عادي

«الجيون» يحكي بلسان الأجداد عشق الإماراتيين للبحر

20:44 مساء
قراءة دقيقتين
الجيون
الجيون

حين تدخل ركن «الجيون» بملتقى الشارقة الدولي للراوي الذي يقيمه معهد الشارقة للتراث في إكسبو الشارقة، ستشعر لأول وهلة بأنك غادرت هذا الزمان إلى زمان سابق، تشتم منه رائحة البحر، فتسمع على الفور «نهمات» النواخذة وهم يرفعون الأشرعة متوجهين نحو رزق جديد، تودعهم أيدي أحبابهم من الزوجات والأولاد بالدموع والقلق، والشوق إلى لقاء قريب.

جي وَن، في قاموس المصطلحات البحرية في الإمارات وتلفظ بالإنجليزية «G.One» هي أحسن أنواع اللؤلؤ وأكبره وأكمله.

ويضيف لنا التراثي الإماراتي ناصر بن حميد الكاس آل علي، رئيس جمعية بن ماجد للفنون الشعبية الإماراتية تسميات أخرى كالدانة: وهي اللؤلؤة الكبيرة الحجم ذات القيمة العالية، والجوهرة وهي لؤلؤة أصغر حجماً ولها جمال لافت، وهناك «الحصباه»، والقماش، و«السحتيت»، والمخمل، تلتقي في مسميات اللؤلؤ، وتفترق في الحجم والأوصاف والجمال والقيمة.

ولأن طريق صيد اللؤلؤ لم يكن مفروشاً بالورود، وإنما كان محفوفاً بالمخاطر والمشقة، كان لابد من أن يشهد موقع «الجيون» شرحاً مرئياً ومكتوباً لبعض ما كان يحيط بالبيئة البحرية من أمور، وهنا يأخذ بيدك التراثي ناصر آل علي إلى شرح وافٍ لم يقرأه من بطون الكتب، وإنما عاشه لعقود مع نواخذة آخرين، حتى صار البحر موطناً لهم أكثر من اليابسة، وصار شوقهم إليه عميقاً بمجرد أن يعودوا للديار.

وأضاف آل علي إلى ذلك جملة من الأمثال الشعبية الإماراتية البحرية لتكون الصورة وافية لمن ينشد معرفة البحر، وحياة مجاوريه.

ومن مصطلحات مسميات حركة البحر التي يتعرف إليها الزائرون «الثير والسجي»؛ أي المد والجزر، وإذا تقدم ماء البحر قالوا «رشت المايه»، وإذا انتهى المد والجزر يقولون «انتصخت المايه»، وإذا تقدم ماء البحر وتأخر في الوقت نفسه يقولون «المايه تغيّل»، وهذا يعني أن ماء البحر متأثر إما بهواء شديد، أو بأمطار قوية، وغير ذلك كثير.

وتحفل ذاكرة آل علي بكثير من مسميات الغوص وأدوات الصيد البحرية التي يوجد الكثير من نماذجها في ركن «الجيون» بملتقى الراوي مثل «الصفده» وهي صدفة بحرية تصنع من أطرافها مراود الكحل، و«المشخلة»، وهي أداة لتصفية القماش، و«الخبط» وهو جلد يوضع في أصابع اليد لحمايتها من حواف أصداف اللؤلؤ، و«المغلقة» وهي أداة تساعد على فلق أصداف اللؤلؤ لاستخراجه، و«الفطام» أداة تستعمل لمنع دخول المياه لأنف الغطاس، وغيرها.

وما يميز ركن «الجيون» هو أنه احتفظ في مدخله بباب البيت الإماراتي القديم، ومزلاجه، وبعض اللوحات المكونة على شكل دلال القهوة، وأخرى تضم تشكيلات وأحجاماً منوعة للأصداف تعطي الزائرين فكرة عن موجودات البحر وخيراته، وعندما تتوقف الجولة في هذا المكان تبدأ جولات أخرى في الذهن، تحن إلى ذلك الزمان وأهله وتراثه، ويبقى البحر معشوق الجميع، حوله تجتمع حكاياتهم، وفيه يصنعون أجمل ذكرياتهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/46k3drc9

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"