عادي

أيام الدموع والألم.. مآسي بايدن الدرامية مع السرطان

14:42 مساء
قراءة 4 دقائق
بايدن
بايدن

إعداد: محمد كمال

تعد العلاقة بين الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن والسرطان درامية إلى حد كبير على امتداد عمره البالغ 82 عاماً، وهو ما ضاعف حالة التعاطف معه فور الإعلان المفاجئ عن إصابته بسرطان البروستاتا الذي وصل إلى عظامه، فكثيراً ما رصدته عدسات الكاميرات وهو يبكي تأثراً بفقدان أعزاء لديه جراء هذا المرض الخبيث، وفي مقدمتهم ابنه بو بايدن، حيث تحل بعد أيام الذكرى العاشرة لوفاته.


ولطالما كان السرطان جزءاً لا يتجزأ من حياة بايدن الشخصية والسياسية، فقد كرّس جانباً كبيراً من مسيرته المهنية لأبحاث السرطان بعد أن فقد ابنه بو بسبب سرطان الدماغ عام 2015، حيث قاد حملة «الانطلاقة الكبرى نحو السرطان» الهادفة إلى تعزيز التقدم في مكافحة المرض، تكريماً لابنٍ لم تغب خسارته الفادحة عن باله.

كما توفي اثنان من أقرب أصدقاء بايدن خلال سنوات عمله في مجلس الشيوخ، بسرطان الدماغ وهما إدوارد كينيدي عام 2009 وجون ماكين عام 2018، وهو ما عزز صورته المتعاطفة مع ذوي ضحايا السرطان، والتي أصبحت جزءاً أساسياً من صورته السياسية العامة. وقد مثّلت جهوده لحظة من التعاون الحزبي عندما عمل عن كثب مع الجمهوريين، بمن فيهم زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ آنذاك ميتش ماكونيل، لإقرار مشروع قانون «علاجات القرن الحادي والعشرين».

لكن المآسي في حياة بايدن تزامنت مع صعوده السياسي، فقد توفيت زوجته الأولى وابنته الرضيعة في حادث سيارة عام 1972، بعد وقت قصير من فوزه لأول مرة في انتخابات مجلس الشيوخ، وبعد وفاة ابنه بو، الذي اعتبره بايدن وريثه السياسي، عام 2015، انزلق ابنه الآخر، هانتر، في دوامة إدمان المخدرات قبل أن يتعافى منها.

أما بايدن نفسه، فقد أصيب في عام 1988، بتمدد في الأوعية الدموية الدماغية ما هدد مسيرته السياسية.


ـ هل كان هناك تستر على إصابة بايدن بالسرطان؟

في الأسبوع الماضي، خضع بايدن لفحص طبي للكشف عن وجود ورم جديد في البروستاتا، وفقاً لبيان صادر عن مكتبه، وتم تشخيص حالته بسرطان البروستاتا الذي انتشر إلى العظام، وذكر البيان أن التشخيص «يمثل شكلاً أكثر عدوانية من المرض»، لكن يبدو أن السرطان حساس للعلاج الهرموني، «ما يسمح بإدارة فعالة للمرض». وأضاف أن «بايدن وعائلته يراجعون خيارات العلاج مع أطبائه».

وتأتي هذه التطورات في لحظة غير عادية بالنسبة لبايدن (82 عاماً) وحزبه، حيث بدأ الديمقراطيون في الأيام الأخيرة التشكيك في طريقة تعاملهم مع انتخابات 2024، وخاصة إصرار بايدن المتقدم في السن على الترشح لإعادة انتخابه حتى أجبره أداء متعثر في المناظرة الشهيرة أمام ترامب على الانسحاب من السباق، وسط اتهامات بتراجع قواه الصحية والإدراكية، وسط تلميحات حول ما إذا كانت دائرته المقربة قد أخفت معلومات عن عدم لياقته لخوض السباق.

وفي فبراير/شباط 2024، أصدر طبيب بايدن ملخصاً عن صحته بعد فحص سنوي، أعلن فيه عدم وجود أي مخاوف جديدة كبيرة، وقال إن الرئيس وقتها «لا يزال لائقاً لأداء مهامه». ولم يذكر الملخص أي مشاكل في البروستاتا، وكذلك الملخصات السابقة من فترة رئاسته.

