عادي
مفاهيم كونية في القرآن

الشمس

00:07 صباحا
قراءة 3 دقائق
حميد مجول

أ.د. حميد مجول النعيمي *

الشمس: هي إحدى النجوم التي خلقها الله سبحانه وتعالى في مجرة درب التبانة لتكون ذات فوائد كبيرة للبشرية والكائن الحي على سطح الأرض، لذلك أقسم الله بها وبتوابعها كما في الآيات الكريمات: «وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وَالْقَمَرِ إِذَا تَلاهَا، وَالنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا، وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا، وَالسَّمَاء وَمَا بَنَاهَا، وَالأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا..» الشمس (1-6). نجد في هذه الآيات ست حالات مقسوم بها، وكل قسم فيها فلكي كوني صرف، سواء من حيث المحتوى أو الترتيب أو العلاقة الداخلية بين الحالات كافة، وبالنسبة للكائن الحي فإن الأجرام السماوية والظواهر الفلكية المرادفة لها (مثل الشمس والقمر والليل والنهار والسماء والأرض) مهمة جداً، ولولاها لما تمكن الإنسان من العيش على سطح الأرض.

فالشمس مثلاً دخل اسمها في 33 نصاً قرآنياً دخولاً لفظياً مباشراً، فلماذا خصها الله سبحانه بالقسم؟ أهي أم المجوعة الشمسية تعطينا الحياة والضوء والدفء، «هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورا»... يونس 5. والشمس، فلكياً وفيزيائياً، هي كرة عملاقة من الغاز الساخن ومن التفاعلات النووية، تدور حول نفسها بسرع مختلفة لأجزائها؛ إذ تدور جسماً غازياً؛ بحيث تكون السرعة في الاستواء أكبر مما هي عليها عند القطبين، وتكمل دورتها حول نفسها ب 25 يوماً تقريباً عند الاستواء و ب 35 يوماً تقريباً عند القطبين (بالمقارنة فإن الأرض تدور حول نفسها بسرعة 30 كم / ثانية تقريباً وتكمل دورتها ب 24 ساعة). تدور الشمس حول مركز مجرتنا بسرعة 240 كم/ثانية تقريباً لتكمل دورتها ب 250 مليون سنة تقريباً، وبما أن عمرها 5000 مليون سنة تقريباً، تكون قد أكملت 20 دورة حول مركز مجرة درب التبانة منذ أن ولدت كسديم شمسي. والشمس حالياً في منتصف عمرها وأمامها في الحسابات الفيزيائية الفلكية عمر آخر مقداره 5000 مليون سنة أخرى، أي أن سطوع الشمس مازال مستمراً في ازدياد؛ إذ إنها حتى الآن حرقت من مادة وقودها الهيدروجين أقل قليلاً من نصف مخزونها، وهذا يعني أن أمامها مستقبلاً طويلاً «وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا» يس 38.

الشمس نجم نشط له نشاطات فيزيائية عديدة مثل الكَلَف الشمسي والاندلاعات واللهب والرياح الشمسية والتدفقات الكتلية الكرونية، هذه النشاطات لها علاقة فيزيائية مباشرة ومؤثرة في الأرض وكواكب المجموعة الشمسية وأغلفتها الجوية ومجالاتها المغناطيسية إن وجدت، وتسبب العواصف المغناطيسية وتؤثر في بيئتها الفضائية والطقسية. وهي نجم متوسط بالمقارنة مع ملايين النجوم الموجودة في مجرتنا، وهي مركز مجموعتنا الشمسية وأقرب النجوم إلينا وتختلف عن الأرض بأنها مكونة من الغازات الملتهبة؛ إذ ينبعث من سطحها الضوء الذي يضيء نهارنا ويمنحنا الدفء والحرارة، ونظراً إلى قربها الشديد فهي تظهر لنا وكأنها قرص غازي بدلاً من نقطة مضيئة كما هي حال النجوم الأخرى، الأمر الذي مكن العلماء من دراستها من الأرض ومن الفضاء بشيء من التفصيل، و اعتبرت هذه الدراسات ركائز أساسية في علم النجوم. وللعلم أن كتلة الشمس تؤلف 99.8 % من كتلة المجموعة الشمسية مجتمعة.

وهي المصدر الرئيسي للطاقة التي تحفظ الحياة على الأرض وبدونها تكون الحياة مستحيلة، «وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا» النبأ (13)، وهذه الطاقة تنتج عرضياً «من عمليات الاندماج النووي في مركز الشمس؛ إذ يتحول الهيدروجين إلى هليوم بشكل مستمر، أي تحرق الهيدروجين وتحوله إلى هيليوم في باطنها، فإنها تحرق في الثانية الواحدة ما متوسطه خمسة آلاف طن من كتلتها. وقد أسلفنا أن الشمس كتلة غازية حارة متأينة تتكون أساساً من مجموعة عناصر هي: الهيدروجين (73 %) والهليوم (25 %) مع نسبة قليلة جداً» من العناصر الثقيلة. والشمس حالياً في اتزان هيدروستاتيكي، وهو اتزان بين قوة الجاذبية الذاتية (باتجاه المركز) وبين قوة الشويكات وهي ألسنة لهب منطلقة صعداً إلى ارتفاع قد يصل إلى عشرة آلاف كيلومتر. ونرى هذه الطبقة عند حدوث كسوف كلي أو باستخدام جهاز المرسام الإكليلي، وللموضوع بقية.

* مدير جامعة الشارقة

* رئيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"