عادي
نوادر

الهجو بألفين والمديح بأربعة

23:30 مساء
قراءة دقيقة واحدة

رغيد جطل
اشتهر معن بن زائدة بحلمه وحكمته، فلما تولّى الإمارة دخل عليه أعرابي بلا استئذان من بين الذين قدموا لتهنئته، وقال بين يديه:

أتذكر إذ لحافك جلد شاة

وإذ نعلاك من جلد البعيرِ

فأجاب معن: نعم أذكر ذلك ولا أنساه، فقال الأعرابي:

فسبحان الذي أعطاك مُلكاً

وعلّمك الجلوس على السريرِ

قال معن: سبحانه على كل حال وذاك بحمد الله لا بحمدك، فقال الأعرابي:

فلستُ مُسَلّماً إن عِشتُ دهراً

على معن بتسليم الأميرِ

قال: السلام سنة تأتي بها كيف شئت، فقال:

أميرٌ يأكلُ الفولاذ سِرّاً

ويُطعم ضيفه خبز الشعيرِ

قال: الزاد زادنا نأكل ما نشاء ونُطعم من نشاء، فقال الأعرابي:

سأرحلُ عن بلادٍ أنتَ فيها

ولو جارَ الزمانُ على الفقيرِ

قال معن: إن جاورتنا فمرحباً بك، وإن رحلت عنّا فمصحوب بالسلامة، قال:

فجد لي يا ابن ناقصة بشيء

فإني قد عزمتُ على المسيرِقال: أعطوه ألف درهم، فقال:

قليل ما أتيت به وإني

لأطمع منك بالمال الكثيرِقال: أعطوه ألفاً آخر، فأخذ الأعرابي يمدحه بأربعة أبيات بعد ذلك، وفي كل بيت مدح يقوله، يعطيه من يقف قرب الأمير معن ألفاً من عندهم، فلما انتهى تقدم الأعرابي يقبل رأس معن بن زائدة وقال: ما جئتك والله إلا مختبراً حلمك لما اشتهر عنك، فألفيت فيك من الحلم ما لو قسّم على أهل الأرض لكفاهم فقال:

سألت الله أن يبقيك ذخراً

فما لك في البرية من نظيرِ

قال معن: أعطيناه على هجونا ألفين فأعطوه

على مديحنا أربعة.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/ysjmej6d

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"