عادي
العالم على شفير الجوع والفقر

«الفاو» وبرنامج الأغذية يحذران من أزمة غذائية تهدد ملايين البشر

22:36 مساء
قراءة 4 دقائق
صورة مقتبسة من موقع الفاو مرفقة بالتقرير

حذرت منظمتا الأغذية والزراعة (الفاو) و(برنامج الأغذية العالمي) في بيان تم نشره على موقع الفاو من أزمة غذائية شاملة يهدد فيها شبح الجوع الاستقرار في عشرات البلدان؛ حيث تدفع الصراعات والأحوال المناخية المتطرفة والصدامات الاقتصادية والتأثيرات المستمرة لجائحة كوفيد-19 والتداعيات المتوالية للحرب بملايين البشر حول العالم إلى شفير الفقر والجوع، فيما تشهد أسعار الأغذية والوقود ارتفاعاً حاداً يقود البلدان إلى حالة من عدم الاستقرار، بحسب ما جاء في تقرير مشترك جديد عن البؤر الساخنة للجوع.

وحذرت المنظمتان من وجود عدد من الأزمات الغذائية الوشيكة بفعل الصراعات والصدمات المناخية والعبء الثقيل للدين العام، ما أحدث زيادة سريعة في أسعار الأغذية والوقود في العديد من بلدان العالم، في سياقات تتميز أساساً بالتهميش الريفي وضعف النظم الزراعية والغذائية.

ودعا التقرير إلى اتخاذ إجراءات سريعة على صعيد العمل الإنساني في 20 من «البؤر الساخنة للجوع»؛ حيث من المتوقع أن يتفاقم الجوع الحاد من يونيو/حزيران إلى سبتمبر/أيلول 2022 من أجل إنقاذ الأرواح وسبل العيش والوقاية من المجاعة، وحذّر التقرير من تفاقم أسعار الأغذية والطاقة حول العالم والتي كانت تشهد بالفعل ارتفاعاً ثابتاً، وهو ما يؤثر بالفعل على الاستقرار الاقتصادي في مختلف الأقاليم ومن المتوقع أن تكون التأثيرات حادة للغاية؛ حيث يترافق عدم الاستقرار الاقتصادي والارتفاع الحاد في الأسعار مع انخفاض إنتاج الأغذية بسبب الصدمات المناخية على غرار حالات الجفاف أو الفيضانات المتكررة.

قلق متزايد

وقال شو دونيو المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة: «يساورنا قلق عميق إزاء التأثيرات المتضافرة للأزمات التي تقوّض قدرة الأشخاص على إنتاج الأغذية والحصول عليها، ما يدفع ملايين الأشخاص الإضافيين إلى مستويات قصوى من انعدام الأمن الغذائي الحاد فنحن في سباق مع الوقت لمساعدة المزارعين في البلدان الأشد تضرراً، بما في ذلك من خلال العمل سريعاً على زيادة الإنتاج الغذائي الممكن وحفز قدرتهم على الصمود في وجه التحديات».

وحذّر ديفيد باسيلي مدير برنامج الأغذية العالمي من عاصفة لن تلحق أضرارها بأشد الفقراء فقراً فحسب؛ بل ستجتاح أيضًا ملايين الأسر التي بقيت بمنأى عنها حتى الآن فالحلول متاحة لنا، لكن يجدر بنا العمل وبسرعة.

ظاهرة لا نينيا

ويُظهر التقرير أنه إلى جانب الصراعات لا تزال الصدمات المناخية المتكررة تتسبب بالجوع الحاد وتنذر بدخولنا إلى واقع جديد تقضي فيه حالات الجفاف والفيضانات والأعاصير والعواصف بشكل متكرر على الزراعة وعلى تربية الماشية، وتدفع السكان إلى النزوح بالملايين إلى شفير الهاوية في بلدان مختلفة حول العالم تأثراً بظاهرة لا نينيا منذ أواخر سنة 2020 من المتوقع أن تتواصل خلال سنة 2022، ما سيؤدي إلى زيادة الاحتياجات على صعيد المساعدة الإنسانية، وإلى ارتفاع معدلات الجوع الحاد، وتؤدي موجة غير مسبوقة من الجفاف في إفريقيا الشرقية وتطال الصومال وإثيوبيا وكينيا إلى رابع موسم أمطار دون المتوسط على التوالي، في حين سيشهد جنوب السودان للسنة الرابعة على التوالي فيضانات واسعة النطاق، ما سيؤدي على الأرجح إلى ترك الأشخاص منازلهم وسيعيث فساداً بإنتاج المحاصيل والإنتاج الحيواني وتوقع التقرير أن تتخطى معدلات هطول الأمطار المتوسط مع خطر حدوث فيضانات محلية في منطقة الساحل، في مقابل اشتداد موسم الأعاصير في منطقة الكاريبي وانخفاض هطول الأمطار إلى ما دون المتوسط في أفغانستان، والتي تتخبّط بالفعل في مواسم جفاف متوالية وحالة من العنف والاضطرابات السياسية.

