عادي
يعود ليواصل بث صوت الشارع السوري

«موقف ميكرو» كرتون ساخر على «يوتيوب» عن المشاكل الحياتية

01:28 صباحا
قراءة 5 دقائق
حوار: زكية كردي

قبل 5 سنوات كان الموقف مختلفاً، كما كانت حال الحديث اليومي الذي يدور بين «بِرو» و«شادي»، شخصيتي برنامج «موقف ميكرو» الكرتوني الساخر الذي كان يتحدث عن المشاكل الحياتية البسيطة والمعقدة، وينتقد العادات الاجتماعية التي تناقلها الناس منذ عهود دون أن يفكروا بتغييرها يوماً. أما اليوم، وبعد مرور زمن على الغياب، يعود البرنامج حاملاً معه آثار قذيفة تركت ألوانها الكئيبة عليه، والكثير من الأحاديث التي تتناقلها نشرات الأخبار وتتربع على عرش الحوار في الشارع السوري، لكن لا تلتفت لها الدراما للأسف.

والبرنامج كما يعرفه عمار دبا وأحمد درويش، القائمان عليه، هو عمل فني كوميدي ساخر، يحاول جاهداً أن يتناول المواضيع الاجتماعية من زاوية لم يتطرق إليها أحد من قبل، ليقدمها لمشاهدي الإنترنت «أونلاين» متحدياً طبيعتهم الملولة بكثير من الاختصار والتركيز.
وخلال الأسطر القليلة المقبلة، نقترب من صانعي «موقف ميكرو» لنتعرف أكثر إلى عملهما والاختلاف الذي طرأ عليه مع مرور الزمن وسط الأحداث السياسية العاصفة التي تعصف بالشارع السوري.

} ما التغيير الذي طرأ على فكرة العمل في جزئه الثاني؟

دبا: الفكرة لم تتغير، فمنذ البداية كان الهدف أن نتحدث بصوت المواطن السوري، وننقل كلام الشارع، وأن نسد الفجوة بين العمل الفني بمختلف أشكاله، والواقع، من خلال طرح المواضيع والصور التي لا تناقش عادة في الأعمال الفنية عموماً.

} عرّفنا أكثر إلى شخصيات العمل؟

دبا: يوجد شخصيتان في العمل، «برو» بائع جرائد في أحد الأكشاك، ككثير من الباعة المتمركزين عند مواقف الحافلات «الميكروباص»، ولديه «بسطة» صغيرة، وهو نموذج منتشر في سوريا. وعلى الصعيد الشخصي هو رجل في العقد الخامس من العمر، ويمثل بدوره وجهة النظر الشعبية.

أما «شادي» فهو شاب جامعي يركب الميكروباص يومياً ليذهب إلى الجامعة، وأثناء انتظاره يتبادل أطراف الحديث مع «برو» ابن حارته، ويمثل بدوره الفكر المتحرر، الذي يرى الأمور من منظور مختلف إذ شعرنا بأنه من الضروري أن نطرح وجهة نظر هذين التيارين الفكريين، فلكل موضوع أوجه مختلفة، ولكن بشكل عام حاولنا في كل موضوع طرحناه، أن نأخذه من زاوية لم يتناولها الآخرون، ولم تخطر لهم، وهذا صعب، وطبعاً لم نستطع تحقيقه دوماً.

} ما أهم القضايا التي طرحتموها؟

دبا: كانت الأمور واضحة في الجزء الأول الذي قدمناه في عام 2010، مثل الأمور المعيشية، وانقطاع الكهرباء والماء، والعملة، والميكروباص، والمازوت، وفي العموم كانت الرسالة مجتمعية فقط، لكن بعد تغير الأوضاع في سوريا اختلف الأمر، وأراد الجميع «تسييس» البرنامج، لهذا قررنا أن نتوقف حتى نكون قادرين على إخراجه بهويته الصادقة التي اخترناها له منذ البداية، وهي الحيادية.

} هل تشاركونا خطة العمل المقبلة؟

دبا: على الإنترنت لدينا حرية أن ننتج حسب استطاعتنا، لكننا وضعنا خطة لإنتاج 26 حلقة في الوقت الحالي، لكن بعد فترة ربما تختلف الظروف. درويش: بعد فترة ربما نشعر بأننا استطعنا أن نغطي عدداً من القضايا الملحة، فنأخذ منحى مختلفاً، وتدخل شخصيات أخرى على العمل.

