النجوم

أ.د. حميد مجول النعيمي *
«وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ ۖ وَالنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ» النحل 12.

تبقى الشمس نجماً متوسط الحجم والكتلة بين نجوم الكون، إذ هناك الأكبر وهناك الأصغر. والشمس والنجوم الأخرى عبارة عن كرات غازية تولّد كميات هائلة من الطاقة من خلال الاندماج النووي الداخلي، أما بقية النجوم فتظهر لنا على شكل نقاط مضيئة في السماء لأنها بعيدة جداً عنا، وأقرب النجوم إلينا (قنطورس) الذي يبعد عن الشمس 4.3 سنة ضوئية.

إن أصغر نجم مكتشف من مجموعة التتابع الرئيس إلى الآن هو النجم OGLE-TR-122b ويُعَد من النجوم القزمة الحمراء، وهو أحد نجمي منظومة نجوم ثنائية تبعد عنا 5000 سنة ضوئية في كوكبة الجؤجؤ. قطر هذا النجم حوالي 0.12 من قطر الشمس، أي بما يعادل 16700 كم وهو أكبر من المشتري بحدود 20%، وطبيعي هناك نجوم أصغر لم نتمكن من رصدها الآن بسبب خفوتها، وإن أكبر نجم تم اكتشافه إلى الآن نجم في كوكبة الكلب الأكبر ( VY Canis Major )، يبعد عنا مسافة 3912 سنة ضوئية تقريباً وتم تقدير قطره بين 1800 إلى 2200 مرة بقدر قطر الأرض، أي أن معدل حجمة يكبر الشمس ب 9 مليارات مرة تقريباً. وإذا وضعناه، فرضاً، بدلاً من الشمس في المجموعة الشمسية، فإن حافته تصل مدار الكوكب زحل حول الشمس، وإن الضوء يستغرق مدة 8 ساعات ليكمل دورة واحدة حول محيط النجم، بينما يستغرق 15 ثانية ليكمل دورة واحدة حول محيط الشمس. «إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ» النحل 11.

لا يمكن عادة من داخل هذه المجرة مشاهدة أجرام سماوية خارج حافة المجرة (على الأقل في الضوء العادي) لأن الفضاء بين النجوم ليس خالياً، بل يحتوي على أتربة وغازات ودخان منتشرة هنا وهناك (أغلب هذه الغازات هو الهيدروجين، «وَٱلسَّمَاءِ ذَاتِ ٱلْحُبُكِ».

أما اليوم فقد تم اكتشاف أكبر نجم معروف في الكون، وهو سكوتي UY Scuti وهو عملاق متغير نصف قطره حوالي 1700 مرة أكبر من نصف قطر الشمس. وبالمقارنة مع شمسنا الهائلة بالنسبة لنا فيمكن أن يتسع حجم ما يقرب من 5 مليارات شمس داخل كرة بحجم هذا النجم، وبالنسبة لشمسنا فيمكن أن يتسع داخلها لأكثر من مليون كوكب أرضي. ولكن على المستوى النجمي، يمكن أن يبتلعها ما يقرب من نصف جميع النجوم المرصودة حتى الآن، خاصة النجوم مثل UY Scuti..

«إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ» آل عمران 190

يقع هذا النجم بالقرب من مركز درب التبانة داخل كوكبة Scutum، على بعد حوالي 9500 سنة ضوئية من الأرض، وهو نجم ضخم جداً أكبر من النجوم العملاقة والتي هي نجوم نادرة تتألق بشدة، وتفقد الكثير من كتلتها من خلال الرياح النجمية سريعة الحركة وتموت أسرع من نجوم الكتل الصغيرة.

إن جميع الأحجام النجمية هي تقديرات، لأن لها حوافّ منتشرة ومعظمها ليس لديها سطح صلب (ليكون بمثابة خط فاصل وعلامة سهلة لنهاية النجم) حيث ينتهي الغاز ويبدأ الفراغ. لذلك، يعتمد علماء الفلك على الغلاف الضوئي للنجم لتحديد حجمه (الغلاف الضوئي هو المكان الذي يصبح فيه النجم شفافاً للضوء ويمكن لجزيئات الضوء أو الفوتونات الهروب من النجم).

إذا حلت UY Scuti محل الشمس في مركز النظام الشمسي، فإن غلافها الضوئي سيمتد إلى ما وراء مدار كوكب المشتري، ويمتد سديم الغاز المنبعث من النجم إلى ما هو أبعد من مدار بلوتو، إلى 400 ضعف المسافة بين الأرض والشمس (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)- القمر 49.

نصف قطر UY Scuti الكبير لا يجعله النجم الأكبر ثقلاً، لكن النجم R136a1، يزن حوالي 300 ضعف كتلة الشمس ولكن قطره يعادل 30 نصف قطر شمسي. وبالمقارنة، فإن كتلة UY Scuti تبلغ حوالي 30 ضعف كتلة الشمس، لكنها أكبر بكثير من حيث الحجم. «‏إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ‏»‏ - العنكبوت‏ 62‏

* مدير جامعة الشارقة

* رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك