صوت الجنوب العالمي

01:40 صباحا
قراءة دقيقتين

الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا صرح لوسائل الإعلام الصينية على هامش زيارته إلى الصين قائلاً: «أؤمن أن الجنوب العالمي يمثل الحداثة السياسية في القرن الواحد والعشرين. إنني فخور للغاية بوصولنا إلى ما نحن عليه الآن. من الممكن أن ننمو أكثر، لأن هناك الكثيرين الذين يرغبون في الانضمام للجنوب العالمي». وكان الرئيس الصيني قد صرح في نهاية شهر إبريل/ نيسان الماضي عند زيارته لبنك التنمية الجديد في مدينة شنغهاي قائلاً: «إن البنك مبادرة رائدة من أجل وحدة الجنوب العالمي وتحسينه الذاتي»، حيث اعتبر أن البنك «أول مؤسسة متعددة الأطراف في العالم تؤسسها وتقودها الأسواق الناشئة والدول النامية». بنك التنمية الجديد هو البنك الذي أنشأته مجموعة البريكس وتتولى رئاسته الرئيسة البرازيلية الأسبق ديلما روسيف.
ربما تُطرح أسئلة كثيرة حول مسمى الجنوب العالمي، ومن ذلك علاقة ما هو مثار حالياً حول هذا الجنوب والأصوات التي تعبّر عنه من دول ومؤسسات بما سبق طرحه في حقب زمنية ماضية. من قبل كان ينظر إلى دول عدم الانحياز بأنها تعبر عن الجنوب، ولاحقاً باتت هناك مجموعة السبع والسبعين، وحالياً هناك مجموعة البريكس، ويمكن أن تضاف إليها تجمعات إقليمية أخرى في كل من آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية. من الواضح أن هناك دولاً تنافح عن الجنوب العالمي، الذي وإن كانت بعض دوله قد خطت خطوات جبارة على طريق التنمية، فإن الكثير من دوله ما زالت ترزح في أغلال الفقر.
ولعل ما أحرزته بعض دول الجنوب العالمي على مدار عقود هو ما جعل ثقله يزداد، وفق الأمم المتحدة فإن نصيب دول الجنوب من النمو العالمي قد وصل إلى أكثر من النصف، وأصبح الجنوب مصدراً للاستثمارات، حيث بلغت الاستثمارات التي تخرج منه تمثل نحو ثلث تدفقات الاستثمار العالمية، كما أن التجارة بين بلدانه باتت تمثل أكثر من ربع التجارة العالمية الإجمالية.
لكن الأغلبية العظمى من دول الجنوب ما زالت تعاني بشدة، وتختلف المعاناة من حيث مسبباتها، لكن المحصلة هي معدلات فقر مرتفعة، مستويات تعليمية متدنية، وبطالة مرتفعة، وخدمات صحية تعجز عن الوفاء بمتطلبات الرعاية المطلوبة. ويبرز انكشاف هذه الشريحة من الدول مع انتشار الأوبئة وتفشي الأمراض المتوطنة في بعضها. وإذا أضيف إلى كل ذلك وجود صراعات داخلية تخلف ملايين النازحين واللاجئين. وقد يجتمع مع كل ذلك تغيرات مناخية تضرب هذه الفئات الضعيفة، ويصل الحال في بعض الدول الجزرية الصغيرة إلى احتمالية غرق أجزاء كبيرة منها.
أهداف كثيرة حددتها الأمم المتحدة للتعاون بين دول الجنوب، على رأسها تشجيع هذه الدول لكي تعتمد على ذاتها عبر «تعزيز قدراتها المبدعة على التوصل إلى حلول لمشاكلها الإنمائية تماشياً مع ما لديها من أماني وقيم واحتياجات خاصة». هذه الأهداف لم يعد أمر تحقيقها في يد الدول المتقدمة بشمال الكرة الأرضية فقط، وإنما باتت هناك مسؤوليات على دول الجنوب التي حققت الكثير في مجال التنمية، والتي تمثل صوتاً مسموعاً لتلك الدول، وكذلك على المؤسسات التي تنتظم فيها، وتبقى المسؤولية الأساسية وطنية قبل أن تكون إقليمية أو عالمية.

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"