عادي
يوفر المرونة لإدارة الشؤون الخاصة وترتيب الأعمال

امتيازات لا حصر لها للشركات العائلية بالقانون الجديد في الإمارات

22:00 مساء
قراءة 7 دقائق

عصام التميمي *

أصدرت دولة الإمارات العربية المتحدة المرسوم بقانون اتحادي رقم (37) لسنة 2022 بشأن الشركات العائلية، ويأتي القانون حرصاً على دعم الشركات العائلية وتقديراً لأهميتها في دفع عجلة الاقتصاد في الدولة، من خلال مساهمة الشركات العائلية الكبرى في دعم الناتج المحلي الإجمالي للدولة بالإضافة إلى دعم التجارة الدولية. ويوفر القانون المرونة اللازمة للعائلات في إدارة شؤونها الخاصة وترتيب إدارة أعمالها، وضمان استدامتها بما يحقق مصلحة أفراد العائلة ويعزز اقتصاد الدولة، ولتحقيق هذه الأهداف، فقد نظم هذا القانون عدة أمور جوهرية، وقدم امتيازات وضمانات لاستمرار واستقرار الشركات العائلية في الدولة.

1

عرف القانون الشركة العائلية بأنها الشركة التي تؤسس وفقاً لأحكام قانون الشركات ويمتلك أغلب حصصها أشخاص ينتمون لعائلة واحدة ويتم قيدها في سجل خاص للشركات العائلية لدى وزارة الاقتصاد. وبموجب القانون تفقد الشركة صفتها كشركة عائلية إذا ما انخفضت نسبة الأغلبية للشركاء من أفراد العائلة وبالتالي تفقد امتيازاتها وفقاً لهذا القانون.

ويطبق القانون على كافة الشركات العائلية القائمة أو التي يتم تأسيسها في الدولة باستثناء الشركات المساهمة العامة وشركات التضامن. والجدير بالذكر أن القانون لم ينشئ شكلاً جديداً للشركة العائلية، وإنما ستأخذ نفس الأشكال المعمول بها في الدولة وفقاً لقانون الشركات التجارية أو في المناطق الحرة حسب تشريعاتها. وعلى الرغم من أن القانون أكد خضوع الشركات العائلية لقانون الشركات، إلا أن ذلك مربوط بعدم وجود نص خاص في القانون، وفي هذه الحالة يطبق ذلك النص الخاص ولا تطبق أحكام قانون الشركات.

ولحرص المشرع على تقديم مزايا وحوافز خاصة للشركات العائلية على المستويين الاتحادي والمحلي، فقد خوّل القانون مجلس الوزراء بإصدار ما يراه من قرارات بالمزايا والحوافز التي تمنح للشركات العائلية المقيدة في السجل، علاوة على تفويض السلطة المختصة على مستوى الإمارة بأن تمنح أي مزايا وحوافز أخرى وفق الضوابط والاشتراطات التي تصدر بهذا الشأن. وجدير بالذكر لم يميز القانون بين الشركات العائلية، بغض النظر عن شكل الشركة ومكان تأسيسها سواء في الدولة أو المناطق الحرة، فطالما ينطبق عليها تعريف الشركة العائلية فهي إذن تتمتع بالامتيازات والحوافز والاستثناءات الفريدة التي يمنحها القانون أو القرارات التي سيصدرها مجلس الوزراء والسلطة المختصة تنفيذاً لأحكام القانون.

ميثاق العائلة

وقد أعطى القانون للشركات العائلية الحق بوضع ميثاق العائلة، وهو وثيقة لتنظيم حوكمة شؤون العائلة ذات العلاقة بالشركة العائلية، والغاية من هذه الوثيقة هي ترتيب شؤون الشركة والشركاء من أفراد العائلة بما في ذلك إجراءات تقييم الحصص وتوزيع الأرباح وتأهيل أفراد العائلة وأي إجراءات أخرى خاصة لترتيب شؤونها بالإضافة إلى آلية حل الخلافات والنزاعات التي تنشأ بينهما فيما يلي الشركة العائلية وغير ذلك من الأحكام والقواعد الملزمة لكافة أفراد العائلة حال حياتهم وما بعد الوفاة. كما أجاز القانون أن يتضمن ميثاق العائلة الشروط والمعايير والمؤهلات والشروط الواجب توافرها في أفراد العائلة للعمل في الشركات العائلية.

