عادي

الأضواء الكاشفة في الملاعب.. تعرف إلى تاريخها ودور «المافيا» في إطفائها

10:18 صباحا
قراءة 5 دقائق
إعداد: معن خليل
تأجل مؤخراً انطلاق مباراة منتخب النمسا وضيفه الدنماركي في الجولة الثانية من منافسات المجموعة الأولى ضمن المستوى الأول لدوري الأمم الأوروبية، بسبب انقطاع التيار الكهربائي في فيينا، وبالتالي في الملعب الذي استضاف اللقاء.
ورغم أن انقطاع الكهرباء حالة من النادر حدوثها في الملاعب الأوروبية، إلا أنها حدثت في فترات متقطعة، وكان لافتاً أن أغلبها تاريخياً كان في الملاعب الإنجليزية.
في التقرير التالي نستعرض أبرز الحالات:
عام 2013 شهدت مباراة مانشستر يونايتد وفولهام التي أقيمت على ملعب الأخير كيرفن كوتيج ضمن الدوري الإنجليزي لكرة القدم حادثة غريبة عندما انقطعت الكهرباء في الدقيقة 42 والذي أدى لتوقف اللقاء لمدة 10 دقائق، في مفارقة نادراًَ ما تحصل في الاستادات البريطانية التي تعرف بملاعب النور وتقوم بطولاتها الرياضية في الأساس على فكرة الجودة وتقديم أفضل خدمة.
توقفت مباراة مانشستر يونايتد وفولهام بسبب عطل في الأضواء الكاشفة، واستكملت لاحقاً، إلا أن الدوري الإنجليزي الذي يعتمد كثيراً على صورته المتكاملة في انتشاره قد اهتز.
وإذا كانت حوادث انقطاع الكهرباء والبث التلفزيوني أحياناً في ملاعب دول آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية تتكرر كثيراً وسبق أن شهدتها حتى بطولات كبرى فيها مثل كأس إفريقيا وكوبا أمريكا، إلا أن الواقع البريطاني والأوروبي يرفض مثل هذه الأمور التقنية التي تؤثر في صورته التسويقية، ويكفي أن آخر واقعة قبل مباراة يونايتد وفولهام، في إنجلترا حدثت في 1997 خلال مباراة أرسنال وويمبلدون في الدوري الممتاز أيضاً.
والمثير أن بعض الأحداث تبين أنه تقف وراءها عصابات المراهنات المنظمة، كما أثبتت تحقيقات الشرطة البريطانية.
البداية من شيفليد
تاريخياً، يعود وجود الأضواء الكاشفة في الملاعب إلى مدينة شيفليد الإنجليزية من خلال مباراة استعراضية أقيمت عام 1878 وشاهدها 20 ألف متفرج، لكن المشكلة أن الأبراج الخشبية كانت قريبة من أرض الملعب مما كان يعيق أحياناً تحركات اللاعبين من خلال وقوع الضوء في عيونهم مباشرة.
وعرف ناد للهواة في لندن هو التايمز للأشغال الذي سمي لاحقاً وست هام وأصبح شهيراً الأضواء الكاشفة وذلك بين أعوام 1895 و1898، لكنه توقف عن ذلك عندما انضم إلى دوري الجنوب الرسمي.
وكانت الإضاءة في ذلك الوقت بدائية عن طريق بطاريات ومصابيح، ولم يكن اللعب تحت الأضواء الكاشفة مسموحاً به من قبل الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بحجة فرض المساواة بين جميع الأندية على اعتبار أن أكثريتها لم تعرف ملاعبها هذه التقنية، لكن مع حلول عام 1950 بدأت الأمور تتغير ولعبت أول مباراة من خلال أعمدة الإنارة الكاملة في مباراة ودية جمعت بورتسموث مع بورنموث.
وخاض نادي أرسنال أول مباراة تحت الأضواء الكاشفة في ملعبه هايبري في 19 سبتمبر عام 1951 في مواجهة نادي هابويل، وانتهى اللقاء لصالحه 6-1، مع العلم أن فريق «المدفعجية» سبق له أن خاض هذه التجربة في ملعب التدريبات فقط عام 1930 بفكرة من مدربه الشهير هربرت تشابمان الذي
أعجب بها بعد رؤيته استخدام الكشافات في أحد الملاعب البلجيكية.
انقطاع ومراهنات
وانتظر الاتحاد الإنجليزي حتى عام 1955 ليشرعن الأضواء الكاشفة وأقيمت أول مباراة رسمية بين بورتسموث ونيوكاسل، كما أقيمت أول مباراة دولية بين منتخبي إنجلترا وإسبانيا على ملعب ويمبلي في نفس العام لكن لمدة 20 دقيقة فقط مع دخول الظلام بعدما جرت 70 دقيقة من اللقاء في النهار.
وبالنسبة لحالات انقطاع الكهرباء في الملاعب البريطانية فإن أشهرها حدث عام 1997 مع 3 أحداث متتابعة شغلت الرأي العام البريطاني طويلاً، قبل أن يتم اكتشاف لاحقاً أنها كانت مفتعلة.
الحالة الأولى كانت في 14 أغسطس عام 1997 وخلال مباراة دربي كاونتي مع ويمبلدون في ملعب الأول دربي نيو بارك ستاديوم، حيث توقف اللقاء بعد 11 دقيقة من بداية الشوط الثاني حين كان دربي كاونتي متقدماً 2-1.
