لنتكاتف من أجل أمننا المائي

01:10 صباحا
قراءة دقيقتين

بات تأمين الحصول على المياه بشكل مستدام أحد أبرز التحديات التي تواجه الدول بشكل عام، ونتج من ذلك ظهور مصطلح «الأمن المائي». وتعد دولة الإمارات من بين الدول التي تقع ضمن حزام المناطق الجافة التي تتميز بارتفاع درجات الحرارة وانخفاض معدل هطول الأمطار، الأمر الذي يجعلها من الدول التي تواجه تحديات كبيرة في ما يتعلق بتحقيق الأمن المائي، وتلبية الطلب المتزايد على المياه في مختلف القطاعات، ومن هنا نتساءل: ماهي الجهود الوطنية في تحقيق الإدارة المتكاملة للمياه، وما مدى فاعلية وكفاية هذه الجهود؟ وما هو دور المجلس الوطني الاتحادي في هذا الشأن؟.

أفرد دستور الإمارات منذ نشأة الاتحاد مادة تعنى بالسيادة المائية لكل إمارات الاتحاد وترك إدارة هذا المورد ضمن التشريعات المحلية لكل إمارة على حدة، باعتباره ضمن الثروات الطبيعية للإمارة، ومع ذلك وإدراكاً لأهمية تعزيز منظومة الأمن المائي وتحقيق استدامتها وتوحيد الجهود بين إمارات الدولة قدمت الحكومة جهوداً ريادية في هذا المجال، من خلال مجموعة من البرامج والمشاريع والمبادرات المبتكرة لمواجهة المخاطر المتزايدة الناتجة عن أزمة ندرة المياه، حيث أطلقت استراتيجية الأمن المائي (2036)، التي تهدف إلى ضمان استدامة واستمرارية الوصول للمياه خلال الظروف الطبيعية وظروف الطوارئ القصوى من خلال مجموعة من الأهداف الاستراتيجية، أهمها خفض إجمالي الطلب على الموارد المائية بنسبة (21%) وزيادة مؤشر إنتاجية المياه إلى (110) دولارات لكل متر مكعب.

ورغم الجهود المبذولة من قبل الحكومة في المحافظة على المياه والإسهام بشكل فاعل في الإدارة المتكاملة لها، إلا أن هناك مجموعة من التحديات لا تزال قائمة، ومنها انخفاض منسوب المياه الجوفية وتداخل مياه البحر مع المياه في المناطق القريبة من الساحل أدى إلى زيادة ملوحة المياه الجوفية، إضافة إلى استمرار الحفر العشوائي للآبار دون الحصول على التراخيص القانونية في الدولة. وقد استشعر المجلس الوطني الاتحادي أهمية هذا الموضوع من خلال تبنيه موضوعاً عاماً يعنى بالشأن المائي على صعيد الدولة، وانتهى بعد دراسته ومناقشته إلى عدد من التوصيات أهمها تشكيل لجنة وطنية تُعنى بوضع سياسات وأطر ومعايير موحدة ملزمة تنظم استهلاك المياه في جميع القطاعات.

في الختام، يتضح أن توحيد معايير الأمن المائي في دولة الإمارات لم يعد خياراً، بل ضرورة تفرضها التحديات البيئية والتنموية المستمرة. ورغم الجهود الحكومية الكبيرة في هذا المجال إلا أن هذه الجهود لا يمكن بلورتها على أرض الواقع إلا من خلال صدور تشريع اتحادي يتبنى معايير موحدة لإدارة الموارد المائية بالتنسيق بين الإمارات ضمن نطاق سعري موحد لأكثر القطاعات استهلاكاً.

عن الكاتب

باحث رئيسي تشريعي في الأمانة العامة للمجلس الوطني الاتحادي

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"