الذكاء العاطفي

00:06 صباحا
قراءة دقيقتين

سادت فكرة تنحية الإنسان لمشاعره وعواطفه وأحاسيسه بعيداً عن العمل لسنوات طويلة حتى أهملت، ولكن لحُسن الحظ ظهر مصطلح (الذكاء العاطفي)، وهو ما يُمكِّن الأشخاص من فهم الكيفية الّتي تجعلهم أكثر فاعليةً ونجاحاً مع مشاعرهم، وكذلك مع عواطف الآخرين وإدارتها بشكل مثالي، فلدينا عقل يفكر وعقل يشعر، فهو ليس بمنزلة انتصار القلب على الدماغ، بل هو تقاطع الاثنين معاً.
فالذكاء العاطفي هو القدرة على توظيف الشعور والتعبير عنه مع التحكّم بتفريغه بطريقة سليمة، فهو لا يتوقف تأثيره على تفهم المشاعر الشّخصية وإدارتها فقط، بل يتعدى إلى تفهم أحاسيس الآخرين وتقبل دوافعهم والتّعاطف معهم، فالأشخاص الأذكياء عاطفياً قادة جيدون ومديرون ناجحون، فقد تمتلك حيرة في ذهنك، ولكن لن تكذب عليك عواطفك أبداً.
فلدينا كثير من الكلمات التي تصف الأحاسيس التي تظهر في حياتنا، إلا أنها جميعها ليست في الأساس إلا اشتقاقاً من خمسة أنواع أساسية من المشاعر، وهي: (السعادة، والحزن، والغضب، والخوف، والخجل)، فالتحدّي اليومي للتعامل مع المشاعر تعاملًا فعالاً أمر مهم بالنسبة إلى الإنسان؛ نظراً لأن أدمغتنا مُجهزة سلفاً لترجيح كفة العواطف، فهي مُعدية أي أنّها تنتقل من شخصٍ لآخر.
ومن خصائصه الوعي بالذات، وهذه من أهم سمات الذّكاء العاطفي، فالأشخاص الأذكياء عاطفياً صادقون مع أنفسهم، فهم يعرفون نقاط قوتهم ويستثمرونها، ويدركون نقاط ضعفهم ويعملون على تعزيزها وتوصيف مشاعرهم بدقة، وكذلك التنظيم الذاتي الذي يشمل السماح بالتعبير عن هذه المشاعر، فهم يقومون بتصرفات مُنضبطة، ويفكرون بعمق ومنطق، ويتأقلمون بسرعة مع المُتغيرات، ولا يتخذون قرارات مُتهورة، ويتفهمون دوافع وأسباب قيام الآخرين بأيّ أفعال، ويضعون أنفسهم مكان الأشخاص الآخرين، ويدعمونهم عند إبداء مشاعرهم بدلاً عن اللوم، فيعملون على اختيار العبارات التحفيزية والتشجيعية، والّتي من شأنها استثارة الهِمم وإشاعة الحماسة.
ومن طرق إتقان إدارة مشاعرنا والتحكم بعواطفنا استخدام الأسلوب المُباشر في التعبير عن الأحاسيس؛ فهذا يساعد الشخص على فهم نفسه وفهم الآخرين، وتدريب النفس على الاستجابة للمشاعر، كالتفكير الواعي في الكلام في لحظات الانفعال والغضب، والحِفاظ على الهدوء في المواقف التي تسبّب التوتر، والإنصات للمُتحدث، وكذلك الحرص على تفريغ الطاقة السلبية تفريغاً سليماً، كالكتابة أو التحدث مع أحد الأصدقاء، وذلك لمنع تراكم الأحاسيس والمشاعر الإيجابية ومشاركتها مع الآخرين كالرقص والفرح والقفز عند الحماسة، والقيام بعصف ذهني لمجموعة المشاعر التي يُحتمل أن تكون هي ما نشعر به، فنجاح الآخرين ينبغي أن يثير لدينا الرغبة بالتفوق مثلهم، وليس اكتناف صفات سلبية تجاههم كالحسد والكُرْه؛ لأنها تولّد لدينا مُثبطات تمنعنا من المُضي قُدُماً نحو تحقيق ما نصبو إليه.
فالطبع ليس قَدراً لا يمكن تغييره، بل إن العاطفة التي يمكن أن تكسر قلبك حتماً هي نفسها التي تشفيه.
[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/2m3rdbdb

عن الكاتب

منى عبدالله كاتبة إماراتية، حاصلة على درجة الماجستير في علوم المكتبات والمعلومات العام 2015. عملت بالعديد من الجامعات الأكاديمية في الدولة: كليات التقنية العليا، جامعة زايد، وحالياً تعمل كأمينة مكتبة في جامعة خليفة بأبوظبي. أصدرت أول كتاب لها في العام 2022 بعنوان:«أيها الفارس الجميل لست بصديق عادي».ومؤلفات أخرى قيد الإصدار.

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"