عادي

فلاديمير بوتين.. وجه روسيا القوي «العابر من زمن القياصرة»

17:10 مساء
قراءة 4 دقائق
فلاديمير بوتين.. وجه روسيا القوي «العابر من زمن القياصرة»
فلاديمير بوتين.. وجه روسيا القوي «العابر من زمن القياصرة»
فلاديمير بوتين.. وجه روسيا القوي «العابر من زمن القياصرة»

«الخليج» - وكالات
بين الحرب على أوكرانيا والمواجهة مع الغرب واحتجاجات المعارضة، يستهل فلاديمير بوتين، الثلاثاء، ولايته الخامسة كقائد حربي يمسك بكلتا يديه بمقاليد الحكم التي تولاها قبل ربع قرن، وبدفة قيادة روسيا الاتحادية نحو مساع استعادة «عظمة روسيا» في العالم، ولاسيما فتراتها إبان حقبتها القيصرية، ما جعله مؤهلاً وبقوة لنيل لقب القيصر رغم اندثار زمن القياصرة.
وفي مارس/آذار، حصد الرئيس الروسي أكثر من 87 % من الأصوات التي تم الإدلاء بها في انتخابات جرت في غياب أي معارضة، وأدانها الغرب باعتبارها ممارسة زائفة للديمقراطية.
شهد عهد بوتين (71 عاماً) في عام 2020، تعديلاً دستورياً يتيح له البقاء في سدّة الحكم حتى 2036، وهو شغل منصب الرئيس لولايتين امتدت كل منهما أربعة أعوام، واثنتين كل منهما لستة أعوام، فصلت بينهما فترة كان خلالها رئيساً للوزراء.

  • الأوليغارش وحرب الشيشان

تميز حكم بوتين الآتي من صفوف جهاز الاستخبارات السوفييتية (كاي جي بي) منذ وصوله إلى الكرملين في 31 ديسمبر/كانون الأول 1999 بسمتين رئيسيتين.
أولاهما تمثلت بالتشدد المستمر مع السيطرة على طبقة الأثرياء الأوليغارش وحرب الشيشان الثانية.
والثانية هي السعي إلى اكتساب سلطة جيوسياسية، من خلال الحرب في جورجيا (2008)، وضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية (2014) والتدخل العسكري في سوريا (2015) وأخيراً حرب أوكرانيا (2022).
ظن القادة الأوروبيون، ولا سيما المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل، خطأً أنهم قادرون على احتواء هذه الطموحات، مراهنين على الاعتماد الاقتصادي المتبادل من خلال المشتريات الضخمة من الغاز الروسي.

  • لا تراجع ولا فشل في أوكرانيا

ويبدو بوتين راسخاً في منصبه أكثر من أي وقت مضى، وما زال مقتنعاً بالحرب التي يخوضها في أوكرانيا حيث كبد جيوش كييف هزائم مذلة رغم الإمدادات الغربية غير المنقطعة لها، وما زال يصر على تحقيق النصر مراهناً على ميل الكفة لصالحه ولاسيما في الأشهر الأخيرة وعلى شعور حلفاء كييف بالتعب وسكان أوكرانيا بالإرهاق.
وبعد عامين على بدء الحرب، سيطرت قوات موسكو في الفترة الأخيرة على بلدة أفدييفكا، وواصلت التقدم في مواجهة قوات كييف التي شكت مراراً من النقص في العتاد والعديد.
وفي أواخر فبراير/شباط، شدد بوتين على أن «القوات المسلحة لن تتراجع ولن تفشل»، معتبراً أنها مسألة «حياة أو موت» بالنسبة إلى موسكو، وبعد انتخابه في منتصف مارس/آذار، قال إن روسيا «موحدة» أكثر من أي وقت مضى.

