تحكيم العقل لكبح التصعيد

00:55 صباحا
قراءة 3 دقائق
1

لطالما دعت دولة الإمارات إلى تحكيم العقل والعودة إلى القيم الإنسانية في معالجة الأزمات التي تحيق بالمنطقة والعالم، ولطالما رفعت الصوت عالياً داعية إلى الالتزام بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، والتمسك بالحوار والدبلوماسية من أجل حماية الأمن والسلام الدوليين.
وفي هذا الإطار، أجرى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، اتصالات مع قادة دول الخليج العربية، بحث خلالها مستجدات الأوضاع في المنطقة وتداعياتها الخطرة على الأمن والسلام الإقليميين، وذلك إثر الهجمات الأخيرة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، بهدف تهدئة الأوضاع وخفض التصعيد بما يسهم في استعادة الأمن والاستقرار، مؤكداً أن التوترات التي تشهدها المنطقة ستؤدي إلى تداعيات خطرة على المستويين الإقليمي والدولي، داعياً إلى التحلي بالحكمة واللجوء إلى الحوار والحلول السلمية، وتجنب التصعيد.
لقد كانت الإمارات تدرك تماماً أن المنطقة تمر بمنعطف خطر قد يتطور إلى مرحلة من المواجهات العسكرية الواسعة التي لا يمكن السيطرة عليها جراء ما يحدث فيها من نوازع العدوان والشر التي لا تفضي إلا إلى الخراب.
وبعد الهجوم الأمريكي أمس على منشآت نووية إيرانية في نطنز وفوردو وأصفهان، أعربت دولة الإمارات عن قلقها البالغ من استمرار التوتر في المنطقة واستهداف المنشآت النووية الإيرانية، ودعت إلى ضرورة الوقف الفوري للتصعيد لتجنب التداعيات الخطرة وانزلاق المنطقة إلى مستويات جديدة من عدم الاستقرار.
لم يكن الهجوم الأمريكي مبرراً على الإطلاق، سوى أنه ترجمة لطلب رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الذي قال عنه إنه «سيغير التاريخ»، وإن الهجوم تم بالتشاور معه، كما أن الهجوم يمثل انتهاكاً صريحاً للقانون الدولي، حيث سارع أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إدانته باعتباره يمثل «تصعيداً خطراً للوضع الإقليمي»، و«تهديداً مباشراً للسلام والأمن الدوليين»، محذراً من خروج الصراع عن السيطرة بسرعة، كما أن الهجوم يمثل انتهاكاً للدستور الأمريكي، حيث أثار عاصفة سياسية داخل الكونغرس وسط اتهامات مباشرة للرئيس ترامب ب«خرق الدستور»، وتجاوز صلاحياته باستخدام القوة العسكرية من دون تفويض تشريعي، وقال نواب ديمقراطيون إن ترامب «اتخذ خطوة خطرة من دون مشاورة البرلمان أو تقديم مبررات واضحة في استهداف دولة لم تهدد الولايات المتحدة ولا تشكل خطراً على أمنها القومي».
وقال زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشاك شومر «لا يجوز لرئيس أن يجر البلاد إلى حرب بهذا الحجم من دون موافقة الكونغرس». في حين وصف السيناتور جاك ريد عضو لجنة القوات المسلحة الضربة بأنها «مغامرة ضخمة»، فيما وصف السيناتور المستقل بيرني ساندرز الهجوم بأنه «غير قانوني»، وقال النائب الديمقراطي حكيم جيفريز إن «ترامب يتحمل المسؤولية الكاملة عن أي عواقب قد تنجم عن عمله العسكري الأحادي الجانب».
هناك انقسام حاد داخل الولايات المتحدة تجاه الهجوم على إيران وسط تحذيرات من تداعياته على المصالح الأمريكية، ومخاوف من اتساع رقعة الصراع، خصوصاً ما يمكن أن تقدم عليه إيران من ردود فعل، حيث أكدت أنها «سوف ترد حتماً على هذا الهجوم»، وهناك عدة خيارات أمامها أقلها الانسحاب من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية بموجب المادة العاشرة منها.
على المجتمع الدولي أن يستجيب إلى دعوة الإمارات ويتحرك سريعاً لوقف التصعيد فوراً، لأن المنطقة باتت على فوهة بركان، ولأننا أمام حالة غاب فيها العقل، وأصبح كل شيء مباحاً في عودة إلى شريعة الغاب.

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"