عادي

ستر العورة (2)

22:45 مساء
قراءة دقيقتين
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

قلنا في المقال السابق: إن ستر العورة عموماً واجب، وفي هذا المقال نتطرق إلى عورة الرجل، وقد قال القرطبي في تفسيره بوجوب ستر العورة عن أعين الناس.

ثم اختلف الفقهاء في حدّ عورة الرجل مع الرجل، فالجمهور غير الحنفية قالوا إن عورة الرجل ما بين السرة والركبة.

ونلاحظ هذا المعنى في تعريفات الفقهاء؛ حيث قال الإمام ابن عبد البر من المالكية: وأقل ما تجوز فيه صلاة الرجل من اللباس ما يستر ما بين السرة والركبة.

ويقول الإمام النووي: الصحيح المنصوص عليه عند الشافعية أن عورة الرجل ما بين السرة والركبة.

ويقول الإمام أحمد بن حنبل: السرة والركبة ليستا من العورة، انظر «الكافي» لابن عبد البر ج1 - ص 238، وانظر «المجموع» للإمام النووي ج3 - ص 168، وانظر «طبقات الحنابلة» ج1 - ص 64.

والجمهور استدلوا بمثل حديث ابن عباس، رضي الله عنهما، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «الفخذ عورة». رواه البخاري.

وحديث أبي أيوب، رضي الله عنه، قال: سمعت النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول: (ما فوق الركبتين من العورة، وما أسفل من السرة من العورة)، رواه الدارقطني في كتاب «الصلاة».

ومثل حديث أبي موسى الأشعري، رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قاعداً في مكان فيه ماء قد انكشف عن ركبته أو ركبتيه، فلمّا دخل عثمان بن عفان، رضي الله عنه، غطّاها)، رواه البخاري في كتاب (فضائل الصحابة) باب مناقب عثمان، وهناك أحاديث أخرى في الباب أيضاً.

ويرى الحنفية أن عورة الرجل ما بين السرة إلى الركبة، بمعنى أن الركبة داخلة في العورة، والسرة ليست من العورة.

يقول مؤلف «مجمع الأنهر في شرح ملتقى الأبحر»: «وعورة الرجل ما تحت سرته إلى تحت ركبته»، فالسرة ليست من العورة عند الحنفية.

واستدل الأحناف بالحديث الذي رواه علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «الركبة من العورة»، رواه الدارقطني.

يرد الجمهور على هذا الحديث بأنه ضعيف، وقد قال الذهبي في كتابه «الميزان»: وقال ابن حبان: لا يحتج به.

والصحيح، والله أعلم، ما ذهب إليه الجمهور بأن عورة الرجل من السرة إلى الركبة، وأن السرة والركبة ليستا من العورة.

أقول واليوم قضيتنا أكبر من اختلاف الفقهاء على السرة والركبة؛ حيث إننا نرى الرجل يتعرّى تماماً وليس عليه إلا ما يستر السوأتين، وهما المسميتان عند الفقهاء بالعورة المغلظة، يخرجون عراة من غير حاجة ولا ضرورة.

مع العلم بأن الشريعة راعت الضرورة، فقالت: الضرورات تبيح المحظورات، ولكنها قالت أيضاً: الضرورة تقدر بقدرها.

وهنا ألفت نظر بعض الناس الذين يدخلون المسجد بالسروال القصير (الهاف) تبين فيه الركبة يصلون به مع الجماعة، هؤلاء قد لا تصح صلاتهم، والله تعالى يقول: «خذوا زينتكم عند كل مسجد»، و«الهاف» ليس من الزينة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2r8ynx3y

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"