عادي
خبراء: تأثير نفسي ومعنوي أصاب الاقتصادات الناشئة

أرضية صلبة لأسواق الإمارات تخفف من تأثير أزمة المصارف العالمية

00:05 صباحا
قراءة 6 دقائق

دبي: حازم حلمي

أصابت الأزمة المالية والإفلاس الذي أصاب 3 بنوك: «سيلكون فالي» و«سيغنتشر» الأمريكيين، و«كريدي سويس» السويسري، قطاع البنوك العالمية بموجة خوف وقلق من أن تطالها عدوى الانهيار، وأن تتفشى لتطال العديد من القطاعات في مختلف دول العالم.

ويعتبر الانهيار الذي أصاب بنكين في الولايات المتحدة، أكبر إفلاس يحدث منذ عام 2008، هذه الحادثة جاءت بعد أيام قليلة من تعرّض بنك «سيلفر غيت»، المتخصص في العملات المشفرة، الذي أجبر على الإغلاق بسبب إفلاسه.

الصورة
3

عدوى الإفلاس والانهيارات والإغلاق طالت الكثير من البنوك الأمريكية والأوروبية، التي هي أصغر حجماً، حيث تراجعت أسهمها بنسب متفاوتة، ويترقب القائمون عليها أن تتم السيطرة على الأزمة قبل أن تطيح بهم، وبمصارفهم.

لكن، عربياً ومحلياً؛ ما مدى تأثير الأزمة في قطاع البنوك، وهل هي بمنأى عما يحدث في الولايات المتحدة وبعض البنوك الأوروبية، وهل يجب الاستعداد لانهيارات محتملة في البنوك العربية، وهل يمكن أن يعود شبح الأزمة المالية التي وقعت في عام 2008عندما انهارت بعض أكبر البنوك في أمريكا، بسبب تراجع سوق العقارات، ما استدعى عمليات إنقاذ حكومية هائلة، وأدى إلى الركود الاقتصادي العالمي؟

وكالة «موديز» الأمريكية رجحت أن يكون تأثير إفلاس البنوك الأمريكية محدوداً، بالنسبة لمعظم البنوك المصنفة في دول مجلس التعاون الخليجي، ويرجع ذلك في الأساس إلى السمات الهيكلية لهذه البنوك، بما في ذلك امتيازاتها التجارية القوية والدعم الذي تحصل عليه من حكوماتها.

وضعية قوية للبنوك

«الخليج» استطلعت آراء العديد من الخبراء والمحللين الاقتصاديين، للوقوف على مدى تأثير هذه الأزمة في بنوك دولة الإمارات والدول العربية والخليجية، حيث أكدوا أن البنوك الإماراتية تتمتع بوضعية جيدة أمام هذه المخاطر بفضل قاعدة متنوعة للعملاء واستراتيجيات إدارة الأصول المناسبة، كما يساعد الأداء الاقتصادي القوي في الإمارات البنوك المحلية على الاستفادة من ارتفاع أسعار الفائدة الذي يوسع هوامش الربح مع ارتفاع أسعار الفائدة على القروض.

وأضافوا، بالرغم من المخاوف المتعلقة بتداعيات أزمة «سيليكون فالي» والتي تسببت بانخفاض أغلب الأسهم على الصعيد العالمي، إلا أن تأثيرها قد يكون محدوداً في الاقتصادات العربية الناشئة.

وأوضحوا أن شبح الأزمة المالية العالمية التي أطاحت بالكثير من القطاعات في عام 2008، أبرزها العقار والبنوك، من المستبعد أن يحدث حالياً، والفرق شاسع بينهما، فالأزمة الحالية تختص أكثر بالقطاع التكنولوجي الذي عانى كثيراً جراء استمرار «الفيدرالي الأمريكي» في رفع الفائدة بوتيرة قوية، خاصة أن هذا القطاع كان الأسرع في وتيرة التعافي التي شهدتها أسواق الأسهم عقب جائحة «كوفيد-19».