} كيف تختارون مواضيعكم؟

درويش: جزء كبير من اختيار الموضوع يتعلق بتناول قضية لم يتم تناولها من قبل أحد، فمهمتنا اختيار التفاصيل التي تتعلق بحياة الناس في الشارع، مثل الخطر الذي يعيشون فيه، وتغير سعر العملة، فآخر حلقة تتناول موضوع التنظيمات الإرهابية، بطريقة غريبة ومختلفة، فغايتنا تناول الواقع من وجهة نظر مختلفة لم يتحدث عنها الآخرون، ونتناول المواضيع البسيطة التي نعيشها في حياتنا اليومية.

} هل طرأت تغيرات على الشكل الفني في الجزء الثاني؟

درويش: بالطبع، فالشكل الفني يعكس الوضع الحالي في سوريا، فنسمع أصوات الانفجارات البعيدة والقريبة، حتى موقف السيارات نفسه تعرض لقذيفة، والألوان أيضاً تبدو كئيبة، وحرصنا على استغلال كل الرسائل البصرية الممكنة وغير المباشرة في الحلقة لخدمة الموضوع. وأعتقد أننا محظوظين لكوننا قادرين على القيام بهذا العمل بمساحة من الحرية، فشبكة الإنترنت تتيح لنا هذه المساحة من الحرية.

} بمناسبة الحديث عن الإنتاج، أخبرنا عن صعوبة تصديكم لإنتاج عمل كهذا.

درويش: الإنتاج ليس سهلاً، والاستمرار به صعب أيضاً، لكن نحن متفائلون بتفاعل الناس مع المسلسل، ونحن سعداء بانتشار الجزء الجديد، فالشباب بدؤوا يتفاعلون مع الحلقات، خصوصاً أنهم يتفهمون هذا النوع من الكوميديا ويحبونه، ويعيدون نشر الحلقات على صفحاتهم، ونأمل أن يكبر المسلسل ويبدأ بالاعتماد على نفسه ليمتلك القدرة على سد تكاليف الإنتاج.

} ما أهم المواضيع التي يتناولها الجزء الثاني؟

دبا: تناولنا موضوع اللجوء من زاوية مختلفة، إذ ركزت على الجانب السلبي في الموضوع، وتطرقنا أيضاً للصحفية التي قصدت عرقلة اللاجئين، بطريقة مختلفة، فافترضنا بأنها لكونها خسرت عملها، فلن تجد ما تعمله، لهذا ستمتهن فركشة اللاجئين، كما تناولنا حالة الشباب الذين يجلسون في تركيا ويقررون اللجوء، وطبعاً لكونهم لا يعملون ينتقل الضغط إلى أهلهم المقيمين في سوريا ليبيعوا منازلهم ويستدينوا حتى يغطوا مصاريف الرحلة لأبنائهم، وبعدها تناولنا مشكلة التغيير الديموغرافي، وأحب أن أنوه هنا بأن هذه المواضيع لا تناقش في الدراما أبداً، فهناك قصص خلفها أبعاد كبيرة جداً.

درويش: الحلقة قبل أن تخرج تمر بكثير من الفلاتر، فالغاية تسليط الضوء على المشكلة وليس التجريح بالآخر، أو التعرض للتجريح له.

} ما الرسالة التي تجمع مواضيعكم ككل؟

دبا: الفكرة الأساسية هي نقاش الإشكال الموجود في المنطقة، فهو ليس طائفياً، بل سياسياً، وله خلفية اجتماعية كبيرة، وهذه من أهم الرسائل في العمل، فنحن نتحدث مع الناس من الشارع نفسه.

} هل تعطينا لمحة عن أهم المواضيع التي تخططون لتنفيذها في المستقبل؟

هناك حلقة عن تنظيم "داعش" الإرهابي، وسنتناول فكرة غلاء الأسعار وتجار الحرب كما حصل مع مضايا، والغاية من ضرب المدارس، وأحب أن أوضح هنا أن «موقف ميكرو» عمل موضوعي، وحيادي، ولكنه ليس رمادياً، كما نتناول رموز الثورة، والمال السياسي، وهذه بعض الأفكار، بالإضافة إلى المواضيع الساخنة التي تظهر على الساحة في حينها.

} من الرقيب عليكم اليوم؟

درويش: الفلاتر ليست رقابية فقط، بل فنية أكثر منها رقابية، فالعمل الفني يجب أن يكون ذكياً، وبالنهاية أي فنان يعمل لمصلحة الناس، ونحن نسعى إلى نشر الوعي وإيضاح الصورة، لا لإيذاء مشاعر أحد، أو استفزازه.

دبا: نعتقد أن هناك شارعاً سورياً عريضاً جداً واقع في حيرة من أمره، وما يحدث على أرض الواقع يدعو للحيرة حقاً على جميع الأصعدة، ولهذا نحن كأبناء لهذه البيئة نحاول أن نضع إصبعنا على الخطأ لنبينه.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"