كما وضع القانون آليات أخرى لتنظيم حوكمة العائلة فيما يتعلق بعلاقتها مع الشركة العائلية من خلال إنشاء أجسام مختلفة، مثل جمعية العائلة ومجلس العائلة ومكتب العائلة، بحيث تختص كل منها بمهام محددة تناط بها مثل تدريب وتعليم أفراد العائلة ليتمكنوا من الانضمام للعمل في الشركات العائلية والإشراف على استثمارات العائلة وفصل ملكية الأصول الخاصة بالعائلة عن ملكية الشركة العائلية وحوكمتها، وإدارة شؤون الأعمال الخيرية والمساهمات المجتمعية الت ي تسعى الشركة أن تساهم فيها بالإضافة إلى آليات فض النزاعات وغير ذلك من شؤون العائلة والحوكمة الداخلية للشركات العائلية.

حقوق متساوية أو متفاوتة

وخلافاً لما نص عليه قانون الشركات التجارية، لم يحدد القانون حداً أقصى للشركاء في الشركات العائلية، وأعطى أفراد العائلة حق الاتفاق في عقد التأسيس والميثاق بأن يكون للشركاء في الشركة حقوق متساوية أو متفاوتة في الشراكة والأرباح والحق في الإدارة وغيرها من الحقوق والامتيازات. ومن أهم الأحكام التي نص عليها القانون، هو الحكم الذي يجيز بأن يكون لبعض الحصص امتياز على الحصص الأخرى، على سبيل المثال يمكن أن تقسم الحصص في الشركة بحصص للفئة (أ) وأخرى للفئة (ب) حسب رغبة الشركاء، بحيث يكون لحصص الفئة (أ) الحق في الأرباح والتصويت، على أن يكون لأصحاب الحصص من الفئة (ب) الحق في الأرباح دون التصويت، وبالطبع هذا لا ينتقص من حقوق الشركاء في تنظيم كيفية توزيع الأرباح وتخصيصها كما ذكرنا آنفاً.

ولحماية مشروع العائلة وحرصاً من المشرع بأن تكون حصص الشركة مملوكة لأفراد العائلة على الدوام، فقد وضع القانون ضوابط وإجراءات مشددة للتصرف في الحصص لغير أفراد العائلة، حيث أُعطي الشركاء من أفراد العائلة حق الأولوية بالإضافة إلى حق الاسترداد في حالات معينة.

من الأمور الإيجابية التي وفرها القانون أيضاً ما يتعلق بحق الشركة في شراء حصصها، إذ سمح للشركات العائلية بشراء حصصها وهو الأمر الذي كان محصوراً فقط للشركات المساهمة وفي حالات استثنائية فقط، وقد كفل القانون وسائل إضافية للعائلات لحماية الشركات العائلية وضمان استمرارية ملكية أفراد العائلة لهذه الشركات مع توفير المرونة لأعضاء العائلة للتخارج منها.

شراء الحصص

وفي تطور فريد من نوعه، وحرصاً من المشرع على أن يتم ترتيب أمور شؤون العائلة والشركة العائلية من ملكية وإدارة وغيرها على أتم وجه، فقد ألزم القانون الشريك الواحد المالك لنسبة لا تقل عن 90% من رأسمال الشركة العائلية بإخطار الشركاء الآخرين من خارج العائلة برغبته بشراء حصصهم، وذلك بالسعر الذي يتم الاتفاق عليه، أو في حال عدم الاتفاق بالسعر الذي تحدده لجنة فض المنازعات. وفي حال كان الشركاء الآخرين من أفراد العائلة، فقد ألزم القانون الشريك الواحد المالك لنسبة لا تقل عن 95% من رأسمال الشركة العائلية إخطار الشركاء الآخرين برغبته بشراء حصصهم وذلك بالسعر الذي يتم الاتفاق عليه أو السعر الذي تحدده لجنة فض المنازعات في حال عدم الاتفاق.

ومن خلال الواقع العملي، فإن آلية حل النزاعات المتعلقة بالشركات العائلية، ربما تكون من أكبر التحديات التي تواجهه العائلات والشركات العائلية. ونظراً لذلك ولما تثيره النزاعات بين أفراد العائلة في معظم الأحيان من ارتباك في إدارة الشركة وتأثير سلبي على أعمالها التجارية وتسيير أمورها مما يؤدي في أغلب الأحوال إلى عرقلة نمو الشركة أو تعثر استمراريتها، فقد نظم المشرع في المادة 19 من القانون آليات وخيارات مختلفة ومرنة لحل النزاعات التي تنشأ بين أفراد العائلة والشركاء، وبينهم وبين الشركة العائلية. وفي هذا الخصوص فقد سمح القانون بالاتفاق في عقد التأسيس أو الميثاق على وسيلة للتوفيق من خلال مجلس يتم تشكيله من بعض الأفراد أو الشركاء أو الغير لحل النزاعات. وفي حال لم يتفق الأطراف على وسيلة فض الخلافات أو إذا لم ينجح المجلس في التوفيق خلال 3 أشهر أو خلال أي مدة إضافية يتفق عليها الأطراف، أو إذا لم يتم إحالة الخلاف للمجلس، يتم البت في النزاع من قبل لجنة فض المنازعات، والتي يجب أن تفصل في النزاع خلال ثلاثة أشهر ويمكن تمديد هذه المدة بطلب مسبب من ذوي الشأن.

