عادي
الإمارات تحاصره بفحوص ما قبل الزواج

«فقر الدم المنجلي» اضطراب وراثي عابر للأجيال

22:47 مساء
قراءة 4 دقائق

تحقيق: راندا جرجس
يُعد انتشار مرض فقر الدم المنجلي من أعلى المعدلات في المنطقة، ويبلغ معدل المصابين به في الإمارات %1.1 من السكان، ويمثل أحد الاضطرابات الوراثية الرائدة في العالم؛ حيث يرتفع معدل الوفيات بين الرضع والأطفال في العالم النامي، ولا يصل %90-50 من الأطفال المولودين بفقر الدم المنجلي إلى عامهم الخامس. ومن المتوقع وجود نمو بنسبة %30 في عدد الأشخاص المصابين بداء فقر الدم المنجلي بحلول عام 2050، وفي السطور القادمة يتحدث مجموعة من الخبراء والاختصاصيون عن هذا الموضوع تفصيلاً.

تذكر د. أسماء العلماء رئيس شعبة الإمارات لأمراض الدم أن أكثر الفئات المستهدفة بفحص فقر الدم المنجلي هم الشباب والفتيات المقبلون على الزواج؛ حيث إن أفضل الطرق لمواجهة المشكلة هي الوقاية وعدم إنجاب أطفال مصابين، وهذا ما تطبقه الإمارات من خلال فرض قانون إلزامية فحص ما قبل الزواج منذ أكثر من 20 عاماً.

وتشير العلماء إلى أن الأنيميا المنجلية تؤثر في صحة الأطفال في المستقبل في حال توارثها من أحد الأبوين أو كلاهما؛ لذا لجأت الإمارات إلى فرض فحص ما قبل الزواج وأصبح إلزامياً، وإذا أصر كلا الطرفين على الزواج فقد وفرت الدولة ما يعرف بأطفال الأنابيب لإنجاب طفل خالٍ من المرض IVF PGD والتشخيص أثناء الحمل PND، وعلى الرغم من ارتفاع مخاطرة، فإن الوعي بالمرض لا يزال منخفضاً للغاية؛ لذلك نسعى للتعريف بمدى انتشار الأنيميا المنجلية وأعراضها والفحص وخيارات العلاج المتاحة من خلال حملات التوعية، لمساعدة المرضى المصابين بهذا الاضطراب على أن يعيشوا حياة أكثر سعادة.

وتؤكد العلماء أن التشجيع على القيام بفحص ما قبل الزواج، وتشخيص الأطفال قبل وبعد الولادة مباشرة، ونشر البرامج التعليمية حول الأنيميا المنجلية للأفراد ومقدمي الرعاية الصحية، من أهم الخطوات الوقائية المبكرة التي تفيد في القضاء على هذا المرض، كما تهدف الحملات التوعوية إلى رفع الوعي حول فقر الدم المنجلي والتعريف به بصورة صحيحة وتسليط الضوء على انتشاره في دولة الإمارات العربية المتحدة؛ حيث إنه يصنف كثاني أكثر عيوب جين بيتا-جلوبين شيوعاً في الإمارات بعد «الثلاسيميا».

الخلية المنجلية

توضح د. موزة المرشودي استشارية الطب الباطني وأمراض الدم الحميدة، أن جين الخلية المنجلية يحدث بتواتر متغير في دول الشرق الأوسط العربية. في العامين الماضيين، وقد شكلت الأمراض الوراثية، مثل مرض فقر الدم المنجلي، سبباً رئيسياً وراء المشاكل الصحية المزمنة والاعتلال الصحي والوفيات، وبالتالي أصبحت تمثل عبئاً كبيراً على منظومة الرعاية الصحية، ويُعرف فقر الدم المنجلي بأنه داء وراثي ينتقل من الوالدين إلى المُصاب، ويستهدف خلايا كرات الدم الحمراء، ويتسبب في التصاقها داخل الأوعية الدموية الدقيقة، وتتحول الكريات من وضعها الدائري الطبيعي والصحي إلى غير قادرة على الحركة وتتخذ شكل المنجل أو ما يُشبه الهلال، وبالتالي يقل تدفق الدم والأكسجين إلى أعضاء الجسم وأهمها الدماغ والقلب والكلى والمفاصل، ما يؤثر في الحالة الصحية للمريض.

وتلفت المرشودي إلى أن أعراض فقر الدم المنجلي تشمل النوبات المتكررة من الألم في أجزاء متفرقة من الجسم وخصوصاً في الأطراف والمفاصل والعظام، والالتهابات المزمنة وسوء التغذية وبطء النمو عند الرضع، ويتم التنبؤ عادة بإنجاب طفل مُصاب عندما تظهر إصابة أحد الوالدين في فحوص قبل الزواج، أو عن طريق فحص الدم الروتيني لحديثي الولادة.

تأثيرات

يشير د. محمود مرعشي، استشاري أمراض الدم، إلى أن فقر الدم المنجلي من الأمراض التي تؤثر في جميع أجهزة الجسم وتضر الأعضاء، ويعد من المشكلات المصاحبة للمريض منذ الطفولة وطوال حياته، وترافقه العديد من المضاعفات الصحية كالتأثير في المفاصل والأربطة، وينجم عنه ما يعرف بتضخم الأطراف اليدين والقدمين، وبعض التلف الصغير الذي يتراكم في أنسجة الخلايا الدماغية، ويتطور مع مراحل العمر ويؤدي إلى التأخر في الأنشطة الفكرية، وربما يتسبب انسداد الأوعية الدقيقة في الإصابة بالسكتة الدماغية.

ويضيف: تعد متلازمة الصدر من أخطر مضاعفات فقر الدم المنجلي، وهي من الحالات الحادة التي تحدث نتيجة عدم تدفق الدم إلى الرئتين، وكذلك تلف الكليتين الذي يستدعي الغسيل الكلوي المتكرر، والتهاب الأربطة والمفاصل، وأبرزها الحوض، ويمكن أن يحتاج المريض إلى التدخل الجراحي لتغيير المفصل المصاب.

يلفت د.مرعشي إلى أن دواء الهيدروكسي يوريا من أهم العلاجات التي تستخدم لعلاج فقر الدم المنجلي، فهو يعمل على تقليل حدة الألم المبرحة ويشكل وقاية للمرضى من حدوث الأزمات والنوبات المتكررة، ولكن هناك بعض الحالات لا تستجيب لهذا العقار ويتم علاجهم بالحقن الوريدي، ويعكف العلماء على دراسة العلاج الجيني، ويجب التنويه إلى ضرورة حماية المريض باللقاحات الموسمية المضادة للأمراض المعدية.

إدارة المرض

يعد فقر الدم المنجلي من الأمراض التي تصاحب الإنسان من الولادة إلى الشيخوخة؛ لذلك يوصي خبراء الصحة العامة ببعض الطرق التي تسهم في الحد من تطور الأعراض والمضاعفات، وحدة الألم والنوبات، وإمكانية التعايش مع المرض، والتي تتمثل في: -

- الالتزام بإجراء الفحص الطبي الشامل قبل الزواج؛ حيث يساعد في الحد من انتقال مرض الأنيميا المنجلية بين الأجيال.

- الراحة النفسية وتجنب التعرض للضغوط اليومية والتوتر والقلق.

- ممارسة الرياضة بشكل منتظم تقلل فرصة التعرض لنوبات الألم.

- المداومة على شرب كميات كافية من الماء، وتجنب الإصابة بالجفاف حتى لا تزيد الحالة سوءاً. - تجنب التعرض للحرارة أو البرودة الشديدة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"