عادي

هل الصابون طاهر؟

22:50 مساء
قراءة دقيقتين
1
عارف الشيخ

د. عارف الشيخ

سألني أحد الأشخاص مرة فقال: الصابون سواء كان قرصاً أم سائلاً طاهر أم نجس؟ فقلت باختصار أوّلاً: إن الصابون يمكن أن يكون طاهراً ومطهّراً، ويمكن أن يصبح نجساً.

لذلك فإنه لا بد من أن نفصّل القول فيه، لأنه في كل حالة من حالاته الثلاث له حكم، والصابون وهو كلمة غير عربية: تعني هذه المادة التي تستعمل رغوتها في التنظيف والغسل، شأنها شأن الشامبو.

والصابون إذا صنع من مواد طاهرة يكون طاهراً، ومطهراً لغيره، وإذا صنع من مواد طاهرة وأخرى نجسة، لكن بعد التدوير أصبح لا يوجد للنجس فيه أثر، فيحكم عليه بأنه طاهر، وقد أفتى السادة الحنفية بأن الصابون المصنوع من الزيت النجس أو المتنجس طاهر.

ففي الدر المختار بحاشية ابن عابدين ج1- ص210: ويطهر زيت تنجس بجعله صابوناً، وبه يُفتى لعموم البلوى، كتنور رُشّ بماء نجس لا بأس بالخبز فيه، وكطين تنجس فجعل منه كوز بعد جعله على النار.

ويقول ابن عابدين في حاشيته:

والعلة عند محمد صاحب أبي حنيفة هي التغير وانقلاب الحقيقة، ومقتضاه عدم اختصاص ذلك الحكم بالصابون، فيدخل فيه كل ما كان فيه تغير وانقلاب حقيقة.

والشافعية أجازوا الانتفاع بالصابون المعمول من زيت نجس، لكنهم لم يقولوا صراحة بطهارته، والعلة أن الشافعية لا يطهر عندهم نجس العين بالتدوير والانقلاب، إلا إذا خمرّ تخللت أي صارت خلّاً، أو جلد نجس بالموت يطهر بالدباغة المعروفة عند الفقهاء، انظر: نهاية المحتاج.. ج2 - ص 230، 232، وانظر: أسنى المطالب ج1- ص278.

وأما المالكية فقد فرقوا بين النجس والمتنجس، فأجازوا الانتفاع بالمتنجس في غير مسجد وأكل آدمي، فالصابون عندهم يطلق عليه المتنجس ويجوز الانتفاع به، بخلاف الصابون الذي صنع من النجس كشحم الميتة مثلاً، انظر: شرح الزرقاني على مختصر خليل مع حاشية البناني.. ج1-ص34.

ويقول السادة الحنابلة: لا تطهر نجاسة باستحالة ولا بنار، وبناءً على هذا القول فإن الصابون المصنوع من زيت نجس يعدّ نجساً ولا يطهره شيء، ودخان النجاسة وغبارها نجس أيضاً، انظر: كشاف القناع ج1 - ص186.

لكن نقرأ لابن قدامة الحنبلي، قوله: ويُستخرج أن تطهُر النجاسات بالاستحالة قياساً على الخمر إذا انقلبت، وجلود الميتة إذا دبغت، انظر: المغني لابن قدامة ج2 - ص72.

أقول: إن الزمن تغير، فلابد للطاهر والنجس أيضاً أن يتأثر حكمهما بهذا التغير، إذ إن المستحدثات كثيرة في هذه الأيام، والكحول والشحوم لا غنى عنها في كثير من الأشياء، والشريعة الإسلامية ما جاءت لتعيق الحياة، فلابد إذن أن يجتهد المجتهد في نوازل اليوم مثلما اجتهد الأئمة الأربعة في عصورهم.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/bdd7fr8j

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"