عادي
من مواجهة «الجواسيس» والتصدي للإمبراطورية السوفييتية إلى علاقات وديّة مع بوتين

من ريغان إلى ترامب.. لماذا تحوّل فكر الجمهوريين من قيادة العالم للانعزالية؟

17:46 مساء
قراءة 4 دقائق
من ريغان إلى ترامب.. لماذا تحوّل فكر الجمهوريين من قيادة العالم للانعزالية؟

واشنطن - (أ ف ب)

لطالما صوّر الجمهوريون أنفسهم على أنهم الأمريكيون الوطنيون الأكثر دفاعاً عن الديمقراطية، وتشدداً في مواجهة الكرملين، لكنهم يُبدون اليوم، وتحديداً في ظل قيادة الرئيس السابق دونالد ترامب، ليس فقط نظرة وفكراً أكثر استعداداً وتقبّلاً للانعزالية، بل أيضاً إقامة علاقات ودية مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ومعارضة قوية لتقديم الدعم والمساعدة لكييف في حربها مع موسكو، على الرغم من أن الرئيس الراحل رونالد ريغان - (قائد الانتصار الغربي خلال الحرب الباردة مع روسيا)- ورث أيديولوجيا حزبية نشأت في عهد دوايت أيزنهاور، الذي هزم الجمهوريين الانعزاليين عام 1952 وفاز بالرئاسة، وقاد دولته لتزعّم العالم.

كما أن توجهات الحزب الجمهوري كانت في السابق الأكثر تشدداً في مواجهة «الجواسيس الشيوعيين»، والتصدي للإمبراطورية السوفييتية.

والسؤال الذي يثور هنا: من ريغان إلى ترامب.. لماذا تحوّل فكر الحزب الجمهوري من قيادة العالم ومواجهة موسكو إلى الانعزالية؟

تحوّل لافت

يبدو التحوّل اللافت جلياً، بشكل يومي، من تعبير دونالد ترامب عن تأييده لاجتياح روسيا دولاً منضوية في حلف شمال الأطلسي «الناتو»، لا تساهم مالياً بما يكفي، وصولاً إلى إجراء نجم الإعلام المحافظ، تاكر كارلسون، مقابلة مع بوتين لمدة ساعتين طرح عليه خلالها أسئلة ملطّفة.

ولعل الموقف الأكثر وضوحاً هو منع الجمهوريين تجديد المساعدات الأمريكية للجيش الأوكراني، فيما يكافح للصمود مع دخول الحرب الروسية الأوكرانية عامها الثالث.

ويبدو الوضع مغايراً تماماً لِما كان عليه في ثمانينات القرن الماضي، عندما قاد الجمهوريين في عهد رونالد ريغان، الانتصار الغربي خلال الحرب الباردة.

مفترق طرق خطر

وقالت رايتشل دين ويلسون، مديرة الاتصالات السابقة للسيناتور الجمهوري الراحل جون ماكين، لفرانس برس، إن الحزب «عند مفترق طرق خطر».

وما زالت صفوف الجمهوريين تضم شخصيات شبيهة بماكين تؤيد اتّباع سياسة دبلوماسية مشددة، على حد قولها، لكن زخمهم يتراجع في وقت يتم استبدال الحرس القديم بشكل ثابت بنوّاب جدد أقل اهتماماً بالحد من نفوذ موسكو.

وقالت ويلسون التي تشغل منصب مديرة «تحالف حماية الديمقراطية» في «صندوق مارشال الألماني» في واشنطن: «أشعر بقلق بالغ حيال ازدياد الانعزالية والتعاطف مع شخصيات، مثل فلاديمير بوتين، والاستعداد الواضح للتخلي عن حلفائنا... إنه أمر يتناقض مع ما دافع عنه الحزب الجمهوري منذ زمن طويل».

ماذا حدث فجأة؟

ماذا حدث فجأة؟ الإجابة هي ترامب، بحسب ريتشارد ستنغل، الذي كان مساعد وزير الخارجية للدبلوماسية العامة في إدارة باراك أوباما.

