بشارة تنفيذ اتفاق الرياض

00:10 صباحا
قراءة 3 دقائق

حسن العديني

أكثر من أربعمائة يوم بدلاً عن شهر استغرقه اتفاق الرياض الموقع بين الحكومة الشرعية في اليمن والمجلس الانتقالي الجنوبي. لم تقتصر الخسارة على هدر الوقت بما ينطوي عليه من فرص ضائعة وإنما إضافة إليه، شهدت البلاد اشتباكات وسقط ضحايا وبددت إمكانيات.

 لا فائدة للبكاء الآن ولكن من المهم أن يتعلم اليمنيون الدرس وهو ألا تقع الحكومات في خطيئة إسناد مهمة بناء القوات لجماعات حزبية حيث ينتزع الحزب من يد الدولة قرار توجيه البندقية. إن اليمن يكابد من هذا كثيراً في الجنوب وفي تعز ومأرب ومحيطيهما.

 ما دام الاتفاق قد خرج إلى الضوء فذلك نصف الطريق ونصفه الآخر هو الممارسة والعمل المشترك، إذ إن هذا كفيل بتوطيد الأواصر وبناء الشقة.

 يمثل الشق العسكري والأمني الفصل الأكثر أهمية في الاتفاق، وقد أحسن التحالف العربي صنعاً بإعادة تموضع قوات طرفي الاشتباك، وسوف يكون عليه أن يستوثق دائماً من أن الأوضاع لن تنزلق إلى احتكاك قد يسوق إلى صدام. شيء ممض الحديث عن حاجة اليمنيين إلى ضابط يراقب وقاض يفصل في الخصومات، لكن هذه هي الحقيقة التي يتجرعونها كل يوم. والشق الثاني في الاتفاق هو تشكيل حكومة مشتركة من ممثلين للمجلس الانتقالي والحكومة الشرعية وبالمناصفة بين شماليين وجنوبيين. والمناصفة لا تثير حساسية مفرطة كما يعتقد البعض لأن الداعي إليها معاناة سابقة عاش تحت وطأتها الجنوبيون الذين أزيحوا من أجهزة الخدمة العامة المختلفة المدنية والعسكرية.

 كما لا يجوز أن يثير هذا مخاوف من نزعة انفصالية قد تسلخ جنوب اليمن عن شماله. على العكس فإن نجاح التجربة قد يؤدي إلى أن يتحمل الجنوب مسؤولية استعادة الجمهورية في الشمال وإعادة توحيد اليمن على أسس وقواعد أرسخ من تلك التي قامت عليها وحدة 1990. واليمنيون في الشمال وفي الجنوب معاً يعرفون من قراءة التاريخ أن اليمن لم يكن منقسماً في أي يوم على النحو الذي استمر منذ احتل الكابتن هانس عدن في 19 يناير 1939. المهم أن اليمن كان يتوحد وينقسم لكنه حين يذهب في هذا المنحى الأخير فإنه يتخذ حدوداً وأشكالاً للدويلات بعيدة عما استقر عليه الوضع في ما سمي شطري البلاد عقب استقلال الجنوب في نوفمبر 1967. ولا حديث عن امتزاج الدم خلال سنوات الكفاح المشترك.

 قد يكون أسوأ مثال هو ما عاشته اليمن عقب انتخابات إبريل 1993 عندما انضم حزب الاصلاح (الإخوان المسلمين) إلى حزبي الاشتراكي والمؤتمر. 

 لا يتمنى أي إنسان أن يكرر اليمنيون التجربة المريرة وإنما يتعالى الأمل في أن تنسجم الحكومة القادمة وتضع في حسبانها أمرين لا يقبلان التأجيل.

 الأول هو الوضع الاقتصادي وضرورة أن يعالج بترتيبات عاجلة لوقف انهيار قيمة العملة الوطنية قبل الحديث عن سياسات بعيدة المدى لتحقيق التعافي في الاقتصاد. سيتطلب هذا دعماً من دول التحالف بالضرورة. ثم وبصورة عاجلة مواجهة المجاعة وبدرجة أولى تحرير مواد الإغاثة من المنظمات الأهلية المشبوهة التي تعيد بيعها في الداخل أو تهريبها إلى الخارج.

 والقضية الثانية هي الأمن، حيث الاغتيالات والاختطاف والاعتداء على الحرمات من الظواهر الدخيلة الفاحشة في عدن وفي الجنوب عامة. سيقتضي هذا تنسيقاً بين وزارتي الداخلية والإدارة المحلية، وسيستلزم ممارسة الحكومة مهامها من العاصمة المؤقتة دون أن تشعر أنها رهينة أو معتقلة أو خائفة.

 إن تنفيذ اتفاق الرياض بشارة لكنها بشارة متوجسة.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"