لجنة فض المنازعات

وقد نص القانون على أن يتم إنشاء لجنة فض المنازعات بقرار من وزير العدل أو من رئيس الجهة القضائية المحلية في كل إمارة بحسب الأحوال وتكون برئاسة قاضي ويعاونه اثنان من ذوي الخبرة والاختصاص في المجالات القانونية والمالية وإدارة الأعمال العائلية. وتختص لجنة فض المنازعات باتخاذ ما يلزم من التدابير المستعجلة للمحافظة على استمرارية الشركة واتخاذ القرارات فيها وعدم تأثر أعمالها طوال فترة البت في النزاع، ويجوز للأطراف استئناف القرار أمام المحكمة المختصة.

وبخلاف ما يجري من ممارسات في نزاعات أخرى يتم الفصل فيها إلزامياً عبر لجان فض نزاعات، فإن اللجوء للجنة فض المنازعات اختيارياً للأطراف، حيث كفل لهم القانون الحق في اختيار التحكيم أو اللجوء لمحاكم المناطق الحرة المالية لحل النزاعات التي تنشأ بينهم. كما قد أقر القانون، دعماً للمناطق الحرة المالية، بأن تخضع تسوية النزاعات المتعلقة بالشركات العائلية المسجلة في المناطق الحرة المالية إلى التشريعات المعمول بها في تلك المناطق. وهذا حكم مهم جداً للتأكيد على أن أي ترتيب أو هيكل تم إنشاؤه في المناطق الحرة المالية سواء في أبوظبي أو في دبي سوف يُنظم ويُحكم وفقاً للقوانين والإجراءات والترتيبات المعمول بها في تلك المناطق ضمن اختصاصها القانوني والقضائي لاسيما أن لها قوانين وأنظمة خاصة، مثل قانون العهدة وقانون المؤسسة foundation التي تنفرد بترتيبات وهيكلة خاصة في ظل ترتيبات شؤون العائلة.

النية المشتركة

وفي خطوة إيجابية، وفي حال غياب النص الصريح أو غموضه في عقد التأسيس أو الميثاق، فقد أكد القانون مراعاة النية المشتركة لمؤسسي الشركة العائلية والشركاء فيها والأهداف والغايات التي تم تأسيس الشركة لأجلها والعمل على الأخذ بما يساعد استمرارها وانتقالها بين الأجيال بطريقة سلسة بعيداً عن النزاعات. كما أكد القانون عدم إمكانية إبطال عقد التأسيس أو الميثاق أو أي اتفاق بين الشركاء، حيث نص صراحة على أنه في حال بطلان أي شرط فإن البطلان يقتصر على الشرط دون الميثاق أو عقد التأسيس أو أي ترتيبات أخرى. ويأتي كل ذلك دعماً من المشرع على استمرارية الشركات العائلية والترتيبات التي تضعها العائلة بغية الحفاظ على العائلة وأعمالها وأصولها دون تشكيك أو هدم.

ولتنظيم انتقال الحصص في الشركات العائلية وحرصاً من المشرع على استمراريتها ودعمها ولتفادي أي اعتراض على ترتيبات شؤون العائلة وحوكمتها، فقد أورد القانون نصاً مهماً فريداً من نوعه وذلك بعدم الاعتداد بأي ادعاء بمخالفة قانون الأحوال الشخصية لأي تصرف في حصص الشركات العائلية وأصولها متى كان هذا التصرف منجزاً حال حياة الشريك المتصرف، بحيث تعتبر أي تصرفات نافذة طالما تم اعتمادها وتوقيعها خلال حياة المتصرف، وتسري في حق الجميع ولا غبار عليها شرعاً.

وسيكون هذا القانون نافذاً ومعمولاً به خلال ثلاثة أشهر من اليوم التالي لتاريخ النشر في الجريدة الرسمية وقد تم نشره بتاريخ 10 أكتوبر 2022.

* رئيس مجلس إدارة التميمي ومشاركوه للمحاماة والاستشارات القانونية

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/5n7axdr5

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"