  • التخلص من هيمنة الغرب

منذ بدء الهجوم الروسي في فبراير/شباط 2022، ألقى بوتين سلسلة من الخطب التي اتهم فيها أوكرانيا بـ«النازية»، وأعلن ضمّ أجزاء من أراضيها، وصوّر النزاع على أنه حرب بالوكالة دبرها الأمريكيون.
لكن لا شيء يثني بوتين عن أهدافه: لا العقوبات الغربية ولا ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية، ولا خسائر الجيش في بعض المواقع.
فقد وضع نصب عينه مهمة واحدة هي التخلص من هيمنة الغرب. وفي أكتور/تشرين الأول 2023، أعلن أن «مهمته هي بناء عالم جديد».

  • تأثره بتفكك الاتحاد السوفييتي

لا بد من القول إن العميل السابق لجهاز الاستخبارات السوفييتي الذي كان متمركزاً في ألمانيا الشرقية في الثمانينات، ما زال متأثراً بتفكك الاتحاد السوفييتي كدلالة على هزيمة موسكو في الحرب الباردة.
ومن أجل تحقيق أهدافه، يفتخر بوتين بالدعم الدبلوماسي الذي يحصل عليه من الصين، ويشير إلى أن آسيا، وفي مقدمها الهند، تتهافت على النفط الروسي، وأن إفريقيا تعتبره حليفاً ضد «الاستعمار الجديد» الغربي.
روسيا هي أيضاً بالنسبة إليه حاملة لواء القيم «التقليدية» في مواجهة «الانحطاط الأخلاقي للغرب» وتسامحه تجاه مستحدثات الغرب.
وبعد فشل الهجوم المضاد الأوكراني في صيف 2023، شعر بوتين بأنه يتمتع بهامش مناورة أكبر، مع انقسام الغرب بشأن استمرار المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
وعاد إلى الساحة الدولية فيما امتص الاقتصاد الروسي عموماً صدمات العقوبات الغربية رغم التضخم والاعتماد على الإنتاج العسكري.

  • تحديات

لكن رغم قوته،وصلابة موقفه، وتعددية الحلول التي يملكها لا يزال الرئيس الروسي يواجه تحديات، فالانتصار في أوكرانيا لم تظهر ملامحه بعد ولا حُدد موعد نهائي له حتى الآن، وقدرة الروس والنخبة والاقتصاد على الصمود في هذا النزاع على المدى الطويل تظل سؤالاً مطروحاً.
وكان تمرد مرتزقة فاغنر بقيادة يفغيني بريغوجين، أحد الموالين لبوتين، في يونيو/حزيران، مثالاً على ذلك، ومقتل قادة فاغنر في تحطم طائرة قيل إنه ناجم عن حادث، سمح للكرملين بطيّ هذه الصفحة، لكن أموراً أخرى غير متوقعة تبقى في الانتظار.
ويظل بوتين، في نظر الغالبية من مواطنيه، الشخص الذي أعاد لروسيا عزتها، بعدما قوّضها الفقر والفساد وإدمان بوريس يلتسين الكحول.
وكان بوتين قد وعد عندما دخل الكرملين وكان عمره 47 عاماً، ببناء أواصر الصداقة مع الغرب وقام بتطوير الاقتصاد مستفيداً من الأسعار المؤاتية للنفط والغاز.
وصفه الرئيسي الأمريكي السابق جورج دبليو بوش بأنه «شخص مميز»، وكان المستشار الألماني السابق غيرهارد شرودر ورئيس الوزراء الإيطالي السابق سيلفيو برلوسكوني صديقين له.
لكن بذور القطيعة مع الغرب سرعان ما نبتت وعبر عنها بوتين عام 2007 خلال مؤتمر الأمن في ميونيخ، في خطاب حاد اللهجة ألقاه على مسامع كبار الشخصيات الغربية.
عندها اتهم بوتين حلف شمال الأطلسي بتهديد روسيا من خلال التوسع وانتقد الولايات المتحدة، لأنها تنسب لنفسها «سيادة مطلقة» في العالم، وهي المبررات نفسها التي استخدمها لحرب أوكرانيا بعد 15 عاماً من ذاك التاريخ.
أما حياته الخاصة فمحاطة بالأسرار، فقد نشأت ابنتاه بعيداً عن الأضواء مع أن إحداهما ظهرت في السنوات الأخيرة في بعض المناسبات العامة.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات
https://tinyurl.com/mpmwy8nj

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"