تنويع الأعمال

يرى المحلل المالي، أحمد نجم، أن البنوك في دولة الإمارات تبقى في موقع آمن بفضل حجمها وهيمنتها على السوق المحلية، وخضوعها لقوانين أكثر صرامة من بعض نظيراتها في الولايات المتحدة.

وقال نجم: «تلتزم البنوك في الإمارات بالقواعد المصرفية التقليدية، وتتمتع بمستويات رأس مالية جيدة ولديها إجراءات تنظيمية وإدارة مخاطر مناسبة، وتظل إدارة وتنويع المخاطر عاملاً مهما في عمليات البنك، والبنوك التي فشلت خلال الأيام السابقة هي بنوك متخصصة وتعمل في قطاعات اقتصادية معينة التي غالباً ما تبتعد عنها البنوك الكبرى بسبب المخاطر التي تنطوي عليها، وتقوم بتمويل الشركات الناشئة ذات الإيرادات غير الموجودة أو غير المؤكدة، بالمقارنة تعمل البنوك في الإمارات على قطاعات مختلفة من الأفراد إلى الشركات ما يساعد على تخفيف المخاطر».

وأشار نجم، إلى أن البيئة الاقتصادية العالمية لا تشهد أي عوامل خطرة مفرطة مثل ما حدث في الأزمة المالية لعام 2008، كما تواصل الإمارات ودول الخليج الاستفادة من وضع اقتصادي قوي على الرغم من تباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي مع ارتفاع أسعار الفائدة، حيث واصلت الحكومات والشركات المحلية في تسجيل أرباح قوية يمكن أن تدعم أنشطة مصرفية سليمة وقوية.

احتواء المشكلة

يقول الدكتور وضاح الطه الخبير الاقتصادي:«يجب ألا يؤخذ ما حصل مع بنك «سيليكون فالي» الأمريكي أكبر من حجمه، لأنه مؤسسة غير اعتياديه تركز على تمويل شركات التكنولوجيا الناشئة، ويأتي من حيث الحجم في المرتبة 16 في الولايات المتحدة بأصول تناهز 209 مليارات دولار، وودائع تقدر ب 175 مليار دولار، وتم احتواء المشكلة بعد عرض ضمانات للودائع بنسبة 100%».

وأوضح الطه أن المشكلة التي حصلت مع البنك الأمريكي، إضافة إلى رفع الفوائد من «الاحتياطي الفيدرالي»، وعدم تحفظ إدارته بما يكفي، بعدما حصلت خسائر بقيمة 1.8 مليار دولار لبعض سنداته، واتجاه البنك إلى رفع رأس المال إلى 2.5 مليار دولار، ما تسبب في قلق وعدم الثقة لدى المودعين، حيث إن انعدام الثقة يقصم ظهر أي بنك في العالم، حيث تهافت المودعون على سحب ودائعهم نتيجة للحادثة.

وأكد الطه، أن هناك العديد من نقاط الدفاع القوية للبنوك الإماراتية تجعلها بمنأى عن هذه التداعيات، مثل عدم وجود انكشافات على البنوك الأمريكية المنهارة، كما أن مستويات السيولة في البنوك المحلية عالية، والودائع مرتفعة، ونسبة الودائع للقروض جيدة، ونسبة ممتازة وكافية من رؤوس الأموال، وهي أعلى من المتوسط العالمي، إلى جانب مراقبة المصرف المركزي عن كثب لأي مشكلة قد تصيب أي بنك في الدولة.

وأكد أن ما حصل من تراجع لبعض الأسواق الخليجية، الأسبوع الماضي، السعودية 7%، وقطر، 4.5%، يرجع إلى التأثير النفسي والمعنوي بسبب ما حصل مع نظيرتها الأمريكية، كما أن انخفض أسعار النفط الذي يعتبر مؤقتاً، والخشية من الارتباك في السوق، كلها عوامل قادت، وقد تقود إلى عمليات بيع عشوائي نتيجة تفعيل الوضع النفسي السلبي، فتنشط معها عملية البيع الآجل خلال هذه الفترة، ناصحاً بعدم اللجوء إلى الشراء بالهامش وتفادي هذا الموضوع.

