عادي

جائزة محمد بن راشد للغة العربية وعصر الذكاء الاصطناعي

00:15 صباحا
قراءة دقيقتين
بلال البدور

بلال البدور

إن تأثير اللغة العربية، التي تعتبر من أكثر اللغات انتشاراً وتأثيراً في العالم، حيث يُقدر عدد متحدّثيها بأكثر من 420 مليون نسمة، لتكون بذلك سادس أكثر اللغات تحدثاً حول العالم، يمتد إلى الكثير من المجالات والتخصصات، لتسهم بدور مهم في تطور الحضارة الإنسانية وضمان استدامتها.

وخير شاهد على هذا الدور الكبير العصر الذهبي للإسلام، الذي شهد تقدماً علمياً غير مسبوق، شكلت فيه اللغة العربية الجسر الذي نقل العلوم القديمة في الطب والفلك والرياضيات والفلسفة وغيرها، من خلال ترجمات العلماء المسلمين للكثير من الأعمال والكتابات المهمة من اللغات اليونانية والفارسية والهندية للعربية، ومن ثم نقلها إلى أوروبا لتسهم بشكل رئيسي في نهضة القرون الوسطى، ويستفيد منها العالم حتى يومنا هذا.

اليوم، ومع تطور التقنيات وظهور الذكاء الاصطناعي، أصبحت اللغات عامةً عرضة للتهميش أو التحول، والكثير من اللغات قد تلاشت أو تغيرت بفعل التقنيات الحديثة، ولم تكن اللغة العربية استثناءً؛ حيث بدأت التكنولوجيا تشكل تحدياً للغة العربية، خاصة مع نمو استخدام اللغات الأخرى كالإنجليزية في البرمجة والتطبيقات التكنولوجية وتقدمها في مختلف العلوم.

وفي عالم يشهد تسارعاً هائلاً في التطورات التكنولوجية وانتشار الذكاء الاصطناعي والعولمة والانفتاح على الآخر، فقد شهدت اللغة العربية تغيرات جذرية وتحديات كبيرة، من تراجع في الاستخدام وقلة دمجها في تكنولوجيا الثورة الصناعية الرابعة، وبات من الضروري العمل على ابتكار طرق للحفاظ عليها، ليظل إسهامها الإيجابي في النهضة والحضارة الإنسانية مستمراً.

من هنا، جاءت جائزة محمد بن راشد للغة العربية، ضمن المبادرات التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، والتي تديرها مكتبة محمد بن راشد من خلال مجلس أمناء الجائزة، لتكون بوصلة توجه الجهود نحو الحفاظ على هذه اللغة وتعزيزها واستعادة مكانتها.

وفي سبيل تحقيق ذلك، وضعت الجائزة ضمن فئاتها ومحاورها التّقانة «التكنولوجيا»، بهدف تصميم وإنشاء تطبيق ذكي لتعليم ونشر اللغة العربية، إلى جانب فئة أفضل مبادرة لمعالجة اللغة العربية تقنياً، والتي تسهم في تطوير آليات جديدة لمعالجة اللغة العربية إلكترونياً بما في ذلك المحللات الصرفية والنحوية، والمدققات الإملائية، والكتابة العربية المنضبطة بالتشكيل، والاختبارات الإلكترونية المقننة، وتطوير المحتوى الرقمي العربي.

بينما يمكن أن تُعد التكنولوجيا تحدياً للغة العربية خاصة في ظل الاتجاه نحو اللغات الأجنبية، فإن الجائزة ومنذ تأسيسها وضعت رؤية استراتيجية لتقوية اللغة العربية وضمان استمراريتها، وكانت ولا تزال منصة متفردة لدعم المشاريع التي تعزز من مكانتها، من خلال التركيز على استخدام التكنولوجيا في تعليمها، وتقديم حلول حديثة تلبي احتياجات الأجيال الجديدة.

لقد أصبحت جائزة محمد بن راشد للغة العربية منبراً ينادي بالحفاظ على اللغة العربية في عصر الذكاء الاصطناعي، وجسراً بين الماضي العريق والمستقبل الواعد، لتحمي لغتنا من التحديات التي تواجهها، ولتظل لغتنا ركيزة أساسية في بناء الحضارة الإنسانية.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mr3re5z4

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"