مسقط ـ (أ ف ب)
بعد الجولة الثالثة من المحادثات النووية في سلطنة عُمان، أعلنت الولايات المتحدة وإيران إحراز تقدم خلالها، قبل أن تجتمعا مجدداً الأسبوع المقبل سعياً للتوصل إلى اتفاق من شأنه أنّ يخفف التوترات المتصاعدة في الشرق الأوسط.
ووصف مسؤول كبير المحادثات بأنها «إيجابية وبناءة»، فيما أشار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي بدوره إلى إحراز تقدم، مع سعي الجانبين إلى تضييق هوة خلافاتهما حول مجموعة من الموضوعات قبل الجولة الرابعة الأسبوع المقبل.
وقال عراقجي في مسقط: إنّ «المفاوضات هذه المرة كانت أكثر جدية من ذي قبل». لكنه أوضح أن «هناك خلافات في القضايا الرئيسية وفي التفاصيل»، مضيفاً أن «بعض خلافاتنا خطرة جداً، وبعضها أقل خطورة، وبعضها له تعقيداته الخاصة».
وتابع «حتى الاجتماع المقبل، من المقرر إجراء المزيد من الدراسات حول كيفية تقليص الخلافات». ورغم ذلك، أورد عراقجي «أعتقد أن تقدمنا كان جيداً حتى الآن. أنا راضٍ عن عملية المفاوضات وسرعتها. أعتقد أنها تسير بشكل جيد ومُرضٍ»، مشيراً إلى أنّ المحادثات تمت في «أجواء جدية وعملية للغاية». وأكّد أنّ إيران تتفاوض «فقط» حول الملف النووي.
وصرح عراقجي «أود أن أقول بصراحة إن موضوعنا هو الموضوع النووي فقط، ولن نتفاوض على أي موضوعات أخرى، ولا نقبل أي موضوعات أخرى للتفاوض عليها».
تعليق الوفد الأمريكي
وقال مسؤول أمريكي كبير: «استمرت هذه الجولة من المحادثات المباشرة وغير المباشرة أكثر من أربع ساعات. لا يزال هناك عمل كثير للقيام به، لكن تم إحراز تقدم جديد بهدف التوصل إلى اتفاق»، موجهاً الشكر إلى «شركائنا العمانيين لتسهيلهم هذه المناقشات».
وأفاد وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي الذي تتولى بلاده دور الوساطة على منصة إكس «ستستمر المحادثات الأسبوع المقبل، حيث من المقرر مبدئياً عقد اجتماع آخر رفيع المستوى في الثالث من مايو/ أيار».
وذكرت الخارجية الإيرانية وفق ما نقل عنها الإعلام الرسمي الإيراني أن المناقشات التي استغرقت نحو 9 ساعات جرت في «أجواء جديّة».
عُقدت هذه المباحثات عقب جولتين في 12 إبريل/ نيسان في مسقط، ثم في 19 إبريل/ نيسان في روما.
ويقود وفدي البلدين وزير الخارجية الإيراني عراقجي والمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، فيما يتولى البوسعيدي دور الوسيط. وعقدت مباحثات فنية على مستوى الخبراء بموازاة المحادثات الرفيعة المستوى.
ويُعد هذا أعلى مستوى من التواصل بين البلدين منذ أن سحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بلده أحادياً في 2018 من الاتفاق النووي المُبرَم بين إيران والقوى الكبرى عام 2015.
نهج عدائي
قالت إيران والولايات المتحدة إن جولة المفاوضات التي جرت السبت الماضي في مقر إقامة سفير عُمان في روما أسفرت عن «تقدّم». وقالت طهران إن الاجتماع كان «جيّداً».
وخلال ولاية ترامب الأولى انسحبت واشنطن من الاتفاق النووي لعام 2015، والذي نصّ على تخفيف العقوبات الدولية على إيران في مقابل فرض قيود على برنامجها النووي.
ومنذ عودته إلى البيت الأبيض في يناير/ كانون الثاني، عاد ترامب إلى سياسة «الضغوط القصوى» المتمثلة في تغليظ العقوبات على إيران، مكرراً بذلك استراتيجيته التي اتّبعها خلال ولايته الأولى.
وفي مارس/ آذار بعث ترامب رسالة إلى المرشد الإيراني علي خامنئي يعرض عليه فيها إجراء مفاوضات، لكنه لوّح بعمل عسكري في حال فشل المسار الدبلوماسي. وأعلنت واشنطن الثلاثاء عقوبات جديدة تستهدف شبكة النفط الإيرانية، في خطوة وصفتها طهران بأنّها دلالة على «نهج عدائي» قبيل محادثات السبت في عُمان.
حق غير قابل للتفاوض
في مقابلة نُشرت الأربعاء، أكّد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو موقف واشنطن الحازم ضد تخصيب إيران لليورانيوم. وقال في بودكاست «أونستلي»: «إذا أرادت إيران برنامجاً نووياً مدنياً يمكنها امتلاكه كما هو حال العديد من الدول الأخرى في العالم، عبر استيراد المواد المُخصَّبة».
من جهته، وصف عراقجي حقّ إيران في تخصيب اليورانيوم بأنه «غير قابل للتفاوض»، بعد أن نشر في وقت سابق من هذا الأسبوع على منصة إكس أنّ بلاده تسعى «لبناء 19 مفاعلاً على الأقل»، علماً بأنّ لدى طهران حالياً مفاعلين هما بوشهر وأراك.
وتُخصب إيران حالياً اليورانيوم بنسبة تصل إلى 60%، وهي أعلى بكثير من نسبة 3,67% المنصوص عليها في الاتفاق، لكنها لا تزال أقل من عتبة 90% المطلوبة للاستخدام العسكري.
وتزامناً مع المباحثات، وقع انفجار هائل في ميناء الشهيد رجائي بالقرب من مدينة بندر عباس في جنوب إيران أسفر عن عدد من القتلى ومئات الجرحى، ولم تُعرف أسبابه بعد.