وبحسب بعض المتخصصين، إن فشل فحوص البروستاتا السابقة أثناء رئاسة بايدن في إظهار مؤشرات السرطان لا يعد مفاجئاً، بل ويحدث في كثير من الحالات، حيث يكون الأطباء بحاجة إلى فحوص أكثر لاكتشاف المرض.

ويقول أحد المتخصصين لصحيفة نيويورك تايمز، إن بايدن ربما خضع لفحص (PET) الذي أظهر انتشار السرطان. وأضاف أنه ليس من المستغرب أن الفحوص السابقة لم تكشف عن أي مؤشرات وأن «هذا يحدث دائماً».

كما يؤكد المختصون أنه لا يوجد تأكيد علمي على وجود صلة بين سرطان بايدن والزلات اللفظية والجسدية التي أثارت تساؤلات العام الماضي حول قدرته على الترشح لفترة رئاسية ثانية.

ـ ما هو غليسون 9؟

ويُعد سرطان البروستاتا من أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين الرجال، وخاصةً كبار السن. ورغم أنه ينمو ببطء عادةً وقد لا يُسبب ضرراً خطراً في البداية، إلا أن بعض أنواعه قد تكون أشد عدوانية وتنتشر بسرعة إلى أجزاء أخرى من الجسم، بما في ذلك العظام.

وأعطى تقرير علم الأمراض لسرطان بايدن درجة غليسون 9، و 10 هو أعلى رقم ممكن، ومقياس غليسون هو نظام تصنيف لسرطان البروستاتا، ويقول ويليام داهوت، كبير المسؤولين العلميين في الجمعية الأمريكية للسرطان، إن درجة غليسون تعكس مظهر الخلايا تحت المجهر، بينما تشير الدرجة المرتفعة إلى أن العديد منها يبدو خبيثاً ولا يشبه خلايا البروستاتا الطبيعية.

ـ ما مدى خطورة الإصابة؟

ويؤكد داهوت أنه «بمجرد أن ينتشر إلى العظام، لا نعتبره عموماً سرطاناً قابلًا للشفاء، على الرغم من وجود علاجات فعالة جداً في علاج السرطان». وعادةً ما يُعالَج المريض بعلاج هرموني يمنع إنتاج هرمون التستوستيرون، الذي يُساعد على نمو السرطان، على حد قوله. وأضاف: «بالتأكيد، يُمكنه العيش لسنوات عديدة مع هذا العلاج، بينما في الحالات الأكثر خطورة، يعيش المريض أقل من عام، بينما المتوسط من 3 إلى 5 سنوات، ولكن هناك تقارير عن أشخاص يعيشون 15 أو 20 عاماً أيضاً بالنظر إلى طرق استجابتهم للعلاج».

وقال المتخصصون إنه بالنظر إلى سن بايدن وحقيقة أن السرطان قد انتشر بالفعل في عظامه، فمن غير المرجح أن يخضع لعملية جراحية.

وفي ظهور له على قناة ABC قبل أيام نفى بايدن وزوجته جيل أي ادعاء بأن مساعديه أخفوا تدهوراً إدراكياً كبيراً له. وقال: «إنهم مخطئون. لا يوجد ما يدعم ذلك». كما أشار مكتب بايدن إلى أن أياً من الكتاب أو النقاد لم يزعم أن حالة بايدن الصحية أعاقت اتخاذه لأي قرار أو تصرف».

ويقول السيناتور كريس كونز، وهو صديق مقرب لبايدن ويعرفه منذ سنوات، إن التشخيص كان صعباً بالنسبة لأولئك المقربين من الرئيس السابق. وأضاف كونز: "إنه سيعتمد على مسار علاجي بدعم كامل من عائلته ومحبيه لتجاوز الأوقات الصعبة".

وفي عام 2020، كان سرطان البروستاتا ثاني أكثر أنواع السرطان تشخيصاً وخامس أكثرها شيوعاً في الولايات المتحدة، وفقاً للمعهد الوطني للسرطان. كما أنه الأكثر تشخيصاً في 112 دولة والسبب الرئيسي للوفاة بسبب السرطان في 48 من تلك الدول.

وقد تشمل الأعراض ألماً أو صعوبة في التبول، وتكراراً للتبول، ووجود دم في البول، ولكن مع ظهور الأعراض، يكون السرطان قد وصل عادةً إلى مرحلة متقدمة يصعب علاجها.

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"