عادي

الدخول في السُنة يوجب الإتمام

22:17 مساء
قراءة دقيقتين
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ
يفهم الناس من الفرض والسنة، أن الفرض هو الواجب الذي إذا لم يفعله عاقبه الله تعالى عليه، والسنة هي التي تجعله بالخيار، فله أن يفعل وله تركه.

ومن ثمّ فإنه لو دخل في صلاة الظهر مثلاً، ثم لم يكملها أو أخلّ بشيء من أركانها وواجباتها، فإنه يجب عليه إتمامها على الوجه الأكمل، وعليه أن يقضيها متى وقعت غير صحيحة.

في حين أنه لو صلّى صلاة الوتر مثلاً، أو صلى ركعتين تحية المسجد، ولم يكملها أو صلاها وأخل بشيء منها، فإنه لا يجب عليه الإتمام، ولا يجب عليه إعادة ما فسد منها، لماذا؟ لأنها سنة ولم تكن فرضاً.

في الحقيقة أن الفقهاء نظروا إلى هذه المسألة نظرة أخرى، فمنهم من فهم من قوله تعالى: «ولا تبطلوا أعمالكم»، الآية 33 من سورة محمد، بأنه يجب على المسلم أن يتم التطوع مثلما يتم الفرض.

وفي فقه الأحناف والمالكية نقرأ: إذا شرع في عبادة كالصلاة والصيام، وجب عليه إتمامه لعموم قوله تعالى: «ولا تبطلوا أعمالكم». وإذا فسدت تلك العبادة صلاة كانت أم صياماً، فإن واجبه أن يقضيها لأن النبي صلى الله عليه وسلم، قال لعائشة وحفصة، رضي الله تعالى عنهما، عندما أفطرتا في صوم التطوع: اقضيا يوماً مكانه، رواه الترمذي.

والفرق بين مذهب الأحناف ومذهب المالكية، أن الأحناف لم يفرقوا بين العمد وغير العمد.

أما المالكية فقالوا: يجب القضاء إذا كان فساد تلك العبادة متعمداً، ولا قضاء عليه إذا خرج من صلاة التطوع أو صوم التطوع لعذر، راجع «الشرح الصغير» ج1 ص 408، و«البدائع» ج1 ص 290. 291.

وقد عدّ الحطاب في كتابه «مواهب الجليل لشرح مختصر خليل» ج2 ص 90. ما تلزم أي تجب عليك بمجرد الشروع فيها وهي سبع:

الصلاة والصوم والاعتكاف والحج والعمرة والائتمام خلف الإمام والطواف، ثم ذكر ما لا يلزم بالشروع وهو: الصدقة والقراءة والأذكار والوقف والسفر للجهاد، وغيرها من القربات.

أما الشافعية والحنابلة، فلا يرون أن الشروع في التطوع يوجب إتمامه، بل يستحب الإتمام عندهم، كما يستحب القضاء إذا فسدت تلك العبادة، واستثنوا تطوع الحج والعمرة.

وحجة الشافعية والحنابلة في هذه المسألة حديث الرسول، صلى الله عليه وسلم: «الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر» رواه الترمذي والحاكم.

على كل حال، فإن الأحوط على المسلم أن يحترم الواجب والسنة، لأن مدار العمل في الاثنين على التقرب به إلى الله تعالى، فالواجب هو ملزم به من غير مناقشة، لأن الرسول، صلى الله عليه وسلم، قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» رواه البخاري.

والتطوع هو ألزم نفسه به عندما شرع فيه، فينبغي أن لا يفسده من غير عذر قاهر، وإلا فإن العبادات تحولت إلى هزل، والله تعالى في غنى عن عبادة هازل.

وأعتقد أن هذا هو مفهوم قوله تعالى: «ولا تبطلوا أعمالكم»، ومفهوم قول الرسول الصائم المتطوع أمير نفسه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"