة في مقتبل العمر بمكان مختلف للفتيات، يكون ملتقى للصديقات وللتعارف بين نساء المجتمع، يوفر جواً من الألفة في ظل خدمات يقدمها النادي، تتضمن برامج ثقافية ورعاية للموهوبات، ومرافق تمارس فيها رياضاتها المحببة»، وذلك لتعزيز قدراتهن وتمكينهن من التواصل الاجتماعي لخدمة البلاد ورفعتها.
وقد تحول هذا الحلم الكبير إلى واقع بفضل إرادة دولة الإمارات، ولاسيما مؤسسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، حيث تقدمت الإمارات بخطوات حثيثة على مختلف الصعد الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والصحية، والقانونية والبيئية والإدارية والتربوية والتعليمية، وأصبحت نموذجاً يحتذى في التعايش والتسامح كدولة اتحادية عصرية يعيش اليوم على أرضها أكثر من مئتي جنسية، وفقاً لحكم القانون وتحت رعايته. 
لقد انتهجت دولة الإمارات عامة، والشارقة على وجه الخصوص، استراتيجية بعيدة المدى، ولاسيما في الاهتمام بالطفولة والشباب وصولاً إلى تحقيق النهضة الشاملة في جميع الميادين، وكان للمرأة نصيب كبير من اهتمام سمو الشيخة جواهر في ذلك التقدم، «فالمرأة هي الأم والمدرّسة، وهي نصف المجتمع.. ودورها محوري في إقامة المبنى المهم في المجتمع والذي نسميه الأسرة»، كما ورد في مقدمة الكتاب.
والأسرة هي اللبنة الأساسية في بناء المجتمع، وهو ما ذهبت إليه سمو الشيخة جواهر، ومن دونها لا يمكن بناء الوطن وتنمية الجيل الجديد وتأهيله ليكون عماد المستقبل. إن رسائل سموها والتي هي نثريات برؤية فلسفية إيقاعية وثقافية، تعتبر أطروحات أساسية توجيهية في ميدان التنمية المستدامة، لأجل تحقيق طموحات وآمال المجتمع في الرفاه والازدهار والسعادة، وحياة أفضل للإنسان من أجل الإنجاز والإبداع، ضمن منظمة أخلاقية متماسكة أساسها القيم الإنسانية.
لقد استمدت سمو الشيخة جواهر أفكارها وتصوراتها حول العالم الجديد الذي تحلم به من خلال رفيق دربها الدكتور سلطان بن محمد القاسمي الذي هو شريكها وهو المثقف والمفكر والمسهم البارز في تقدم دولة الإمارات، وكما تقول عنه: «إنه مناصري الأول وهو الملهم والمستشار والداعم والسند، فقد شجعني في الميادين كلها التي صغتها على مدى عقود من العطاء في خدمة المجتمع المحلي بداية، ومن ثم الانطلاق نحو العالمية».
ولعل الشراكة والتفاعل الإنساني والتواصل والتلاقح في الأفكار والآراء مع صاحب السمو حاكم الشارقة، هو الذي أنتج هذا التكامل الثقافي الراقي بينه وبين سمو الشيخة جواهر، وهي علاقة مميزة بين صاحب القرار المفكر والمثقف والباحث، وبين رفيقة دربه المجتهدة المثابرة المبدعة، فما بالك حين تكون العلاقة روحانية وشفيفة وعميقة مثلما هي علاقة الشيخ سلطان بالشيخة جواهر التي كتبت حروفها بالقلب والروح والضمير، معنى ومبنى وامتلاء، في إضاءة عميقة لأغوار العلاقة الإنسانية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"