عادي

الدار البيضاء تبرز «كنوز هندستها المعمارية»

14:40 مساء
قراءة دقيقتين
مبنى بهندسة معمارية متميزة بالدار البيضاء (أ.ف.ب)
شارع في الدار البيضاء (أ.ف.ب)

ينظر عدد من زوار الدار البيضاء باهتمام إلى واجهات مبان في وسط المدينة المغربية لا تثير الفضول عادةً، رغم كونها «كنوزاً» من تراث معماري فريد يجمع النمط الأوروبي بالخصوصيات المحلية، يسعى نشطاء للحفاظ عليه وإبراز أهميته.

تسير المجموعة المكونة من نساء ورجال من مختلف الأعمار خلف المرشدة ليلى من جمعية «كازا ميموار»، ضمن جولات «ليالي التراث» التي تقام ليلتين خلال شهر رمضان من كل سنة.

واستقطبت هذا العام نحو 4000 شخص لاكتشاف مواقع متفرقة بحسب المنظمين، تقول بثينة، إحدى المشاركات «لا نرفع أعيننا عادة لمشاهدة ما يحيط بنا»،

خلافاً لبقية مدن المغرب التاريخية، لا ينحصر تراث الدار البيضاء خلف أسوار مدينتها العتيقة (القرن الثامن عشر)، بل يشمل خصوصاً الكثير من المباني المشيدة في فترة الحماية الفرنسية بالمغرب (1912-1956) حيث رافق توسع عمراني هائل نمو الاقتصاد الاستعماري.

فقد عمل المهندسون الشباب الذين حلوا بها مطلع القرن العشرين «على ملاءمة تصورات عمرانية تقدمية (حينها) مع الخصوصيات المغربية»، على ما يوضح المهندس المعماري كريم الرويسي.

واعتمدوا أساليب متنوعة مثل «المعمار الكولونيالي في الجزائر وتونس»، ثم «المعمار المغربي الجديد»، قبل ازدهار «الآرت ديكو» الملاءَم مع نقوش وعناصر من النمط المعماري المحلي، على ما يضيف الرويسي.

ويرأس الرويسي جمعية «كازا ميموار» التي تأسست عام 1995 بعدما هدمت مبان عدة لتفسح المجال لعمارات حديثة في العاصمة الاقتصادية (نحو 3.6 مليون نسمة). وتسعى للتعريف بهذا التراث، والتفكير في «إعادة الحياة» إلى المباني المهملة أو المهددة بالاندثار.

وتتركز الكثير من هذه المباني وسط المدينة، انطلاقاً من الحي الإداري حيث مقر المحكمة الابتدائية والولاية (المحافظة) والبريد وبنك المغرب (المصرف المركزي) المحيطة بساحة فسيحة تتوسطها نافورة تُضاء جنباتها بحلول الظلام.

تستعرض ليلى أمثلة مختلفة عن هذا الامتزاج، فمقر الولاية مستوحى من قصر بمدينة سيينا الإيطالية، ويطل على الخارج بشرفات لم تكن متداولة في المعمار المغربي، لكنها اغتنت بأقواس وقطع «القرمود الأخضر» المعروفة في الهندسة المحلية.

داخل المبنى تبرز حدائق وسط فناءات فسيحة تشكل نظام تهوية طبيعية، وقطع الزليج التي تغطي الأعمدة والأرضيات...

أما في بنك المغرب فتشير ليلى إلى الأحجار المصقولة المحيطة بنوافذ الطبقة العلوية لواجهة المبنى، مستوحاة من مئذنتي مسجد الكتبية بمراكش والخيرالدا في إشبيلية المشيدين على عهد الدولة الموحدية (القرن 12).

وتتعايش مع تفاصيل من أسلوب «الآرت ديكو» الأوروبي مثل سقف زجاجي على شاكلة خلية نحل داخل المبنى، كان الأكبر في إفريقيا، أو تصميم البوابة العريضة على شكل خزنة نقود.

وتسجل وزارة الثقافة حتى الآن 483 منها على لائحة الآثار الوطنية، ما يلزم مُلاّكها بالحفاظ على الهندسة الأصلية للواجهات عند تنفيذ أية أشغال، فيما ينتظر تسجيل 100 مبنى قريباً، وفق المسؤول في الوزارة حسن زحل.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/54z4mvb3

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"