عادي

الحروب الهجينة.. مستقبل الصراعات العسكرية

21:13 مساء
قراءة 3 دقائق

القاهرة: الخليج

نشأت الفكرة الحديثة للحروب العصرية جزئياً من دراسات الحرب الأمريكية، التي تأثرت بإدراك، بلورته أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 فأصبح الصراع الدولي معقداً، بشكل متزايد، في ما يتعلق بعدد ونوع المتحاربين والأدوات المتاحة لهم، فضلاً عن ذلك فإن الحروب الحديثة لها معنى، بالنسبة لتلك الدول، والتحالفات المنخرطة، مع الجهات الفاعلة الفرعية، الأضعف والأكثر مرونة، من الناحية التكتيكية، التي تعتمد أساساً على التهديد، وتركز على فكرة حرب غير المقيدة، لذا يتضح أحد أهم الدوافع، لتبني هذا النهج من الحروب في الإمكانات العالية، التي تتيحها، لتجنب المساءلة القانونية، وتلافي الردع الاستراتيجي.

في هذا الصدد أصدرت دار العربي للنشر والتوزيع كتاب الدكتور علي زياد العلي والدكتور علي حسين حميد وعنوانه «تكتيكات الحروب الحديثة.. الأمن السيبراني والحروب المعززة والهجينة» مؤكداً أن الحرب بمفهومها التاريخي ظاهرة قديمة، متجذرة في صلب التفاعلات الإنسانية، فهي صراع من أجل البقاء، يستخدم فيها كل وسائل العنف والاشتباك المسلح، سواء أكان هذا الاشتباك بين فردين أم مجموعتين أم دولتين، إذ تشكل إحدى مخرجات (فائض القوة) لدى الدول التي تلجأ إليها، من أجل الحصول على المزيد من القوة، أو الحفاظ على الذات.

يشير الكتاب إلى أن مفهوم البيئة الإستراتيجية، كإطار عام وشامل، يقصد به جميع المرافق المكانية والتفاعلية والفكرية، فهي دائرة شاملة من المكونات اللامتناهية، تجري بها تفاعلات معقدة وذات استمرارية، بحيث يكون أثر هذا التفاعل ذا ارتدادات، تصيب جميع وحداتها، التي تشمل الدول والمنظمات والتفاعلات والشركات والعقائد وشبكات سيبرانية وغيرها، هذه الوحدات تتفاعل فيما بينها، لتنتج نسقاً شبه فوضوي.

إن تطور الحرب، نتيجة حتمية لموجة التطورات التي عصفت بالبيئة الإستراتيجية العالمية، إذ تطورت أجيال الحروب المتعاقبة، لتلبي الاحتياجات المتزايدة، لإدارة الصراعات العالمية، وبذلك انتقلت عجلة التغيير لأشكال وملامح الحروب، من مرحلة إلى أخرى، حاملة أفكاراً ورؤى، أدت إلى تحديث كل منظومة الحرب، وتدريب الأفراد، ونوعية السلاح المستعمل، والنظريات والخطط العسكرية المتبعة فيها.

ومن هذا المنطلق صنف خبراء الفكر العسكري للحروب، تصنيفات مختلفة، اختلفت بحسب توجهات كل مفكر، لكنها تدور في فلك واحد، وبدأت بنمط الجيل الأول والمتمثل في الحروب التقليدية العسكرية، حتى وصل الأمر إلى الجيل الرابع والخامس، المتمثل في الحروب الهجينة، السيبرانية.

ينطلق مفهوم الحرب الهجينة لوصف أساليب وأدوات مرنة ومعقدة، يتم توظيفها في ساحات القتال غير التقليدية، إذ تتخذ من الفضاءات المدنية مضماراً للاشتباك والتأثير في الخصم، عن طريق توظيف جملة من أدوات التأثير مثل الحرب بالإنابة، جماعات مسلحة، عمليات إرهابية، مع الوسائل غير المتماثلة (الحروب السيبرانية، الإعلامية، الدعائية والنفسية) في وقت واحد عبر الصراع في إستراتيجية موحدة الأمر الذي يدفع بالكثير من القوى الفاعلة في التوجه نحو شن مثل هذه الحروب في صراعاتها مع القوى الأخرى.

يرى الكتاب أن بيئة الحروب في القرن الحادي والعشرين تختلف اختلافاً جذرياً عن تلك التي كانت في القرون الماضية، نجم هذا الاختلاف نتيجة عدة مدخلات، أهمها التطور التكنولوجي، فضلاً عن تطورات أخرى، شابت البيئة النظرية الفكرية للحروب.

باتت القوى الفاعلة في البيئة الإستراتيجية العالمية، وتحديداً الولايات المتحدة الأمريكية والصين وروسيا الاتحادية والقوى الأوروبية، تتجه نحو توظيف حروب الجيل الرابع والخامس، نتيجة اعتبارات عدة يتجلى أولها في عامل الكلفة.

انتهى الكتاب إلى إثبات الفرضية التي انطلق منها: إن بيئة الحرب في القرن الحادي والعشرين تأثرت بجملة من المتغيرات التكنولوجية والفكرية والاقتصادية والسياسية، التي بدورها انتهت بصعود وتطور نماذج حديثة من الحروب، بعيدة كل البعد عن تلك المتعارف عليها، إذ أسهمت بشكل مباشر في تغيير نسق وتراتبية علاقات القوى الفاعلة في البيئة الإستراتيجية العالمية، ومن ثم بات توجه معظم القوى الفاعلة، يسير نحو توظيف الحرب الهجينة في اشتباكها مع القوى المتنافسة معها.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/kzhf5pj8

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"