عادي

الفرح بالعيد عبادة

23:35 مساء
قراءة دقيقتين
1
سالم بن ارحمه الشويهي

د. سالم بن ارحمه

نحن متعبدون بمشاعرنا وأحاسيسنا، ومن أعظم الشعور الفرح، وهو أعلى أنواع نعيم القلب ولذته وبهجته، وإن مواسم العبادات وآثارها وأفعال الخير التي ترافقها هي جزء من صناعة الفرح للمجتمع، وهو من استشعار الفرح بفضل الله ورحمته. 
وأخبر عن هذا الشعور الفطري للفرح بالعبادة، النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: «للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه». 
وعن عائشة، رضي الله عنها، قالت: «دخل عليَّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعندي جاريتان تغنّيان بدفّين بغناء بُعاث، وذلك في يوم عيد، فاضطجع على الفراش، وحول وجهه إلى الجدار وتسجّى بثوبه، فدخل أبو بكر فانتهرهما، وقال: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فكشف النبي وجهه، وأقبل على أبي بكر، وقال: دعهما، يا أبا بكر فإنها أيام عيد. إن لكل قومٍ عيداً وهذا عيدنا».
ومن مشاهد السرور بالعيد بين يدي النبي، صلى الله عليه وسلم، ما فعله الحبشة، حيث اجتمعوا في المسجد يرقصون بالدرق والحراب، واجتمع معهم الصبيان حتى علت أصواتهم، فسمعهم النبي، صلى الله عليه وسلم، فنظر إليهم، ثم قال لعائشة: «أتحبين أن تنظري إليهم، قالت: نعم، فأقامها صلى الله عليه وسلم وراءه يسترها، وهي تنظر إليهم، والرسول، صلى الله عليه وسلم، يغريهم، ويقول: دونكم يا بني أرفدة». 
وفي ذلك توجيه نبوي ومنهج تشريعي تطبيقي لأهمية إشاعة الفرح بين الناس، لعظم مردودهما النفسي والمجتمعي، فإظهار السرور في الأعياد من شعائر الدين، بل إن مقدار فرحِك بالعيد، هو مؤشرٌ لمدى التزامك بتعاليمه قال المولى الجليل: «وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ». 
نحن في العيد على موعد مع عبادة: الفرح بفضل الله، وقد شرعت الأعياد في الإسلام لحِكَم سامية، ولمقاصد عالية، ولأغراض نبيلة منها أن تكون فرصة للترويح عن النفس من هموم الحياة، ولتوطيد العلاقات الاجتماعية ونشر المودة والرحمة بين المسلمين، ولكي نشكر الله تعالي على تمام نعمته.
وما أجمل أعيادنا تأتينا بعد موسمٍ من الطاعات، تأتي لتفرحنا وتبهجنا بتمام الطاعة لنستشعر جمال الإنجاز والمكافأة الربانية. وإذا كان العيد مناسبة لإظهار الفرح والسرور، فهو يشكّل فرصة للتدريب على سلوكيات السعادة الدائمة التي لا ترتبط بأيام الأعياد. ولن يتحقق ذلك إلا من خلال نشر ثقافة الإيجابية والتفاؤل والابتسامة الدائمة، واعتبار ذلك جزءاً لا يتجزأ من منهاج المسلم، فقد كان النبي أكثر الناس تبسماً.
والسعي إلى إدخال الفرحة في قلوب الآخرين وإشاعة السرور في المجتمع عبادة، فالمسلم لا يعيش فرحة العيد وحده، بل يجتهد ليشرك معه غيره، لاسيما المحرومين من الفقراء والمساكين، ولهذا فرض الإسلام زكاة الفطر من رمضان، «طعمة للمساكين» وليستغنوا عن السؤال يوم العيد وليلته، فيشاركون المجتمع فرحتهم بالعيد. 
والتَّهْنِئَةُ بالعيد مما يزرع الودّ في قلوب الناس، ومن مظاهر الفرح زيارة الأقارب والأرحام، والتي يجب صلتها في كل وقت لكنها تتأكد في هذه الأيام.

[email protected]

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"