الأزمة الحالية فرصة

يقول رائد الخضر، كبير محللي الأسواق في مجموعة «إكويتي»: «إن المصرف المركزي في الإمارات وضع قوانين وضوابط مالية صارمة على البنوك، للمحافظة على ملاءة مالية مرتفعة، ونسبة من رأس المال تتجاوز أكثر من 17%، حتى تساعد على استقرار النظام المصرفي الإماراتي وتوفر الحماية للمودعين». وأضاف: «من بين القوانين المختلفة، إلزام البنوك بعدم التركيز على قطاع واحد في التمويل، أو إعطائه النسبة الأكبر، بل تنوع التمويل على القطاعات المختلفة، بما يحقق الاستقرار». وتابع الخضر: «بالرغم من المخاوف المتعلقة بتداعيات أزمة «سيليكون فالي» والتي تسببت بانخفاض أغلب الأسهم على الصعيد العالمي، إلا أن تأثيرها قد يكون محدوداً في الاقتصادات العربية الناشئة، ويجب النظر إلى الأزمة على أنها فرصة جيدة لإنقاذ الشركات الناشئة التي تعاني من ضائقة مالية، وتطوير القوانين واللوائح التي تمنع الصدمات الخارجية من الانتقال إلى الشركات الناشئة».

تأثير معنوي

وتوقع رائد دياب، نائب رئيس إدارة البحوث والاستراتيجيات الاستثمارية في شركة «كامكو إنفست»، أن يكون التأثير معنوياً في المستثمرين، لأن بنوك الإمارات والمنطقة ليس لديها انكشاف، أو حد أدنى من التعرض غير المباشر ل«سيليكون فالي»، كما يتمتع القطاع المصرفي بميزانيات عمومية قوية سيستفيد منها سوق العقارات القوي في الدولة.

وقال دياب: «المركز الائتماني القوي للحكومات في المنطقة يوفر دعماً كبيراً للأعمال التجارية، لكن في الواقع قد يكون من الصعب تجنب تداعيات أي أزمة كبيرة عالمية نتيجة طبيعة التداخلات التجارية العالمية، والربط بين الاقتصادات، لكن من الممكن تخفيف التداعيات».

وأوضح دياب، أن المنظمين اليوم لديهم القدرة والخبرة الكافية للتعامل مع الأزمات، وقد نرى هبوطاً لكن ليس من المتوقع أن يكون قوياً، وقد تشهد الاقتصادات العالمية ركوداً في وقت لاحق من هذا العام، لكن؛ هذه العوامل في رأيي، قد تم تقديرها بالفعل في التقييمات الحالية.

أسباب الانهيار

يرى فادي رياض، محلل مالي‏، أن جهود البنوك المركزية لمحاربة التضخم، أدت إلى ارتفاع أسعار الفائدة بسرعة، ما أثر في توقعات النمو الاقتصادي العالمي، وأسعار الطاقة والطلب عليها، ونمو القروض ومخاطر سدادها، وقيمة حيازات البنوك من السندات، وكان هذا العامل الأخير حاسماً في فشل البنوك الأمريكية، حيث سجلت خسائر عند بيع السندات، بينما تحرك العملاء لسحب الودائع.وقال فادي رياض: «البنوك الإماراتية تتمتع بوضعية جيدة أمام هذه المخاطر بفضل قاعدة متنوعة للعملاء واستراتيجيات إدارة الأصول المناسبة». وأضاف: الأداء الاقتصادي القوي للبنوك المحلية الإماراتية، قد يساعدها على الاستفادة من ارتفاع أسعار الفائدة الذي يوسع هوامش الربح.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2p922663

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"