ظروف اقتصادية

ويشدد التقرير أيضاً على الطابع الملحّ لظروف الاقتصاد الكلي السيئة جداً في عدة بلدان والتي نشأت عن تداعيات جائحة كوفيد-19 وتفاقمت بفعل الاضطرابات الأخيرة في الأسواق العالمية للأغذية والطاقة وتتسبب هذه الظروف بخسائر فادحة في مداخيل أفقر المجتمعات، وتستنزف قدرة الحكومات الوطنية على تمويل شبكات الأمان الاجتماعي، والتدابير الرامية إلى دعم المداخيل، واستيراد السلع الأساسية؛ حيث تعاني إثيوبيا، ونيجيريا، وجنوب السودان، واليمن وأفغانستان والصومال، مستويات (الكارثة) ضمن المرحلة 5 من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي أو يواجهون خطر التدهور نحو ظروف كارثية؛ حيث يصل فيها عدد الأشخاص الذين يعانون المجاعة ويواجهون خطر الموت إلى 750 ألف شخص ويعيش 400 ألف شخص من بين هؤلاء في منطقة تيغراي في إثيوبيا، وهو أعلى رقم يسجّل في بلد واحد منذ المجاعة التي شهدها الصومال في عام 2011.

قلق بالغ

وما زالت جمهورية الكونغو الديمقراطية وهايتي ومنطقة الساحل والسودان والجمهورية العربية السورية مصدر قلق بالغ في ظل الأوضاع الحرجة المتدهورة، كما في الإصدار السابق من هذا التقرير- مع انضمام كينيا إلى قائمة هذه البلدان في التقرير الجديد وأضيفت كل من سريلانكا، والبلدان الساحلية في غرب إفريقيا (بنين، وكابو فيردي، وغينيا)، وأوكرانيا، وزيمبابوي إلى قائمة البلدان التي تشكل بؤراً ساخنة، إلى جانب أنغولا، ولبنان، ومدغشقر، وموزمبيق التي ما زالت بؤراً ساخنة للجوع بحسب ما جاء في التقرير.

توصيات ما قبل الكارثة

ويقدم التقرير توصيات ملموسة خاصة ببلدان محددة بشأن أولويات الاستجابة الإنسانية الفورية لإنقاذ الأرواح، ومنع حدوث مجاعة، وحماية سبل العيش، فضلًا عن الإجراءات الاستباقية وقد سلّط الالتزام الأخير لمجموعة السبع، الضوء على أهمية تعزيز الإجراءات الاستباقية في مجال المساعدات الإنسانية والإنمائية، لضمان ألاّ تتحوّل المخاطر التي يمكن التنبؤ بها إلى كوارث إنسانية؛ حيث أقامت منظمة الأغذية والزراعة شراكة مع برنامج الأغذية العالمي لتوسيع نطاق ومدى الإجراءات الاستباقية التي من الممكن اتخاذها لحماية الأرواح في المجتمعات المحلية وأمنها الغذائي وسبل عيشها قبل أن تحتاج إلى المساعدة المنقذة للأرواح وذلك خلال الفترة السانحة البالغة الأهمية بين الإنذار المبكر ووقوع الصدمة ويمكّن التمويل المرن للعمليات الإنسانية لمنظمة الأغذية والزراعة وبرنامج الأغذية العالمي من استباق الاحتياجات الإنسانية وإنقاذ الأرواح وتبيّن الأدلة أنه يمكن مقابل كل دولار واحد (1) يُستثمر في العمل الاستباقي لحماية الأرواح وسبل العيش، ادّخار ما يصل إلى 7 دولارات عن طريق تجنّب الخسائر في المجتمعات المتضررة من الكوارث.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"