ألحقوا أبناءكم بهذه المدرسة

00:03 صباحا
قراءة دقيقتين

إذا كنا نستلهم من التاريخ الكثير من الدروس والعبر، بل بواسطته يمكن البناء وتجنب الأخطاء التي سبق الوقوع فيها، وهذا على مستوى الأمم والشعوب والحضارات، فالحال نفسه على المستوى الفردي. وإن كانت هناك بعض الاختلافات، إلا أن العنوان الرئيسي واحد، وهو ما يتعلق بالتعلم من الآخرين، من الأكثر خبرة، ومن مر بتجارب وصعوبات، وتمكن من تجنبها، أو حتى وقع ثم نهض، وهذا المصدر من المعلومات نجده عند كبار السن، من الآباء والأجداد، حيث يحملون دروساً حياتية مهمة، ولا تقدر بثمن، دروساً لن تجدها في المجلدات، ولا في الكتب الدراسية، وأقصد القصص والتجارب المفعمة بالحياة، الماثلة أمامنا، والتي تروى وتحكى من أفواه من عاصرها وكابدها، لذا هي نابضة، ومشحونة بالألم والتعب، لكنها أيضاً تملك روحاً وثابة قوية مكنته من النجاح.

كل أب وأم، أو كل جد وجدة، لديهم مواقف حياتية بالغة، وقصص عن مفارقات عجيبة، وصعوبات مروا بها، تعد تحفاً بشرية، لا تقدر بثمن، ودروساً عظيمة يمكن للأبناء والأحفاد النهل منها والاستفادة والتعلم.

لذا، من الأهمية أن ننمي الحوار ونشجعه مع كبار السن، وأن يكونوا جزءاً من الفعاليات والأنشطة على مستوى المجتمع، وأن نقدم مبادرات تستهدف التواصل مع الآباء والأجداد، وأن نهيئ الأجواء المناسبة لطرح الأسئلة، والاستفادة من الحكمة والمعرفة المتراكمة التي اكتسبوها طوال سنوات عمرهم المديد. أما على مستوى العائلة التي لديها حظ تواجد أحد كبار السن، سواء الأب أو الأم، أو الجد أو الجدة، فهنا يجب تشجيع الأبناء على تمضية الوقت معهم، والاستماع لقصصهم وتجاربهم، والاستماع للكيفية التي كانوا يعالجون بها الهموم والمشاكل، وكيف كانوا يتصدون للصعوبات ويتجاوزون العقبات. ومثل هذه الجلسات العفوية ستكون مصدر خبرة وتعلم للأبناء، بل ستختصر عليهم سنوات من التعلم قد يتعرضون خلالها للخسارة أو الفشل، أو لعدم القدرة على مواجهة البعض من الصعوبات، أو مواجهتها بطريقة خاطئة. لذا، على المربين والآباء والأمهات تشجيع أبنائهم للمشاركة في أنشطة وأعمال مع أجدادهم، سواء داخل المنزل، وعلى مستوى العائلة، حيث يمكن لتلك القامات من الأجداد أن يكونوا معلمين، ومرشدين، وموجهين.

وهناك طرق تربوية تشجع الأبناء وتدفعهم وتحمسهم للجلوس مع كبار السن، للتعلم بطريقة غير مباشرة، ما يساهم في زيادة خبراتهم ويطور شخصيتهم، ويمنحهم الأفضلية وقصب السبق في ميدان الحياة. إن كبار السن مدرسة عظيمة، ألحقوا أبناءكم بها دون تردد.

[email protected]

www.shaimaalmarzooqi.com

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/69zta4f4

عن الكاتب

كاتبة وناشرة إماراتية ومؤلفة لقصص الأطفال وروائية. حصلت على بكالوريوس تربية في الطفولة المبكرة ومرحلة ما قبل المدرسة والمرحلة الابتدائية، في عام 2011 من جامعة زايد بدبي. قدمت لمكتبة الطفل أكثر من 37 قصة، ومتخصصة في أدب اليافعين

المزيد من الآراء

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"