حكم مشاهدة التمثيليات

06:23 صباحا
قراءة دقيقتين
د. عارف الشيخ

التمثيليات والمسرحيات الكوميدية وغير الكوميدية والأفلام السينمائية، هي عبارة عن أدوار لأشخاص غير الأشخاص الحقيقيين، وإخبار عن أخبار غير الأخبار الحقيقية.
لذلك، فإن العلماء والفقهاء لا يجيزون الاشتراك فيها ولا مشاهدتها، لأنها إما أن تكون أدوارها أكاذيب مختلقة بقصد إضحاك الناس، أو أنها في أصلها الكذب، لأنه يمثل دور فلان وهو ليس ذلك الرجل، وبذلك فإن ما يقوله كذب لأنه ليس على حقيقته.
أضف إلى ذلك تلك المشاهد المختلطة التي لا يقرّها الشرع، بل وما يصاحبها من شرب ومعانقة وتقبيل وغيرها مما يفعلونه على اعتبار أنها أدوار غير حقيقية كما يقولون، ومن ثم لا يلحقهم الذنب والإثم، ومعلوم أن هذا العذر هو أقبح من الذنب.
ومن المعلوم والمشاهد اليوم أن كثيراً من الممثلين والممثلات يرتكبون المحظور شرعاً، فيستهزئون بالدين أحياناً أو برجال الدين أو بالصلاة أو غير ذلك بحجة أن الممثل يمثل فقط وهو ليس الشخصية التي يجسدها.
ورأينا أيضاً فلاناً المعروف بفسقه أو فجوره يمثل دور فلان الصحابي رضي الله عنه أو التابعي رحمه الله، فينبهر الناس بدوره الذي يبدو فيه وكأنه من عباد الله الصالحين.
وبعد الانتهاء من الدور في ذلك الفيلم أو المسرحية يرونه في مواقع خليعة وهو يرتكب المنكر أو المحرّم، مما يجعل الناس يغيّرون رأيهم حتى في الذي كان يمثل دوره في فيلم أو مسرحية.
وما نراه اليوم لا شك أننا لا نستطيع أن نقول بأنه مباح أو عمل مشروع، لكن ماذا نفعل إذا كان المعروف صار منكراً والمنكر صار معروفاً والعياذ بالله تعالى؟
أقول: من المؤسف أن الغلو تفشى في كل الميادين وكل المجالات، فالمحرم ليس ما نراه في الأفلام والتمثيليات فقط بل حتى بعض مشايخ الدين هم أنفسهم يرتكبون محظورات ومنهيات لا يقرّها الإسلام.
إن العبادة يجب أن تبقى عبادة خالصة ولا تقترن بالمحرّم، وإلا لم تكن لله، إذ لا يمكن أن نلهو ونلعب ونحسب أنفسنا في عبادة الله عز وجل.
انظر إلى من يبتهل إلى الله ويناجي ربه وهو يرقص ويغنّي، وربما أدى ذلك من خلال فرقة من الرجال والنساء.
وانظر إلى من يجلس في حلقة ويقرأ سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وحوله مجموعة بأيديهم دفوف وطبول يتمايلون طرباً ونشوة، ويحسبون عملهم ذاك حباً لرسول الله، ومعلوم أن كل هؤلاء اتخذوا من اسم الدين سبيلاً إلى الاتجار بالدين، ألا ترى أنهم يقيمون الحفلات بمبالغ خيالية، ويبيعون «السيديهات» بمبالغ طائلة؟
إذن لا فرق بينهم وبين المغنين والممثلين، فلماذا نبيح هذا العمل، ونحرّم عمل المغنين والممثلين؟ وما أدراك لعل قلوب المغنين أكثر نقاء وصفاء من قلوب هؤلاء الذين يروجون بضاعتهم باسم الدين.
من أجل ذلك لا نحرّم نحن العلماء التمثيل والغناء كتمثيل وكغناء، ولكن نحرمهما بناء على ما يشتملان عليه من محرم أو ما يصاحبهما من منكرات وتزييف حقائق.

التقييمات
قم بإنشاء حسابك لتتمكن من تقييم المقالات

عن الكاتب

مؤلف وشاعر وخطيب. صاحب كلمات النشيد الوطني الإماراتي، ومن الأعضاء المؤسسين لجائزة دبي للقرآن الكريم. شارك في تأليف كتب التربية الإسلامية لصفوف المرحلتين الابتدائية والإعدادية. يمتلك أكثر من 75 مؤلفا، فضلا عن كتابة 9 مسرحيات وأوبريتات وطنية واجتماعية

لاستلام اشعارات وعروض من صحيفة "الخليج"