عادي

تعرّف إلى أسباب عدم نجاح ليبرالية القرن الـ 19

19:55 مساء
قراءة 3 دقائق
غلاف

أصدرت دار آفاق للنشر والتوزيع كتاب فريدريش فون هايك، وعنوانه «الفردانية والنظام الاقتصادي» ترجمة عمر فتحي، ويشتمل على مجموعة من المقالات، يناقش فيها فريدريش هايك الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد عام 1974، موضوعات متنوعة كالفلسفة الأخلاقية ومناهج العلوم الاجتماعية والنظرية الاقتصادية، باعتبارها جوانب مختلفة من نفس القضية المركزية، ألا وهي الأسواق الحرة مقابل الاقتصادات الاشتراكية المخططة مركزياً، وقد نشرت المقالات لأول مرة في ثلاثينات وأربعينات القرن العشرين، ولا تزال قادرة على إلقاء الضوء على المشكلات التي تواجه البلدان النامية والبلدان الاشتراكية سابقاً.

يشير هايك في بداية كتابه إلى أن الدفاع عن أي مبادئ واضحة للنظام الاجتماعي اليوم، بات طريقة مؤكدة تقريباً، لأن يجلب المرء لنفسه وصمة العار المتمثلة في كونه دوغمائياً وغير عملي. لقد بات يعتبر أنه من علامات العقل الحكيم ألا يلتزم المرء في المسائل الاجتماعية بالمبادئ الثابتة؛ بل أن يبت في كل مسألة على حدة، ويسترشد المرء عموماً بالنفعية، ويكون مستعداً للتسوية بين وجهات النظر المتعارضة.

ويوضح المؤلف أنه تحت شعار «لا الفردانية ولا الاشتراكية» حدث أننا أصبحنا نتحرك في الواقع سريعاً من مجتمع من الأفراد الأحرار إلى مجتمع ذي طابع جماعاتي بالكامل، وهنا يقول: «لا أعتزم فقط الشروع في الدفاع عن مبدأ عام للنظام الاجتماعي، لكن سأحاول أيضاً إثبات أن النفور من المبادئ العامة، وتفضيل الانتقال من حالة جزئية معينة إلى حالة جزئية أخرى، هما نتاج الحركة التي «مع تطورها الحتمي» ستقودنا إلى الوراء، لننتقل من نظام اجتماعي يقوم على الاعتراف العام بمبادئ معينة، إلى آخر يتم فيه إنشاء النظام عن طريق الأوامر مباشرة».

لا يوجد مصطلح سياسي (كما يؤكد المؤلف) عانى في هذا الصدد أسوأ من الفردانية، حيث لم يتم تشويهه فقط من قبل خصومه في صورة كاريكاتيرية لا يمكن التعرّف إليها، وعلينا دائماً أن نتذكر أن المفاهيم السياسية التي أصبحت اليوم عتيقة، تكون معروفة لمعظم معاصرينا فقط من خلال الصورة التي رسمها أعداؤها لها.

ويرى المؤلف أن عدم نجاح ليبرالية القرن التاسع عشر بشكل كامل، يرجع إلى فشلها في التطور في هذا الاتجاه، فبسبب بعض الأحداث التاريخية انضمت قوتها أولاً إلى القومية، ثم لاحقاً إلى الاشتراكية، وكلتا القوتين تتعارضان بشكل متساوٍ مع مبدئها الأساسي. لقد تحالفت الليبرالية مع القومية في البداية بسبب المصادفة التاريخية، حيث كانت القومية خلال القرن التاسع عشر، هي التي حاربت في إيرلندا واليونان وبلجيكا وبولندا، ولاحقاً في إيطاليا والمجر النمساوية ضد نفس نوع الاضطهاد الذي كانت تقاتله الليبرالية.

وهذه الليبرالية التي يتحدث عنها الكتاب ليست بالطبع حزبية، إنها وجهة نظر وفرت قبل الحرب العالمية الأولى أرضية مشتركة لجميع مواطني الديمقراطيات الغربية تقريباً، وهي أساس الحكومة الديمقراطية. ربما يكون أحد الأحزاب قد احتفظ بقدر من هذه الروح الليبرالية أكثر بقليل من الآخرين، لكنهم ضلوا الطريق إلى الحظيرة، بعضهم في اتجاه والبعض في اتجاه آخر.

وينهي المؤلف كتابه قائلاً: «لن أقدم أي اعتذار بشأن الإشارة إلى العقبات التي تعترض طريق هدف أؤمن بشدة بقيمته، فأنا مقتنع بأن هذه الصعوبات حقيقية، وأنه إذا لم نعترف بها من البداية فقد تشكل في وقت لاحق الصخرة التي قد تتأرجح عليها كل آمال النظام الدولي، وكلما أسرعنا في التعرّف إلى هذه الصعوبات وإدراك أبعادها، أمكننا أن نأمل سريعاً التغلب عليها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"