الشارقة: «الخليج»
تصدر قريباً عن «بيت الحكمة للثقافة»، في القاهرة، مجموعة قصصية جديدة للكاتبة الإماراتية عائشة سلطان بعنوان «خوف بارد».
ما يميز هذه المجموعة هو حس الالتقاط الذي تتمتع به الكاتبة في التعبير عن العديد من القضايا والممارسات الاجتماعية، وما تحمل من تصورات وعادات وتقاليد، إضافة إلى القدرة على الإحاطة بيوميات البشر، عبر دفق شعوري يخاطب الوجدان.
المجموعة تطل على يوميات الواقع الإماراتي والخليجي، وتنفتح نحو الأفق العربي والإنساني بما يحمل من علامات نصية تبحث عن التأويل. ولعل اللافت في هذه المجموعة هو اللغة الشاعرية البديعة التي تجعل القارئ يتابع القراءة بشغف ومتعة، إضافة إلى التأمل العميق في ما وراء النصوص، وربما سيتوقف القارئ كذلك في لحظة مهمة عند الغلاف الجميل للمجموعة، عبارة عن لوحة لفتاة في غرفة تجلس على كرسي بقرب منضدة وتطالع صحيفة شبه ممزقة، ربما لتعميق الشعور بالبرود والوحشة و(الخوف)، كما أن وجود الفتاة بتلك الهيئة يحمل دلالة تحيل إلى عالم المرأة الذي لا شك أنه يحتل مكانة كبيرة في السرد.
تحمل المجموعة القصصية اسم «خوف بارد» وهو عنوان واحدة من قصص المجموعة، التي يجمع بينها رابط واحد هو «الخوف»، ربما هو الخوف من الماضي، الحاضر، أو المستقبل، الخوف هنا، يسيطر على كل شخصية من شخصيات قصص المجموعة.
وعودة إلى القصة الرئيسية في المجموعة «خوف بارد» فإن الشخصية الرئيسية فيها هي امرأة، تستعيد عن طريق «الفلاش باك» ما سبق ومرت به من مخاوف منذ الطفولة، تدخل هذه المرأة إحدى قاعات السينما، حيث الظلام الدامس، يساعدها عامل القاعة، وبيده فلاش إضاءة يدوي، يحاول إرشادها إلى مقعدها، في هذه اللحظة، تتلبس المرأة حالة من الخوف الشديد، وعبثاً تحاول إخفاء ما تشعر به، حيث يسيطر عليها هذا الهاجس اللعين، رغم محاولتها إخفاء ما تشعر به.
هل كان ذلك نتيجة خوفها من الظلام، أو من الحاضرين، أو من شيء آخر، هو بكل تأكيد خوف مستعاد، أو بعبارة أصح، خوف يفتك بمشاعرها من شدة سطوته وجبروته، وهو بكل تأكيد (خوف بارد لا يشعر به أحد).
العمل يصنع نسيجاً مطرزاً من معطيات الواقع، ومن أجل تعميق الأفكار وتقريب المعاني الاجتماعية يذهب إلى منطقة أخرى من التصورات الشعبية الاجتماعية، وليس أدل على ذلك، من هذا النص الذي حملته المجموعة: «عندما يخيم الضباب على حيِّهم في الشتاء لعدة أيام ويعتم الحي، أو لا تمطر السماء لمواسم متتالية ولا تظهر الشمس لأيام، يجتمع كبارهم ويتشاورون، ثم يشيعون أن هناك من ارتكب معصية أو خطأ وأن هذا جزاء ذاك، وعليه فإن على صاحب الخطيئة أن يعترف بخطئه واضعاً خرقة على فمه يتمتم فيها بما فعل حرصاً على ألا يفتضح أمره، ثم يربط الخرقة ويذهب وحده إلى مكان في الخلاء البعيد عن الحي خصَّصوه لذلك، فيفتح تلك الخرقة كأنما يُبدِّد خطيئته في الهواء وينثرها بعيداً لتحملها رياح الشتاء فيتطهر الحي وينفك الكرب وينقشع الضباب، وربما تساقط المطر. وفي أحد أيام الضباب تلك، فضح أحدهم أمر نفسه حين وقف وسط السوق وقال: أنا السبب في الضباب المخيم عليكم منذ أيام».
و«خوف بارد» هو الإصدار الأول من نوعه في مسيرة عائشة سلطان الإبداعية، التي شهدت الكثير من الإصدارات منها: «كتاب أبجديات» و«شتاء الحكايات» و«في مديح الذاكرة» و«هوامش في المدن والسفر»، وهو من أدب الرحلات، ولا شك أن مجموعتها القصصية الجديدة «خوف بارد»، ستشكل إضافة كبيرة للمكتبتين الإماراتية والعربية، خاصة أن عالم القصة القصيرة يشهد ازدهاراً كبيراً في الدولة، مع وجود عدد كبير من الكتاب من أجيال متباينة.
عادي
عائشة سلطان تفاجئ القراء بـ «خوف بارد»
11 أبريل 2025
23:52 مساء
قراءة
3
دقائق
المزيد من الملف
عناوين متفرقة
قد يعجبك ايضا







