سادة الجحود

00:22 صباحا
قراءة 3 دقائق

حسن العديني

تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية من قبل هيئة العلماء في المملكة العربية السعودية يؤكد المؤكد، فالجماعة أخذت هذه الصفة ببيان أصدرته وزارة الداخلية في مارس 2014. المؤكد أن ما من أحد أقلع عن التدخين امتثالاً للتحذير الحكومي المكتوب على علب السجائر وإنما ينتهي الشخص من ممارسة تلك العادة بسبب إحساسه بالضرر الصحي أو بتأثير الاستهلاك الجائر على ميزانية الأسرة، على هذا المثال جاء تصنيف الحكومة وإدانة هيئة دينية لجماعة تتلحف بالدين في مجتمع معروف بالمحافظة والتدين.

ليس في السعودية فرع معلن لجماعة الإخوان ومراقب عام معروف، كما في بلدان مثل سوريا والأردن، وذلك لا يعني أن «الإخوان» غير موجودين، فهم يمارسون أنشطتهم في أطر سرية، وقد يتخذون من الجمعيات الخيرية واجهات لتسهيل تحركاتهم وتأمين واحد من مصادر التمويل حيث يخدعون ذوي النيات الحسنة الذين يظنون أنهم ينفقون أموالهم للخيرات فإذا هي تذهب للشرور، وكم من أموال جمعت بلا حصر باسم اليتامى وأنفقت في شراء السلاح وقتل النفس التي حرم الله.

«الإخوان» لا يفصحون عن اسمهم حتى في البلدان التي تسمح في التعددية الحزبية بل هم يتخفون وراء مسميات حزبية مثل العدالة والإصلاح وشبيهاتها، وفي تونس ما زال فرع الجماعة يحمل اسم حركة النهضة رغم عضوية رئيسها راشد الغنوشي في قيادة التنظيم الدولي وإضماره الطموح إلى الجلوس في مقعد حسن البنا، ومع هذا فقد انطلت الخديعة ولم تمنع مطالبة الغالبية العظمى من التونسيين بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية من مشاركتها في الحكم تحت غطاء اسمها الحركي ومن أن يتولى زعيمها رئاسة البرلمان. 

والثابت من كتابات بعض من أرّخوا للجماعة من قادتها الأولين، أن جماعة الإخوان المسلمين تمددت ونزحت عقب صدامها مع بعض الأنظمة العربية. 

 بعد «النزوح الكبير» تكاثرت خلاياها السرية التخريبية في كل الاتجاهات. في اليمن على سبيل المثال هناك تجربة مريرة لقوى اليسار القومي والماركسي التي عانت من بطش ضباط المخابرات المنتسبين ل«الإخوان» حيث مات الكثير منهم تحت التعذيب وخرج غيرهم من المعتقلات مشوهين نفسياً وجسدياً، والغريب أن قوى اليسار تلك عادت وتحالفت مع الجماعة الإرهابية وسلمت لها القيادة خلال 2011، والأغرب كذلك أن قيادات «إخوان اليمن» يتلقون الدعم المادي والإعلامي من قطر وتركيا.

 والحال أن الإمبراطورية المالية الهائلة ل«الإخوان» بنيت بأموال المتبرعين والاستثمارات، ففي سيرته يروي يوسف ندى صاحب بنك التقوى قبل مصادرته، قصة خروجه هارباً من مصر عبر ليبيا وكيف أنه أنشأ في إيطاليا أول صوامع للأسمنت، لكن لم يكشف، وهو ابن بائع الألبان في الاسكندرية عن مصدر ثروته، غير أنه قال إنه باع الأسمنت ومواد البناء للشركات التي نفذت مشاريع العمران بعد حرب أكتوبر، كما روى أنه استثمر في بناء مدن كاملة في إيران بعد ثورة الخميني.

وقد عبر الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز، وزير الداخلية السعودية الأسبق عن الحسرة من جحود «الإخوان»، حيث قال لصحيفة «السياسة» الكويتية في 26 نوفمبر 2002 إن «الاخوان لما اشتدت عليهم الأمور وعلقت لهم المشانق في دولهم لجأوا إلى المملكة فتحملتهم وصانتهم»، لكن «الإخوان» في نهاية المطاف كافأوا السعودية ودولاً في الخليج بجزاء سنمار، فحين أخذوا كرسي الفرعون في مصر مدوا أبصارهم إلى البلدان التي آوتهم وأخذوا يرتبون للاستيلاء على السلطة بالسلاح أو بفوضى الشارع.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"