امتحانات «عن بُعد»

04:07 صباحا
قراءة دقيقتين
ابن الديرة

أدى أبناؤنا الطلاب امتحاناتهم في الثانوية العامة، ولا بدّ من وقفة تأملية للامتحانات التي تجرى عن بُعد، لأول مرة، لهذه المرحلة الحسّاسة، والدقيقة والمفصلية، في حياة هؤلاء الشباب الذين يستعدّون لدخول معترك جديد ومصيريّ، يحددون فيه مستقبلهم، باختيارهم للتخصص الأكاديمي الذي يرغبون فيه.
لا شكّ في أن التواصل «عن بُعد» في كثير من الأمور، بعد الوباء الذي اقتحم حياتنا، وحوّل كثيراً من تفاصيلها إلى منغّصات، في هذا الانكفاء القسريّ لكثير منّا، قد أثر بشكل كبير في النظام التعليمي التقليدي، وكل هذا بلا شك من قبيل الوقاية والاحتراز الضروري الذي آتى ثماراً طيّبة، وبأن القادم أفضل.
وبالعودة إلى الطلاب، وامتحاناتهم «عن بُعد»، التي ستترسّخ في ذاكرتهم، حيث إنها أول مرة يخوضون امتحاناً مصيرياً، بعيداً عن رهبة لحظات أولى خطوات دخول القاعة، وحميمية المقعد، ومصافحة القلم، وعناق الورقة، والتمعّن في محتوياتها، والاطمئنان إلى بعض الأسئلة التي يرون أن إجاباتها مضمونة مختزنة في الرأس، والعقل، وأخرى قد تبعث على القلق.. ثم تثبيت الرأس فيها، والبدء ب«الإجابات»، مع الرنوّ بين الحين، والآخر، إلى «المراقب» - وقد يكون أكثر من مراقب - بخطواته الوئيدة، ونظراته التي تذرع القاعة جيئة وذهاباً، يوزّع الحزم منعاً للغشّ تماماً، وفي الوقت نفسه، يضفي بعض الطمأنينة في نفوس الممتحنين.
هذا كلّه يرسخ في ذاكرة الطلبة، ويعيش معهم إلى آخر لحظة.. هذا كلّه افتقده أبناؤنا في امتحانات هذا العام، فأدّوا امتحاناتهم، كل في منزله، وأمامه «حاسوبه»، ينظر إلى شاشته، وينتظر السؤال المرفق بوقت إجابة محدّد، وبعد أن ينتهي هذا الوقت، يُسحب السؤال منه، ولا يمكنه العودة إليه. أمّا في «أيام» الورقة، فإن الطالب قد يكتب نصف الإجابة، ثمّ يعود لإكمالها، بعد تفكير، وتذكّر.
فضلاً عن عدم وجود «المراقب»، وقد «يستعين» بأحدهم، بطريقة، أو أخرى، لمساعدته في الإجابة، فالرقابة ليست كاملة.
وقد شكا طلاب من هذا الأمر، ومن قصر مدة الامتحان التي لم تتجاوز الساعة، ما قد يضطر بعضهم إلى ترك سؤال أو أكثر، بسبب ضيق الوقت.
وفي آخر اجتماع لمجلس التعليم والموارد البشرية، برئاسة سموّ الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، طرح وزير التربية والتعليم، تصوراً عن إمكانية إعادة فتح المؤسسات التعليمية في الدولة، وأن البت في القرار سيكون في سبتمبر/ أيلول، وفق ضوابط واشتراطات احترازية، واعتماداً على تقييم المتغيرات الخاصة بفيروس كورونا، وتبعاً للاشتراطات الصحية الصادرة عن الجهات المعنية.
لا شك في أن أبناء هذا الوطن، والمقيمين فيه، يتمتعون بحسّ عالٍ بالمسؤولية الوطنية، والمرجوّ أن تكون قرارات المستقبل في مصلحة الطلاب أوّلاً.. فهم عماد المستقبل.

[email protected]

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"