عادي

هذا هو الجانب المظلم لجامعتي أكسفورد وكامبريدج

22:58 مساء
قراءة 3 دقائق

أكسفورد - أ ف ب

رغم تصنيف جامعتي أكسفورد وكامبريدج البريطانيتين باستمرار في صدارة ترتيب أفضل مؤسسات التعليم العالي في العالم، لا يخلو الأمر من جانب مظلم في تاريخ هذين الصرحين الأكاديميين اللذين تأسسا في العصور الوسطى، غالباً ما كان يتم طمسه، لكنّ الضوء بات يسلّط عليه خلال الزيارات السياحية.

وتنبّه المرشدة الطالبة الجامعية كلير ماكان إلى أن «هذه الزيارة ليست كأي زيارة أخرى»، قبل أن تنطلق مع مجموعتها في شوارع أكسفورد. ولا تزال مباني الجامعة الضخمة سليمة رغم مرور قرون على وجودها، وتشكّل شاهداً على ثراء المدينة.

وخلف الأسوار العالية لكليات أكسفورد، تابع معظم رؤساء الوزراء البريطانيين دراستهم، كالرئيس الحالي للحكومة المحافظة ريشي سوناك، ورؤساء الحكومات السابقون بوريس جونسون، وتوني بلير، ومارغريت تاتشر، وزعيم حزب العمال كير ستارمر.

ولكن ليس هذا موضوع هذه الزيارة التي تتمحور على «الموروثات الصعبة»، وهو موضوع ساخن في المملكة المتحدة التي شهدت في السنوات الأخيرة نقاشات حادة بشأن ماضيها الاستعماري. وتمثّل كلية أورييل المحطة الأولى من الجولة، فعلى واجهتها يقع تمثال سيسيل رودس المستعمر الذي حلم بإفريقيا بريطانية من كيب تاون إلى القاهرة، وكان هو نفسه طالباً في أورييل.

عبودية

وتقرأ كلير ماكان، وهي من أصول جنوب إفريقية، كلاماً لرودس يهين فيه الأفارقة. ويسلط الضوء على دوره في حرب البوير (1899-1902). وتتذكر أنه أسس شركة «دي بيرز» التي لا تزال شركة الماس الأولى في العالم، وتتحدث عن «الاستغلال» الذي شهدته المناجم.

وبفضل الثروة التي راكمها، أمكنه إنشاء واحدة من أرقى المنح الدراسية في العالم، وهي منحة رودس التي كان الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون من أبرز المستفيدين منها.

وتسأل ماكان: «هل ينبغي الاحتفاظ بهذا التمثال؟». وقررت أكسفورد عام 2021 إبقاء التمثال في مكانه، بعد حملة «رودس يجب أن يسقط» التي أطلقها الطلاب، وأثارت نقاشات حادة في بريطانيا.

ثم انتقلت المجموعة إلى كلية «أول سولز كولدج»، «الأكثر نخبوية بين كليات» أكسفورد، إذ لا تقبل إلا اثنين أو ثلاثة طلاب جدد فحسب سنوياً. وهي كذلك من أغنى الكليات. وتشير ماكان إلى أن «هيبتها قامت تاريخياً على العبودية».

وأعادت «أول سولز كولدج» تسمية مكتبتها التي تُعدّ من الأجمل في المملكة، إذ كانت تحمل اسم طالب سابق هو كريستوفر كودرينغتون، ترك للجامعة عند وفاته عام 1710م قسماً من ثروته التي جاءت من مزارع في جزر الهند الغربية كانت تملكها عائلته، ويعمل فيها عبيد أفارقة.

تنكيس العلم

وتُنظَّم زيارات سياحية في كامبريدج أيضاً. وتسأل المرشدة آشلي لانس (27 عاماً)، وهي تسير على طول نهر كام الهادئ، مقابل كلية «تشابل أوف كينغز»: «هل تعلمون أن مساحة الأراضي التي تملكها أكسفورد وكامبريدج معاً أكبر من مساحة الأراضي التي تمتلكها كنيسة إنجلترا؟».

وتضيف أن دراسة أجريت عام 2018 أظهرت أن كامبريدج هي المدينة التي تعاني أكبر قدر من عدم المساواة في بريطانيا، إذ إن فيها عالمَين: عالَم الجامعة بطلابها وأساتذتها ومختبراتها، وبقية السكان. ورغم الخصومة بين الجامعتين العريقتين، ثمة جوامع مشتركة عدة بينهما.

فقد أتيح مثلاً للنساء أن يتابعن دراستهن في أكسفورد في وقت مبكر من عام 1870، لكنهنّ انتظرن حتى عام 1920 ليصبح من حقهن الحصول على الإجازة. ومُنعن مدة طويلة من دخول المكتبات خوفاً من أن يكون وجودهنّ فيها «عنصر إلهاء للرجال»، بحسب كلير ماكان.

وكانت أورييل آخر كلية فتحت أبوابها للنساء عام 1985م.

وفي كامبريدج، بدأت كلية «سانت جون كولدج» التي تأسست عام 1511م بقبول النساء اعتباراً من 1980م. ولكن في اليوم الذي التحقت فيه الدفعة الأولى من الطالبات بالكلية، عمد أحد مسؤوليها إلى تنكيس العلم ووضع شارة سوداء.

وتعلّق امرأة لندنية شاركت في الزيارة مع ابنتها «إنه أمر صادم جداً». أما الأمريكية ميشيل ميلر التي انتقلت للتو إلى أكسفورد مع زوجها، فتقول إنها مهتمة بما وراء كواليس الأماكن السياحية: «لم نكن نعلم بوجود كل هذه المواضيع المثيرة للجدل».

وبدأت هذه الجولات التي تسمى «جولات مزعجة» عام 2018م. ومنذ ذلك الحين، شارك فيها أكثر من 20 ألف شخص، بحسب المؤسسين، ويتوقع أن تمتد إلى لندن وحتى إلى باريس.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/j849pzsx

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"