وفي 3 نوفمبر من نفس العام تكررت نفس الحادثة خلال مباراة وست هام وكريستال بالاس في ملعب ايبتون بارك حين توقفت المواجهة في الدقيقة 65 بعدما كانت النتيجة تشير إلى التعادل 2-2 بين الفريقين.
ومن ثم جاءت الحادثة الأخيرة التي تشهدها الملاعب الإنجليزية في 22 ديسمبر عام 1997 خلال مباراة أرسنال وويمبلدون.
وبقيت الأمور غامضة حتى عام 1999 عندما اكتشفت الشرطة البريطانية تورط عصابة مراهنات ماليزية في محاولة فاشلة لإيقاف الأضواء الكاشفة خلال مباراة ليفربول وتشارلتون أتلتيك في الدوري.
وقد ألقت الشرطة القبض على روجير فريث مسؤول الأمن في استاد تشارلتون الذي تم عرض عليه مبلغ 20 ألف جنية استرليني للمساعدة على تعطيل الأضواء الكاشفة خلال سير المباراة بمساعدة رجل أمن آخر قبض 5 آلاف جنيه، كما تم القبض على مهندس آسيوي هو ليو واي يوين خطط مع أشخاص آخرين لزرع جهاز تخريبي في مركز الإضاءة يتحكم فيه عن بعد لإيقاف التشغيل فيه في الوقت الذي تريده مكاتب المراهنات ومركزها ماليزيا وذلك من خلال الوصول إلى النتيجة التي تريدها.
ومع التوسع في التحقيق تبين أن انقطاع الكهرباء في مباراة وست هام وكريستال بالاس لم يكن عرضياً أبداً، بل جاء نتيجة عمل تخريبي، كما حامت نفس الشكوك حول لقاء أرسنال وويمبلدون.
حرج ومفارقات
وإذا كانت هناك مباريات شهدت انقطاع الكهرباء بسبب أعمال تخريبية، فان أخرى جاءت نتيجة أسباب طبيعية لكنها أصابت بعض الأندية والدول بالكثير من الحرج، مثلما حدث عام 2004 عندما توقفت مباراة ودية بين إسبانيا واسكتلندا قبل نصف ساعة من نهايتها في أعقاب انطفاء الأضواء الكاشفة بعد انقطاع الكهرباء عن مدينة فالنسيا التي احتضن استاد ناديها ليفانتي اللقاء، لتكون المرة الأولى في التاريخ التي تلغى فيها مباراة لمنتخب إسبانيا.
وقد ألغى نفس السبب مباراة ودية كانت مقررة بين منتخبي البرازيل والأرجنتين في 4 أكتوبر 2012، حيث انقطع التيار الكهربائي قبل بداية مواجهة «ديربي» أمريكا الجنوبية المنتظر في مشهد كان غريباً بالفعل بالنسبة لأهم دولتين في العالم على صعيد لعبة كرة القدم.
وقد نزل اللاعبون إلى أرض الملعب لإجراء عملية الإحماء وبعد لحظات انقطعت الكهرباء في الاستاد ليقرر الحكم تأجيل اللقاء لبعض الوقت ريثما يعود التيار الكهربائي إلى كشافات الإنارة لكن ذلك لم يحدث بعد انتظار ساعة كاملة.
وفي 2012 أيضاً كان الموعد في بطولة الأندية الأهم على مستوى العالم وهي دوري أبطال أوروبا، حيث انقطعت الكهرباء بسبب الأمطار الغزيرة التي هطلت على ملعب سبورتينغ براغا البرتغالي الذي كان يلعب مع مانشستر يونايتد الإنجليزي ضمن منافسات المجموعة الخامسة من الدور الأول، وقد توقف اللقاء في الدقيقة 49 بعدما كان براغا متقدماً بهدف من ركلة جزاء، ومع استئناف اللعب بعد عشر دقائق حقق مانشستر الفوز الصعب وبشكل غير متوقع، بعدما استفاد كثيراً من التوقف المفاجئ لالتقاط أنفاسه وتخفيف حدة سيطرة أصحاب الأرض.
وفي بطولة كبرى هي الدوري الفرنسي أوقفت مباراة باريس سان جرمان وأجاكسيو التي أقيمت على ملعب الأخير في المرحلة الثانية من الدوري لمدة ربع ساعة قبل أن تستأنف لاحقاً.
ريال مدريد يتعرض للإحراج
وتعرض نادي ريال مدريد للإحراج ثلاث مرات بسبب انقطاع التيار الكهربائي، الأولى كانت عام 2010 خلال مباراة ودية كان يخوضها في ألبانيا، حيث اختفت الإنارة بالكامل لمدة 90 دقيقة قبل انطلاق الشوط الثاني، لكنه كان مضطراً للبقاء ومتابعة اللقاء بسبب وجود عدد كبير من الجماهير أتوا لمشاهدة نجومه.
أما الإحراج الثاني فحدث في 2011 عندما توقفت المباراة التي خاضها على ملعبه «برنابيو» مع راسينع سانتاندر لمدة دقيقتين بعد ظلمة دامسة ضربت الاستاد، لكن من حسن حظه أن الكشافات الاحتياطية عملت بسرعة.
وقد تم إلغاء مباراة لريال مدريد مع رايو فاليكانو قبل أن تبدأ، بعدما فشل تقنيو استاد رايو فاليكانو في إعادة الإنارة إلى الملعب.
التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"