وقال لفرانس برس إن «الولاء لشخص واحد هو العامل المحدد أكثر من أي أمر آخر لانعزالية الحزب الجمهوري».

حصن ينهار

ورث ريغان أيديولوجيا حزبية نشأت في عهد دوايت أيزنهاور الذي هزم الجمهوريين الانعزاليين عام 1952، وفاز بالرئاسة، وقاد دولته لتزعّم العالم.

لكن الحزب الذي كان في الماضي مرادفاً لمواجهة «الجواسيس الشيوعيين والمطالبة بميزانيات عسكرية هائلة للتصدي للإمبراطورية السوفييتية بات الآن يقلل من أهمية دعم أوكرانيا، الحليفة لواشنطن التي تخوض معركة حياة أو موت، في مواجهة الكرملين»، وفقاً لفرانس برس.

إصلاح بلدنا أولاً

وفي تصريح لخّص هذه النزعة الانعزالية الجديدة، قال السيناتور الجمهوري جاي.دي. فانس: «علينا إصلاح بلدنا قبل تكريس المزيد من الموارد لأوكرانيا».

ولم يخف بايدن دهشته قائلاً للصحفيين مؤخراً: «الطريقة التي يديرون من خلالها ظهورهم للتهديد الروسي، الطريقة التي يديرون من خلالها ظهورهم للناتو.. إنها صادمة».

ريغان «يتقلّب في قبره»

ذهبت عضوة الكونغرس الجمهورية البارزة، ليز تشيني، التي طُردت بسبب معارضتها ترامب، أبعد من ذلك، مصوّرة انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني في مقابلة مع «سي إن إن» على أنها فرصة «للتأكد من عدم سيطرة جناح بوتين في الحزب الجمهوري على الجناح الغربي للبيت الأبيض».

وعبر الأطلسي، عكست تصريحات صادرة عن رئيس الوزراء البولندي،، دونالد توسك، حجم القلق المتزايد في أجزاء من أوروبا هذا الشهر حيال تعطيل الجمهوريين تقديم المساعدات لأوكرانيا، إذ قال إن ريغان على الأرجح «يتقلّب في قبره».

كلفة مساعدات أوكرانيا

أيّد معظم الأمريكيين تقديم دعم عسكري لأوكرانيا عندما اندلعت الحرب مع روسيا في 2022.

لكن الشهر الماضي، خلص استطلاع أجراه «مجلس شيكاغو للشؤون العالمية» إلى أن 29 في المئة فقط، من الجمهوريين المؤيدين لترامب يعتقدون بأن المساعدات العسكرية التي تم تقديمها لأوكرانيا تستحق كلفتها، مقارنة مع 46 في المئة من الجمهوريين غير المؤيدين لترامب، و59 في المئة من الديمقراطيين.

الإنهاك من العولمة

يشير أستاذ العلوم السياسية لدى «جامعة ولاية أيوا» ستيفين شميت، إلى شعور بالإنهاك من العولمة.

ويقول «بات جزء كبير من قاعدة الحزب الجمهوري (الانتخابية) شبه انعزالي»، بعد عقود من إنفاق الولايات المتحدة الدم والمال في أفغانستان والعراق.

ويوضح «لست متأكداً من أن الأمر مرتبط بالإعجاب ببوتين بقدر ارتباطه بالإنهاك من المساعدات الخارجية والتحالفات الملزمة».

نزعة انعزالية

لفت ستنغل أيضاً إلى أن النزعة الانعزالية ليست جديدة على الحزب الجمهوري، إذ كانت قائمة في مطلع القرن العشرين، وقبيل الحرب العالمية الثانية.

واليوم، لم يعد غير قلة من الجمهوريين يدافعون عن الدور الأمريكي في الساحة الدولية.

وقالت السيناتورة سوزان كولنز، أمام مجلس الشيوخ «العالم يراقب.. لمعرفة إن كانت الولايات المتحدة ما زالت تتزعّم العالم الحر».

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
http://tinyurl.com/mhdcjym9

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"