فاطمة المزروعي
يعد معرض الشارقة الدولي للكتاب من الأحداث الثقافية المهمة التي تجمع بين الناشرين، المؤلفين، القراء، والمثقفين في نقاشات حول الكتب والإبداع الأدبي والثقافي. ذلك الحدث المهم السنوي والعرس التفاعلي الذي يضم تشكيلة واسعة من الأنشطة التي تسهم في تعزيز القراءة ونشر الثقافة والمعرفة؛ مثل توقيع الكتب، إقامة الندوات، المحاضرات، ورش العمل والتفاعل مع الكتب والكاتب والمؤلف والقارئ وغيرها.
في عصرٍ تتنافس فيه التكنولوجيا والوسائط الرقمية تبقى معارض الكتاب وسيلة فعّالة لتعزيز ثقافة القراءة وإعادة إحياء قيمة الكتاب كمنبع رئيسي للمعرفة. توفر المعارض فرصة للاطلاع على إصدارات جديدة وكلاسيكيات مهمة في الأدب، الفكر، التاريخ، العلوم وغيرها. كما أنها تعزز مناقشة الكتب بصوت عالٍ وتفتح المجال للحوار النقدي والموضوعي حول مختلف المواضيع.
إن معارض الكتب هي ظاهرة ثقافية، تشجع ثقافة القراءة بين الأجيال المختلفة. ويجد فيها جيل الشباب وسيلة للاكتشاف والتعرف إلى عوالم جديدة لم يكونوا قد اختبروها بعد. وبالتالي، تُعد هذه الأنشطة محركاً رئيسياً في تعزيز حب الكتب وتنمية وعي المجتمع.
إن إحدى أهم مزايا معارض الكتاب هي تمكين التفاعل المباشر بين القراء والمؤلفين. يمكن للقراء الذين استمتعوا بأعمال أدبية وتعلقوا بها أن يلتقوا بمؤلفيها وجها لوجه ويستمعوا مباشرة إلى رؤاهم ومداخلاتهم وأفكارهم حول ما كتبوه والأفكار التي أرادوا إيصالها.
كما يمكن الحصول على فرصة للحصول على توقيع خاص من الكاتب الذي ترغب به والمؤلف الذي تقرأ له، وهو ما يُضفي قيمة إضافية على الكتب المشتراة. يعد هذا التفاعل مفيداً للمؤلفين حيث يمكنهم الاستماع إلى آراء جمهورهم بشكل مباشر والاستفادة من ردود الفعل لتطوير أعمالهم المستقبلية.
وكذلك تتميز معارض الكتاب بتنوع المحتوى الذي تعرضه، حيث تجتمع دور نشر عالمية ومحلية لعرض إنتاجاتها الأدبية المختلفة. هذه الفعاليات تحفز على اكتشاف أدب جديد، سواء كان من ثقافات مختلفة أو لغات متعددة. توفر المعارض منصة للشركات المحلية الصغيرة والعاملين في مجال النشر غير التجاري للتفاعل مع جمهور واسع، ما يتيح لهم فرصاً أكبر للاستمرار والنمو.
إحدى الميزات المهمة لمعظم معارض الكتاب هي الأقسام الخاصة بالأطفال والشباب. كثير من هذه المعارض تُخصص زوايا لها، حيث توفر أنشطة إضافية، مثل قراءة القصص وورش العمل الفنية والألعاب التفاعلية التي تشجع على حب الكتب واقتنائها منذ الصغر.
هذا الاهتمام المبكر بالقراءة للأجيال الواعدة يعمل على غرس حب المعرفة منذ الصغر، ما يعود بأثر إيجابي طويل الأمد على المجتمع ككل عندما ينشأ الجيل التالي مدركاً لأهمية الكتاب ودوره في توسيع مداركه.
تُعد معارض الكتب أيضاً فرصة لطرح قضايا اجتماعية وسياسية وفكرية مختلفة عبر جلسات النقاش والمحاضرات التي تُعقد خلال هذه الفعاليات، ما يتيح للجمهور التعبير عن آرائهم واكتساب فهم أعمق للقضايا المهمة على الساحة الثقافية والاجتماعية.
قد يكون للمعارض تأثير ملهم ليس فقط على القراء، ولكن أيضاً على الكتّاب والمبدعين. يمكن أن يكون حضور معرض الكتاب حافزاً للمبتدئين في عالم الكتابة، حيث يحصلون على فرصة للاطلاع على الأعمال المنشورة والتفاعل مع أصحاب التجارب الإبداعية المخضرمة.
باختصار، معارض الكتاب ليست مجرد مناسبات لعرض الكتب وبيعها، بل هي أكبر من ذلك بكثير، حيث تمثل هذه الفعاليات منصات للتواصل والتبادل الفكري، وتعزز من دور الكتاب كوسيلة أساسية للمعرفة والتفاهم. من الضروري مواصلة دعم وتنمية مثل هذه الفعاليات حتى تظل الكتب والقراءة حجر الزاوية في بناء المجتمعات الثقافية المتنورة.