د. منى تهلك*
لعل الكثير من المشاكل التي تقع في حياتنا، سواء داخل الأسرة أو نحوها من مفاصل المجتمع، تعود إلى حالات نفسية، أو قد يكون سبب تفاقمها واتساعها هي الحالة النفسية، خاصة ما تم التعارف عليه بالاضطراب النفسي، وهو يتميز حسب منظمة الصحة العالمية «باختلال سريري جسيم في إدراك الفرد أو ضبطه لمشاعره أو سلوكه، وعادة ما يرتبط بالكرب أو بقصور في مجالات مهمة من الأداء، علماً بأن أنواع الاضطرابات النفسية كثيرة ومختلفة. وفي عام 2019، كان شخص واحد من كل 8 أشخاص، أو 970 مليون شخص في جميع أنحاء العالم، من المصابين باضطراب نفسي».
في هذا السياق، أريد الإشارة إلى نقطة مهمة، وهي أن الاضطراب النفسي لا يعني المرض أو التوقف عن التفاعل مع المقربين والمجتمع، ولكن الذي أشير إليه وأقصده يضمن جانبين، الأول: يتعلق بمن يعاني هذا الاضطراب؛ حيث تكون انفعالاته غير مضبوطة، وسريع التوتر والقلق، أو يعاني من وقت لآخر الكآبة أو التشتت ونحوهما من العوارض. أما الجانب الثاني فيتعلق بالمجتمع القريب، والذي يتعامل ويتفاعل، مع من يعاني؛ حيث من الأهمية الوعي والفهم أن الإنسان، وهو يعيش مثل هذه الاضطرابات، قد تصدر منه تصرفات أو كلمات لا يعنيها، أو لا يمكن البناء عليها في نمو تلك العلاقة أو انهيارها. والحقيقة أن الموضوع على درجة عالية من الحيوية والأهمية، خاصة إذا عرفنا أن تلك الاضطرابات تسمى أيضاً بحالات الصحة النفسية، حسب منظمة الصحة العالمية، والتي قالت: «إنه مصطلح أوسع نطاقاً ويشمل الاضطرابات النفسية والإعاقات النفسية والاجتماعية والحالات النفسية الأخرى، المرتبطة بكرب شديد، أو قصور كبير في الأداء، أو خطر إيذاء النفس».
والموضوع مهم، خاصة إذا عرفنا أن تلك الاضطرابات النفسية تشمل: القلق، الاكتئاب، اضطراب ما بعد الصدمة، اضطرابات الأكل، اضطرابات السلوك الفوضوي أو المعادي، اضطراب نمو الجهاز العصبي... إلخ. والحقيقة أنه لا أحد في معزل أو حماية عن التعرض لمثل تلك الاضطرابات، لأن أسبابها كثيرة ومتنوعة، فالأحداث والوقائع الحياتية قد تكون قاسية على البعض؛ حيث تختلف الاستجابة وردة الفعل من إنسان لآخر، مع أن معظم الناس لديهم قدرة على الصمود، ومواجهة التحديات والمصاعب؛ لذا ينبغي أن نفهم النفس البشرية، ومدى تأثرها وألمها، ونتفهم ما قد يمر به البعض من اكتئاب واضطراب، ونحسن التعامل معها وفق المشورة الطبية الصحيحة.
* استشاري أمراض نساء وولادة مدير تنفيذي مستشفى لطيفة
